السبت 4 كانون الأول (ديسمبر) 2010

عبد الله حوراني من «المسمية» إلى العروبة

السبت 4 كانون الأول (ديسمبر) 2010 par علي بدوان

لم يمهله المرض زمناً إضافياً، فمات واقفاً مغادراً الحياة الدنيا صباح اليوم (29/11/2010) فخسرت فلسطين برحيله زيتونة خضراء عتيقة نمت جذورها في قرية المسمية المحتلة عام 1948 والتابعة لقضاء قطاع غزة، وخرجت من بين وديانها وأرضها الطيبة، وارتوت بمائها العذب، واستنشقت إكسيرها الممتد تموجاً من البحر إلى النهر ومن رأس الناقورة حتى رفح.

عبد الله الحوراني، ابن الحركة القومية العربية وجناحها البعثي، نشأ بين الناس في ميدان الحركة القومية وأحزابها في المنطقة، حيث لعب إلى جانب العديد من الشخصيات الفلسطينية المعروفة دوراً كبيراً في تأسيس بدايات الحضور التنظيمي لحزب البعث في الضفة الغربية وقطاع غزة سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، إلى جانب عبد الله الريماوي الذي أصدر جريدة «البعث» في القدس عام 1949، عبد الله نعواس، الشهيد خالد اليشرطي، الشهيد كمال ناصر، بهجت أبو غربية، بسام الشكعة، حمدي عبد المجيد، وليد عبد الهادي، سليمان الحريري، روحي الزمر، بهجت الساكت، أحمد المرعشلي، يوسف البرجي، فريد غنام، حسني الخفش، الشهيد زهير محسن، فيصل حوراني، محمد أبو ميزر، كمال كعوش، سميح أبو كويك (قدري)، عبد المحسن أبو ميزر، إضافة إلى فاروق القدومي (أبو اللطف)....

حفر مسيرته الفلسطينية انطلاقاً من مدارس وكالة الأونروا في مخيم خان يونس في قطاع غزة طالباً ومعلماً، وصولاً إلى كلية الآداب في جامعتي القاهرة ودمشق، التي شكلت كلاً منهما بالنسبة له مدخلاً مساعداً ساهم في تحولّه السياسي والفكري منذ التحاقه بتنظيم حزب البعث في قطاع غزة خمسينيات القرن الماضي، ومن ثم تفرغه الكامل للعمل السياسي ومساهمته بتأسيس منظمة الصاعقة نهاية العام 1967 إلى جانب كلٍ من: لطف غنطوس، عمر خليفة، إميل صبيح، يوسف البرجي، هاجم الهنداوي، ضافي الجمعاني (أبو موسى)، محمود المعايطة، حسن الخطيب، محمد رباح، الشهيد أمين سعد (الأخضر العربي)، علي أبو الهوى، سليمان أبو منديل، يوسف قطناني (أبو الوليد)، ياسر عمرو، زهير محسن، حنا بطحيش... وتوليه بعد ذلك منصب المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون بدمشق، ومن ثم في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن غادر دمشق عام 1974.

لقد كان الراحل عبد الله الحوراني من جيل أولئك الفلسطينيين الذين شبّوا في إطار الاتجاهات العروبية والقومية، داخل صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية الحديثة والمعاصرة في الداخل الفلسطيني وفي باقي مواقع اللجوء والشتات، ومن صنف الذين اندغمت رؤيتهم السياسية والفكرية مع الصعود الهائل للتيار القومي في المنطقة في حينها، وخصوصاً جناحيه الرئيسيين المتمثلين بحركة القوميين العرب، وحزب البعث العربي الاشتراكي، فضلاً عن الحركة الناصرية.
وفي هذا الإطار، كان عبد الله الحوراني من جيل التيار القومي العربي المنادي بالوحدة العربية الشاملة والمراهن على العمل العربي المشترك للرد على النكبة ونتائجها، واستعادة الحقوق والأرض الفلسطينية تحت شعار (الوحدة العربية طريق فلسطين).
ومن هنا، لعب الراحل عبد الله الحوراني دوراً استقطابياً فاعلاً في ظل المد القومي الذي اجتاح المنطقة سنوات الخمسينيات والستينيات، واندلاع ثورة الجزائر الكبرى عام 1954، واكتساح الخطاب الناصري ميدان الفعل والعمل الجماهيري، في الفترة التي تلت، وصولاً نحو فجر الولادة العسيرة للكيانية التمثيلية للشعب الفلسطيني بعد سلسلة من التحولات التي أفضت للانتقال للجمع بين (الوطني/ والقومي) بين (الخصوصية الفلسطينية/ والقومية).

لقد كان الراحل عبد الله الحوراني من صنف أولئك الرجال الذين دفعوا باتجاه الجمع بين الوطني والقومي، مستنداً لتجربته الطويلة التي اختمرت بعد أن خاض غمارها في إطار التيار القومي العربي وفي صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية داخل منظمة التحرير.

عبد الله الحوراني، حامل شهادة التجربة الميدانية في كل الساحات التي عمل فيها، فزاوج بين الحضور الشخصي المتميز في البساطة والتواضع والتعفف وبين الهم الوطني الذي تعاظم داخل ثنايا مكونات شخصيته، وداخل سيكولوجيا اللاجئ الفلسطيني القادم قسراً من قرية المسمية المحتلة إلى قطاع غزة ومن ثم إلى الشتات في سوريا ولبنان، والعيش في قلب الهم المسكون داخل نفوس الفلسطينيين من لاجئين في دياسبورا الشتات، والى ميدان الولادة العملاقة لأجيال اللجوء والشتات وهي تحمل البيارق دماً وباروداً وقرطاساً ومداداً من العطاء على طريق العودة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 100 / 2165612

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165612 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010