الأربعاء 15 كانون الأول (ديسمبر) 2010

تدويل فلسطين

الأربعاء 15 كانون الأول (ديسمبر) 2010 par رامي سلامة

بدا أن رؤية الوزيرة الأميركية هيلاري كلينتون قد أصابها العمى بالكامل، لتعتقد أنه بمجرد تقديم التزامات عامة بشأن تفعيل مفاوضات السلام من خلال جولات مكوكية، ستكون كافية لتجاوز أزمة السلام الأكذوبة.

وعلى القيادة الفلسطينية أن لا تقع في هذا الفخ، فالموقف الأميركي من السلام لم يعد مهما أصلا تجاه ما تبديه إسرائيل من رفض صارخ وعنجهي في وجه أميركا قبل العرب.

ولذا فإنه إذا ما قدّر لمنظمة التحرير، المضي في انتزاع سلسلة من الاعترافات بدولة للشعب الفلسطيني، حدودها الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتقدمها على مائدة التصويت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام المقبل، كسقف واقعي ومنطقي، لاستحالة استصدار قرار مشابه من مجلس الأمن.

فإن ذلك يعد خطوة بالغة الأهمية لفرض وقائع جديدة تنهي عبثية المفاوضات مع إسرائيل، وتقطع الطريق أمام التفرد الأميركي في إدارة المباحثات المتوقفة أصلا، إذ أن إسرائيل لا تزال تتعامل مع الفلسطينيين في ظل أوسلو وما تلاها، على أساس أنهم سكان لمناطق كانت خاضعة للسيادة أو الإدارة الأردنية والمصرية، يتم التفاوض مع ممثلهم، منظمة التحرير، من أجل إيجاد صيغة توافقية لحكمهم في كيان بلا سيادة.

وحتى الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وفرنسا، وإن أقروا أخيرا بالوجود الفلسطيني بمكونه السياسي، إلا أنهم لا يرون أراضي فلسطين المحتلة عام 1967 حقاً أصيلاً لأصحابها الأصليين، وإنما مناطق متنازعا عليها قابلة للتعديل أوالتبديل، ولا يرون أي سبيل لحل الدولتين إلا بموافقة إسرائيلية كاملة على شكل ومضمون تلك الدولة المزعومة.

هذا المسار الجديد الذي تقوده الرئاسة الفلسطينية، إن صح التزامها به إلى النهاية وعدم الرضوخ للضغوط، وجنت ثماره الآن في البرازيل والبيرو والاورغواي والأرجنتين، يجب أن يسير نحو استصدار مزيد من الاعترافات من دول في إفريقيا والأمم الكبيرة في آسيا (الصين والهند)، إضافة إلى الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة حركة عدم الانحياز، ليصار إلى نقل هذه الاعترافات إلى الأمم المتحدة واستصدار قرار يعوض ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المسلوبة.

وبطبيعة الحال فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لن يعني وفق هذه الصيغة غير الملزمة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، لأن تل أبيب لن تمتثل للقرار ولن تنسحب من الضفة والقدس المحتلتين، فضلا عن أنها تسعى حاليا لقطع الطريق على مثل هذا المسعى.

لكن القرار الأممي بحد ذاته يعد نصرا مهما، ويغير قواعد التعامل مع الفلسطينيين من شعب تحت الاحتلال إلى دولة محتلة. المطلوب فلسطينياً، أن يتم دعم هذه الخطوة، بعد أن تبدي الرئاسة الفلسطينية جدية والتزاما بالمضي نحو انتزاع الاعتراف الدولي، بحيث لا تكون هذه الخطوة مجرد تلويح على رفض إسرائيل وقف الاستيطان أو لحمل واشنطن لبذل ضغوط جدية على تل أبيب.

هذا التوجه أيضاً، يلزمه تحييد كامل للفكر الفصائلي مقابل المؤسساتية ـ الدولة، ليكون الحكم والفيصل بين حركتي فتح وحماس وإنهاء خلافهما الممجوج، ويفترض نضجا بتنازل كلتا الحركتين عن السيطرة الأمنية لصالح المؤسسة البيرقراطية. كما يلزم القيادة الفلسطينية في رام الله الأخذ بعين الاعتبار أهمية المضي إلى النهاية في مسار دبلوماسية اعتراف الأمم.

ويجب التنبيه إلى أن هذا المسار الجديد سينهي أي إمكانية للتوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، لكن من الضروري في المقابل التذكير بأن إسرائيل ومنذ انطلاق مسار مدريد، ماضية في قضم المزيد من الأراضي المحتلة، بل وبذريعة المفاوضات نجحت في توسيع دائرة علاقاتها الدبلوماسية بالمجان.

في مناطق كانت مرفوضة منها ولو ظاهرياً، كما أن إسرائيل لن تقبل بأي اتفاق نهائي يأتي بحل عادل للاجئين، وعليه فبدلا من اللحاق بسراب السلام، يلزم الفلسطينيين والعرب تحويل المسار بالكامل إلى جهة تحميل المجتمع الدولي مسؤولية إنهاء الاحتلال.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2176650

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2176650 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40