السبت 11 كانون الأول (ديسمبر) 2010

فتح وحماس ومصير الحوار الفلسطيني

السبت 11 كانون الأول (ديسمبر) 2010 par علي بدوان

انتهت الجولة الحوارية الأخيرة بين حركتي فتح وحماس في دمشق، دون نتائج جدية تذكر كما توقع بعض المراقبين في الساحة الفلسطينية، علماً أن الجولة الأخيرة جاءت بعد توقف وإرباك ما زالت أسبابه غير مشخصة تماماً حتى الآن، وإن تعددت الأقاويل بشأنها، في إشارة لمشكلة المكان تارة، ومشكلة جدول الأعمال تارة ثانية، والدور المصري تارة ثالثة.

فقد بدت أجواء لقاءات دمشق الفتحاوية الحمساوية في جلستها الحوارية الأولى التي عقدت في الرابع والعشرين من سبتمبر الماضي، مشجعة ومثيرة للتفاؤل على طريق التوصل إلى اتفاق مصالحة، فلم يتم هذه المرة وضع شروط بأن تكون التفاهمات المشار إليها أعلاه، بعد توقيع الورقة المصرية أو غيرها، بحيث تتم هذه التفاهمات بين حماس وفتح ومجمل الفصائل الفلسطينية، لتصبح جزءاً لا يتجزأ من توقيع الورقة المصرية نحو إنهاء حالة الانقسام. لكن الجولة الثانية الأخيرة التي عقدت في دمشق في التاسع من الشهر المنصرم، كانت غير مشجعة، ومثيرة للقلق، رغم الاقتراحات الجديدة بشأن المصالحة، والتي تحدثت عن وضع الورقة المصرية والملاحظات عليها، وورقة التفاهمات ك«وديعة» عند جامعة الدول العربية، حتى لا يستطيع أي طرف لاحقاً التنصل من التزاماته أو الادعاء لأي سبب كان انه يتهرب منها.

ومع هذا، فان تفاؤل البعض من الفلسطينيين بشأن الحوار الفتحاوي الحمساوي وما قد ينتج عنه، انطلق من الحراكات والوقائع الأخيرة المتعلقة بانسداد أفق التسوية على مسارها الفلسطيني/ الإسرائيلي، والتي سحبت بمفاعيلها الحالة الفلسطينية عامة، ودفعت بها للبحث الجدي هذه المرة عن السبل الكفيلة بوضع حد للانقسام المدمر وإغلاق ملفه، بعد أربع سنوات من التشرذم والتفكك الذي دفع الشعب الفلسطيني ثمنه الباهظ على كل المستويات، وأضعف الحالة الفلسطينية بشكل عام.

فالتفاعلات الحية المباشرة التي أحدثتها الانتكاسات التي وقعت خلال الجلسات الثلاث الأولى من المفاوضات المباشرة، وعودة حكومة نتنياهو لتنشيط عمليات التهويد والاستيطان، تركت وقائعها المباشرة على مسار المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية المنشودة، وعلى الجهود المبذولة من قبل مختلف الأطراف العربية والصديقة، الهادفة للوصول إلى برها، حيث علت الأصوات المنادية بضرورة ردم الهوة وإغلاقها في الساحة الفلسطينية.

لكن الإدارة الأمريكية التي لا تريد أصلاً للمصالحة أن ترى النور، «لإتاحة الفرصة للجانب الإسرائيلي للانفراد بمفاوض ضعيف في المفاوضات المباشرة» على الأقل، تعمل الآن وفي سياق جهودها لإدامة الانقسام الفلسطيني من جانب، ولإدامة المشاركة الفلسطينية في اللعبة التفاوضية من جانب آخر، تعمل على إخراج «أرنب جديد» من جعبتها، عنوانه وجود «تعهدات من قبل الرئيس اوباما بإقامة دولة فلسطينية»، وأن تلك التعهدات «معرضة للسحب الفوري» حال وقف الفلسطينيين لمشاركتهم في المفاوضات المباشرة احتجاجاً على استمرار عمليات الاستيطان.

