الخميس 13 كانون الثاني (يناير) 2011

الانفصال السوداني ليس حلاً

الخميس 13 كانون الثاني (يناير) 2011 par فيصل جلول

يبدو أن تعبير “الاستفتاء” هو تعبير ودود لدى استخدامه من أجل تمويه انفصال جنوب السودان عن شماله. كأن تقول مثلاً إن الرئيس الفلاني في الدولة الفلانية كان يشك في تأييد الرأي العام لسياسته فنظم استفتاء ليقطع الشك باليقين، إذ سيعرف بالمحصلة نسبة المؤيدين لسياسته والرافضين لها ومن بعد يتخذ القرار المناسب كما فعل الجنرال شارل ديغول بعيد الانتفاضة الطلابية عام 1968 وقرر التخلي عن الحكم بعد أن خذله مواطنوه في استفتاء شهير.

والتعبير عن الود في معرض دعم انفصال جنوب السودان يصل إلى الرئيس الأمريكي بارك أوباما الملون البشرة الودود أيضاً، والذي دخل إلى مسجد سيدي الحسين في القاهرة وألقى في جامعة المدينة خطاباً ظنه المحللون محباً للإسلام والمسلمين، وهو اليوم يبارك الاستفتاء ومغتبط بانفصال الجنوب عن الشمال لأسباب عديدة ليس أقلها تسليط السيف فوق رقبة إمدادات النفط الصينية وإنما أيضاً لاغتباط السود الأمريكيين السذج كنظرائهم البيض والذين يعتقدون أن الجنوب يقطنه السودان والشمال يقطنه البيضان العرب وان استقلال الجنوب أشبه بذراع استفزازية في وجه العرب والمسلمين.

تبقى الاشارة إلى التصريحات الودودة التي أطلقها الأمين العام للامم المتحدة ولكن المثيرة للتقزز إذ يهنىء السودانيين على الاستفتاء الذي يساوي الانفصال، ويخاله المرء منافقاً عالمياً عندما تعلو الابتسامة الصفراء الخفيفة شفتيه مرحباً بتدمير وحدة هذا البلد في حين يبتلع لسانه بوقاحة ما بعدها وقاحة أمام الغطرسة “الإسرائيلية” اليومية.

وبمواجهة كل هذا الود يطالعنا معلق عربي احترف لغة لعن الأنظمة العربية ليقول لنا بغضب مصطنع إن مشكلة انفصال جنوب السودان ناجمة عن بؤس القادة العرب وما شابه إلى آخر المعزوفة التي مللنا سماعها، في حين انه يعرف ونعرف جميعاً أن أطناناً من الكلام العربي ما كانت قادرة لفصل جنوب السودان عن شماله وأن راعي الانفصال ومدبره هو بوش الابن زعيم أكبر دولة في العالم بل حاكم العالم.. هذا الذي يقول وحده للانفصال كن فيكون وليس الانظمة العربية فمتى نتعلم أن نصف الأشياء المصيرية بأسمائها.

وكائنا ما كان الكلام المرسل عن انفصال ودود ل”جنوب السودان” فان القضية على ما تبين المؤشرات الأولى لن يغمرها الود أبداً. ذلك أن اليوم الأول من الاستفتاء ترافق مع اشتباكات دموية أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى في ابيي في حين لم ينتظر انصار”إسرائيل” نهاية الاستفتاء للاعراب عن كرههم للعرب والمسلمين وبالتالي التلويح بنجوم وأعلام الدولة الصهيونية ما يعني أن هؤلاء ربما يستعدون للانتقام والتطهير العرقي للعرب المسلمين المقيمين في الجنوب، ومن جهة أخرى أعطى سيلفا كير زعيم الانفصاليين الجنوبيين اشارة البدء بعد اقتراعه إذ قال “إن دماء قتلاه وقتلى حركته الانفصالية لم تذهب سدىً ما يعني أن الدولة المنفصلة سيكون لها حساب تصفيه تحية لارواح قتلاها، وإذا ما اضيف هذا المزاج الجنوبي الانتقامي إلى المشاكل العالقة بين الطرفين خصوصاً حول النفط والصمغ العربي وتقاسم ديون الدولة وحاجة الجنوبيين إلى بنية تحتية كاملة والخلافات الجنوبية الجنوبية الصعبة والمرشحة للانفجار بعد انحسار العدو الشمالي، إذا ما اضفنا ذلك كله نصل إلى استنتاج خطير مفاده أن انفصال جنوب السودان ليس حلاً بل وسيلة لاستئناف الحرب الأهلية عبر جيشين ودولتين وهي إن وقعت ستنأى عن الود بشقيه الصادق والمنافق.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2165682

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165682 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010