الأربعاء 15 كانون الأول (ديسمبر) 2010

تهديد وحدة السودان أو تهديد الأمن الإقليمي

الأربعاء 15 كانون الأول (ديسمبر) 2010 par عدنان السيد

الحديث عن السودان ذو شؤون وشجون . ولا ندري إذا كان أهل السودان، والعرب الآخرون، مدركين لنتائج انفصال الجنوب؟

على الأرجح قد يتجه السودان إلى صراعات قبلية مفتوحة على مصير مضطرب . فالقبيلة هي الوحدة الاجتماعية السياسية الأساس في مجتمع مترامٍ بالمعيار الجغرافي . وطالما أن انفلات الأمن في القرن الإفريقي هو القاعدة السائدة في العقدين الأخيرين، أي منذ انتهاء الحرب الباردة، فإن مصير السودان مهدّد، شأنه في ذلك شأن الصومال المفتّت، والدول الأخرى المتاخمة المهددة في أمنها ووحدتها .

الصوملة هي النموذج الخطر في القرن الإفريقي . ولعلها مطلب “إسرائيلي” قديم منذ زمن . هذا ليس (كتاباً تآمرياً) بل حقيقة أذاعها كبار قادة “إسرائيل” منذ ثمانينيات القرن الماضي . وها هي وثائق “ويكيليكس” تكشف المستور، وتطيح صدقية الدبلوماسية الراهنة .

قادة كبار من الحركة الشعبية لتحرير السودان، أي جبهة الجنوب، صرّحوا علانية بوجود علاقات طبيعية مع “إسرائيل” . ولماذا لا تكون طبيعية، حسب زعمهم، طالما أن النزاع (مجرد نزاع) هو بين الفلسطينيين و”الإسرائيليين”؟ ورحبوا بإقامة علاقات دبلوماسية مع الدولة الصهيوينة فور انفصال جنوب السودان إلى دولة مستقلة بعيد استفتاء على حق تقرير المصير، من المزمع إجراؤه في الشهر المقبل .

إلى ذلك، تنشط جهات انفصالية أخرى في إقليم دارفور باحثة عن استقلالٍ ذاتي يقود لاحقاً إلى انفصال آخر . وعبثاً تبحث العاصمة القطرية عن وساطة بين الانفصاليين وحكومة الخرطوم حفاظاً على وحدة البلاد، ومنعاً لاستمرار النزاع والتصدّع الداخلي . فما جرى إقراره منذ شهور تحت عنوان (اتفاق الدوحة) لا يزال حبراً على ورق، بعيداً من التنفيذ على أرض الواقع .

تماهت قبائل شرق السودان مع غربه وجنوبه، فراحت تحضّر للانفصال تحت عنوان الحقوق الإقليمية، وحقوق الإنسان، والرغبة في تحقيق تنمية مزعومة . أي أن النتيجة المتوقعة وفق هذا المشهد الانقسامي هي نشوء أربعة كيانات سودانية على الطريقة الصومالية، أي طريقة التنازع القبلي والتخلف الاجتماعي والسياسي . إن الذين يرجعون هذه التداعيات الخطيرة إلى أخطاء متراكمة منذ سنوات عند المؤتمر الوطني الحاكم مصيبون في تحليلهم . ولكنهم يعالجون المشكلة القائمة بمعضلة أخطر وأدهى، إنها معضلة تقسيم السودان . إنهم يتجاهلون صراعات قبلية آتية داخل كل إقليم، ما يفاقم مشكلات النزوح في السودان المجزأ وفي القرن الإفريقي .

نعم، هناك ضغوط وتدخلات خارجية إقليمية ودولية لضرب وحدة السودان . نعم، هناك استهداف لأمن السودان وأمن وادي النيل والقرن الإفريقي . نعم، هناك جموح “إسرائيلي” للسيطرة على القرن الإفريقي، ومنطقة أعالي النيل بين إثيوبيا والسودان، ومضيق باب المندب الذي أقفلته البحرية المصرية في الحرب العربية “الإسرائيلية” سنة 1973 .

ماذا فعلت وتفعل الحكومة المصرية لتدارك المخاطر القادمة من السودان؟

لا يجوز لنا الحديث نيابة عن الحكومة المصرية، ولا تأويل مواقفها، ولا اتهامها بالعجز أو التقصير . جل ما في الأمر، أن أمن مصر مرتبط بأعالي النيل، وهو امتداد لأمن السودان . هذه حقيقة جيواستراتيجية منذ أن نشأت مصر، هبة النيل . حسبنا في هذا المجال دراسة أمن وادي النيل منذ حملة نابليون وغزو مصر في مطلع القرن التاسع عشر، مروراً باستراتيجية محمد علي باشا، وصولاً إلى سياسة جمال عبدالناصر .

لن نتحدث عن تهديد الوحدات الوطنية العربية في المشرق وشبه جزيرة العرب ودول المغرب . ما نقوله هو إن أمن العرب، على المستويين القومي والوطني، مهدد وإن حالات جديدة من التراجع آخذة بالظهور من كردستان العراق إلى القرن الإفريقي، ما يستدعي الوعي والحركة .

وعي بالمخاطر الراهنة والآتية . وحركة طال انتظارها للدفاع عن الأوطان والأمة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165564

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

36 من الزوار الآن

2165564 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 33


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010