وفي هذا المسار، فان واشنطن ما زالت تضع العراقيل التي تحول دون تحقيق المصالحة، وما زالت تروج لمقولتها المعروفة بأن قبول رفع الحصار كلياً عن قطاع غزة والتعاطي مع مجمل الحالة الفلسطينية بتشكيلاتها السياسية المختلفة، يستوجب من الجميع «الاعتراف بشروط الرباعية الدولية» التي تتضمن الاعتراف المباشر بإسرائيل وحقها التاريخي في الوجود (لاحظوا العبارة: الاعتراف بحقها التاريخي في الوجود، وليس الاعتراف بها!)، ونبذ المقاومة بوصفها إرهاباً، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة كاملة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية، علماً بان الطرف الذي ماطل وخرج عن الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة، هو الطرف الإسرائيلي قبل غيره، خصوصاً حين قام الجنرال شارون باستخدام مواقع السلطة الفلسطينية التي دمرها الطيران الحربي الإسرائيلي، أثناء حصار المقاطعة ورحيل الشهيد ياسر عرفات.

ومع محاولة الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو الالتفاف على المطالب الدولية بوقف عمليات الاستيطان والتهويد، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وسد الطريق أمام إمكانية استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، فقد بات ملف المصالحة الفلسطينية يمر الآن (قياساً بالمرحلة الماضية) بمنعطف حاسم، خصوصاً بعد الاجتماع الأخير في دمشق بين وفد قيادي من حركة فتح ووفد مواز من قيادة حركة حماس، حيث يشير العديد من المصادر إلى أن القاهرة تلقت دعماً عربياً من مختلف الأطراف العربية الفاعلة والمؤثرة، وصف ب«القوي» لتحريك الجمود في ملف المصالحة الفلسطينية المتعثرة، ولتقريب وجهات النظر مع حركة حماس بشأن الورقة المصرية إياها، والوصول إلي صيغة توافقية في ملف المصالحة. فيما أفادت المصادر ذاتها بأن القاهرة باتت تقبل من ناحية مبدئية الاقتراح الذي قدمته مجموعة من الشخصيات الفلسطينية المستقلة، برئاسة يوسف الوادية من قطاع غزة ومنيب المصري من الضفة الغربية والقدس، وينص على أن تقوم حركة حماس بالتوقيع على الورقة المصرية، على أن يتم إرفاق كل ملاحظاتها على الورقة في وثيقة مستقلة لتصبح جزءاً من الاتفاق.

وعليه، فان النتائج المتواضعة جداً التي انتجها اجتماع دمشق الأخير بين حركتي حماس وفتح، تمثلت في اللقاء بحد ذاته فقط. وبالطبع فان النتائج المتواضعة لا تعني أن الملف المتعلق بردم الهوة في البيت الفلسطيني قد أغلق، أو أن الأمور انتهت عند تلك الحدود. والسبب الرئيس في ما نذهب إليه بهذا القول الأخير، يعود إلى الحاجة الملحة لكل الأطراف، خصوصاً حركتي فتح وحماس لتقديم الجديد للشعب الفلسطيني، الذي بات قلقاً على مصيره الوطني، كما بات أسير «الضجر» والضياع السياسي والتنظيمي، الذي استولده الانقسام الراهن.

أخيراً، على كل الحريصين على وحدة الصف الفلسطيني، التحرك من أجل إعلاء صوت الوحدة الوطنية قولاً وعملاً، والتوحد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وعدم إعطائه أي عذر لمواصلة اعتداءاته وجرائمه.. وان لم يحل الفلسطينيون مشاكلهم الداخلية بأنفسهم وبقلب فلسطيني موحد، فلن يحلها لهم أحد.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165400

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165400 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010