الأحد 13 شباط (فبراير) 2011

انتصار انتفاضة مصر وهلع جيش الاحتلال

الأحد 13 شباط (فبراير) 2011 par علي بدوان

استطاعت انتفاضة الشعب المصري التي حققت نتائجها الحاسمة برحيل نظام حسني مبارك، أن تزعزع الحالة العامة لجيش الاحتلال «الإسرائيلي»، وأن تدفع المؤسسات الأمنية «الإسرائيلية» لتتبع مسارها المتسارع والتحولات الجارية في مصر في محاولة لفهم ما يجري هناك وتقديم الأجوبة المطلوبة «إسرائيلياً» وعلى مستوى الجيش «الإسرائيلي» خشية من ولادة جبهة جديدة في الجنوب بعد أكثر من ثلاثة عقود من الهدوء عليها.

وقد أصبح واضحاً أن تلك الانتفاضة المصرية، فاجأت هذه المؤسسات الأمنية والعسكرية حتى السياسية، وأصابتها بالذهول، فلم يكن في الحسبان لدى جهاز الموساد ولا المخابرات والاستخبارات في «إسرائيل» أن مصر سوف تشهد هذه الأحداث حتى بعد المؤشرات التي بدأت تتوالى بعد انتصار الشعب في تونس.

ففي أغلب التقديرات، وقبل أشهر خلت، كان جهاز الاستخبارات العسكرية «الإسرائيلية» وصناع القرار فيه، على قناعة تامة بأن عام 2011 هو عام إستراتيجي، لما قد يحمله من تغييرات تتعلق بالملف النووي الإيراني، وموضوع حزب اللـه وحركة حماس، ومواضيع التسوية مع الطرف الفلسطيني، ولم يكن لتشير تلك التقديرات إلى أي احتمال وقوع متغيرات إستراتيجية في مصر، سيكون لها الأثر العميق في مجمل منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك نمو «المحور المتطرف» وفق التسمية «الإسرائيلية» وبالتالي في ولادة تحولات دراماتيكية، قد تضطر «إسرائيل» لدفع ثمن باهظ جداً، وإلى إعادة ترتيب أولوياتها، بما فيها إعادة النظر ببنية «الجيش الإسرائيلي».

إن صاعقة الأحداث المصرية وانتصار الشعب المصري، اللذين وقعا على رؤوس صناع القرار في «إسرائيل» دفعت بـ(إفرايم هاليفي) قائد جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) للقول مؤخراً: «إن إسرائيل تحقق انتصاراً في النضال الدولي ضد المشروع النووي الإيراني، وإيران تتقهقر في أي مواجهة تخوضها الجهات التي تدور في فلكها مع إسرائيل، لكن وبالمقابل فإن ما جرى ويجري في مصر سيقلب الأوضاع رأساً على عقب».

وانطلاقاً من ذلك، فإن أول الاستخلاصات الرئيسية عند قادة «الجيش الإسرائيلي» من الأحداث الجارية في مصر (وبعيد انتصار الانتفاضة ورحيل نظام مبارك ومجموعة المخابرات الحربية التي يرأسها عمر سليمان والتي كانت تشكل سياجاً متيناً حول مبارك) تتمحور في جانب مهم منها حول وضع «الجيش الإسرائيلي» وضرورة إعادة تغيير النظر ببنيته وتشكيلاته التي سادت طوال الثلاثين عاماً الماضية من السلام مع مصر، ومن بين ذلك إعادة بناء عديد الجيش وتطوير تشكيلاته وملاكاته وإعادة النظر بجدولة تسليحه، والأخذ بعين الاعتبار احتمال عودة السخونة ولو بحدودها الدنيا إلى الجبهة الجنوبية، وبالتالي في تقرير اعتمادات مالية لميزانية الجيش تختلف عن سابقاتها بشكل كبير.
وحسب التقديرات العسكرية «الإسرائيلية» وحسب رأي رئيس الأركان الجنرال غابي أشكينازي، فإن بناء «القوة الإسرائيلية» لا يحتاج فقط إلى سلاح جوي قوي وطائرات (F-16، وM-16) مثلاً، لكنه يتطلب وفق (أشكنازي) سلاحاً برياً قوياً لمواجهة جبهة طويلة وعميقة ومتسعة مع مصر كما كان الحال قبل توقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979، الذي أضاف إلى أن الحرب باتت تختلف من نواح عديدة عن الحروب السابقة حال عادت السخونة إلى الجبهة الجنوبية، فضلاً عن أن الجبهة الشمالية مازالت أيضاً تشكل قلقاً لجيش الاحتلال، حيث يقول أشكنازي: «إن حماس وحزب اللـه لا يمكنهم احتلال إسرائيل، مستدركاً أنه لا يستخف بهما، ولكن حينما نتوجه لساحة المعركة، فجنودنا لا يرون كتائب، لأن العدو يختفي في محيط مدني، منطقة شجرية، وفي مناطق طبيعية وتحت الأرض، والتغيير الكبير الذي حصل هو أن الحرب تدور رحاها في عمق دولة إسرائيل».

ومختصر القول، إن جنرالات القيادة العسكرية للجيش «الإسرائيلي» والقيادات الأمنية ترى أن «مستقبل إسرائيل والمنطقة» في خطر إستراتيجي، وأن ما يجري في مصر سيؤثر في كل المنطقة، وبالتالي يجب على «إسرائيل» عدم الجلوس مكتوفة الأيدي أمام هذه التطورات، وبعد هذه التحولات الجارية في مصر وفي البيئة الإقليمية، معتقدين أن «قوة ردع إسرائيل» مقابل مصر بثقلها وحضورها وفعلها وتأثيرها الجيواستراتيجي هي قضية إستراتيجية. فالجيش «الإسرائيلي» يفترض أن يكبر وأن يشهد تضخماً جديداً إذا عادت مصر لتكون جزءاً من ساحة الصراع الساخن والمباشر مع «إسرائيل».

وعليه، كان رئيس أركان جيش الاحتلال الجنرال (غابي أشكنازي) قد دعا في أعمال مؤتمر هرتسليا في دورته الجديدة الحادية عشرة قبل أيام، إلى اعتماد ميزانية الدفاع التي ستحتاج المزيد من المخصصات في السنوات القادمة في أعقاب التحولات المتوقعة في البيئة الإقليمية مع استمرار الانتفاضة المصرية، وعلى ضوء تزايد قوة ما سماه أشكينازي «الإسلام الراديكالي لدى الجيران»، واتساع «قوس الصراعات» المحيطة بـ«إسرائيل» والآخذة في الاتساع.

أما رئيس شعبة التخطيط في هيئة الأركان العامة «للجيش الإسرائيلي» الجنرال (أمير إيشيل)، ومدير عام وزارة الخارجية (رافي باراك) فقد قدما تقديرات متشائمة أمام جلسات مؤتمر هرتسليا قبل أيام خلت، معتقدين وعلى ضوء ما حصل في مصر أن العام القادم سيشهد « تفاقماً في الوضع الإستراتيجي لإسرائيل بشكل خطير» وعلى ضوء هذه الحقيقة، طالب الاثنان بالقيام بمبادرة سياسية «إسرائيلية» التفافية لامتصاص ما جرى أو للتقليل من آثاره بالحد الأدنى. وانطلاقاً من ذلك، فإن قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية في «إسرائيل» يعتقدون الآن أن «إسرائيل» تقف في وضع إستراتيجي بالغ الصعوبة، وأن عليها الاستعداد للحرب على أكثر من جبهة، على ضوء ما وصفه بأنه ازدياد قوة المعسكر الراديكالي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165561

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

2165561 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 34


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010