الثلاثاء 18 كانون الثاني (يناير) 2011

تقرير: الأميركيون يصرون على المقاربة الأمنية

الثلاثاء 18 كانون الثاني (يناير) 2011

في رام الله، يمارس المسؤولون الفلسطينيون في السلطة سياسة الانتظار.. انتظار ما يحمله المبعوثون الأميركيون والأوروبيون من اقتراحات لاستئناف المفاوضات. ومع أنهم يعلنون بين حين وآخر عن مواقف غاضبة تصرح بأنها تملك بدائل ستسير في خط معاكس لأسلوب واشنطن في إدارة العملية السياسية، كتهديدهم بالتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يعترف بالدولة أو، في طموح أقل، للحصول على موقف دولي يعتبر الاستيطان غير شرعي، فإن المشهد يبقى على حاله: استيطان يتفاقم وتهويد يتسع في القدس، ولا شيء يتغير في التنسيق الأمني أو في شواخص اتفاق أوسلو ورعايته الفلسطينية المشددة في الضفة المحتلة.

إهدار الفرص

في جردة حساب سريعة، يتضح أن السياسة الرسمية الفلسطينية أهدرت وقتاً سياسياً ثميناً في العامين الماضيين، فقد كانت هناك منعطفات تقدم لها فرصة الانتقال إلى مواقع أكثر فعالية في التسوية لكنها أحجمت عنها.. كل البدائل التي تقدمت السلطة الفلسطينية إليها حتى الآن هو مجرد التلويح بالخيارات الأخرى، مع وجود محاولات أفعال متناثرة بعيداً عن مشهد التصادم السياسي المباشر من قبيل بعض اتصالاتها الدولية لرفع مستوى الممثليات الفلسطينية في الخارج إلى وضع سفارات أو ترسيم وجود السلطة في بعض الهيئات الدولية بصفة دولة.

وحين نتحدث عن الأفعال السياسية الحقيقية، فإن التوصيف الأقرب لسياسية السلطة الفلسطينية وطريقة تعاطيها مع العملية السياسية أنها مازالت سياسة رد فعل: هكذا كان الأمر قبيل توقف المفاوضات الرسمية غير المباشرة قبل أشهر، وهو أمر تكرر في كل لحظة كان يتفاقم فيها الاستيطان أو يتم الكشف عن مخطط استيطاني جديد، ثم يعود الغياب والعطالة بصورة إخراجية أخرى لدى رفض الحكومة الصهيونية وثائق فلسطينية تقدم تصورات للحل النهائي والمرحلي معاً.

طبعاً كان لدى السلطة الفلسطينية ومازال خيارات حقيقية، كوقف التنسيق الأمني ووقف المفاوضات غير المباشرة التي يبدو أنها مستمرة بشكل غير مسمى أو معلن، والتوجه الفعلي إلى مجلس الأمن لإعلان الدولة، حتى لو كان الفيتو الأميركي بالمرصاد، وهناك الخيار الذي تراه السلطة البديل الأصعب والأخطر وهو فتح الأبواب أمام الغضب الشعبي الفلسطيني وصولاً إلى انتفاضة شعبية، لكن المقاطعة في رام الله ظلت في محطة انتظار ما سيقدمه الأميركيون في اليوم التالي.

وثيقة أمن

خلال الأسابيع والأيام القليلة الماضية، كانت الرسائل الأميركية الموجهة إلى السلطة تؤكد أمرين: الأول أن واشنطن لا تملك تعديلاً عن موقفها من إخراج الاستيطان من المناقشات، وهي تعتبر أن لا عودة إلى الوراء، فالمرحلة السياسية المقبلة في الاقتراب من المفاوضات المباشرة هي لمناقشة عناصر اتفاق إطار للتوصل إلى عتبة حل ترى واشنطن انه يمكن (خلال فترة تمتد من عام إلى ثلاثة أعوام) أن يحسم مسألة الدولة الفلسطينية ويجعل حل موضوع الاستيطان تحصيلاً له. والأمر الثاني أن واشنطن تتبنى التصور الإسرائيلي بشأن أولوية الترتيبات الأمنية، التي يطالب بها الصهاينة، في أي اتفاق يسعى إلى ترسيم حدود الدولة الفلسطينية.

على هذه الخلفية، تلقي واشنطن بجعبتها الفارغة أمام الفلسطينيين إلا من الخيارات الإسرائيلية، لكنها تتقدم بحذر مرة أخرى كي لا تواجه الإخفاق العاجل على طريقة تجارب الأشهر الماضية، وتلجأ في ذلك إلى استخدام منتدبي ومبعوثي اتصالات تمهيدية لجس النبض، قبل أن ترسل مبعوثها الخاص جورج ميتشل مجدداً إلى المنطقة. وقد أكدت مصادر سياسية فلسطينية وصهيونية أن دبلوماسيين أميركيين على رأسهم دنيس روس مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما التقوا قيادات من الطرفين مؤخراً، على شكل جولات بدت أشبه بمفاوضات غير مباشرة لتقريب وجهات نظر الطرفين.. والجديد الأميركي هو اقتراح وثيقة أمنية أمريكية تتضمن ما قيل إنها أفكار تأمل واشنطن أن تكون منطلقا للوصول إلى خط انطلاق المفاوضات المباشرة مجدداً.

وكما يبدو، فإن تلك الأفكار الأميركية التي لم تتضح تماماً حتى اللحظة، تتضمن تبنياً نسبياً لمطالب “إسرائيل” الأمنية وتأمل انتزاع موافقة فلسطينية عليها من اجل إقناع “إسرائيل” باستئناف التفاوض حول ترسيم الحدود كما يطالب الجانب الفلسطيني.

من طريق أخرى

وإذ يدرك الأميركيون العقبات وصعوبة المهمة في إقناع السلطة الفلسطينية بالوصفة الأميركية الجديدة - القديمة، تربط مصادر فلسطينية بين جولة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في المنطقة حالياً، وبين إيقاعات التمهيد الذي تسعى إليه واشنطن إعداداً لإطلاق المرحلة المقبلة من المفاوضات، والتي من المتوقع أن تشهد كثافة اتصالات ومبعوثين أميركيين من بينهم أيضا المبعوث الأميركي دان شابيرو الذي سيسبق ميتشل إلى المنطقة خلال الأسبوعين المقبلين.

كلمة الوقت يرددها الدبلوماسيون الأميركيون كثيراً، فهم ورغم إيقاعات التحرك النشطة على خط رام الله القدس المحتلة القاهرة وعمان، فإنهم يخشون من الوصول إلى نهاية مغلقة أخرى، وفي هذا يبدو المزيد من الوقت السياسي المهدور مناسباً للصهاينة الذين يديرون بالفعل معركة حقيقية على الأرض وفي القدس تحديداً بما يكسبهم عوامل تقدم حقيقي في المواجهة السياسية حتى قبل أن تبدأ المفاوضات المباشرة. أما السلطة الفلسطينية، التي تقول صحيفة (معاريف) إنها رفضت مؤخراً إنشاء قناة اتصال سرية بناء على مقترح من إيهود باراك، فيبدو وفق مصادر فلسطينية مطلعة، أنها تدرس بالفعل المقترحات الأميركية الأمنية الجديدة. وتقول تلك المصادر إن تلك المقترحات كما يبدو سبق أن طرحت بطريقة أخرى، إلا أن السلطة حريصة على ألا تبدو في موقع الرفض، ومن المرجح أن تجيب على الأفكار الأميركية بلائحة من المطالب والتعديلات، وستتركز تلك التعديلات في مسألة “عمق” انتشار الجيش الصهيوني على “حدود الدولة” الفلسطينية المفترضة.

- ماهر رجا



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165631

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع خبايا وأسرار   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165631 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010