الأحد 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

تصريحان لافتان حول التسوية والتفاوض

الأحد 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

خلال اليومين الماضيين سمعنا تصريحين لافتين حول التسوية والتفاوض أو الملف الفلسطيني بتعبير أدق، الأول من الرئيس الفلسطيني والثاني من الرئيس المصري، ولا حاجة للتذكير بأن الرجلين هما الأكثر تأثيراً في الملف المذكور خلال المرحلة الراهنة، من دون أن يعني ذلك تهميشاً تاماً للآخرين.

التصريح الأول كان للرئيس المصري إثر لقائه بالعاهل البحريني، حيث دعا إلى استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، محذراً من أنه بغياب المفاوضات ستبني الدولة العبرية المستوطنات على كل الأراضي الفلسطينية.

وفيما أوضح الرئيس المصري أن بلاده لا تفرض شيئاً على الفلسطينيين، وإنما “تتناقش” معهم و“تنصح” لهم، فإن واقع الحال يؤكد أن القاهرة كانت ولا تزال المرجع الأكبر بالنسبة للسلطة الفلسطينية، لاسيما حين تنسجم في مواقفها مع ما يريده قادتها، أي استئناف التفاوض الذي يشكل حياة بالنسبة إليهم، هم الذين تورطوا في شرط وقف الاستيطان كشرط للمفاوضات المباشرة بسبب أوباما الذي اعتقد أن بوسعه فرض ذلك على نتنياهو قبل أن يتبين أنه أضعف من ذلك بكثير.

كلام الرئيس المصري يؤكد الوجهة التي تتبناها القاهرة ممثلة في العودة إلى المفاوضات، إذ لا يعقل أن يجاهد أوباما من أجل إقناع نتنياهو بتجميد الاستيطان لمدة ثلاثة أشهر في الضفة الغربية باستثناء القدس ثم يأتي من يقول له لا، لاسيما ونحن نعلم حاجة القاهرة إلى رضا واشنطن بسبب الانتخابات التشريعية أولاً، وبسبب الانتخابات الرئاسية بعد ذلك (أطلق التصريح يوم الخميس الماضي، أي قبل الانتخابات الأولى بثلاثة أيام).

والحق أن منطق الرئيس المصري بشأن ضرورة استئناف المفاوضات ليس جديداً، فهو ذاته الذي استخدمته القيادة الفلسطينية لتوقيع اتفاق أوسلو، وبعد ذلك سائر خطوات التفاوض، بما في ذلك التفاوض مع أولمرت ثلاث سنوات وهو يصعد الاستيطان على نحو مسعور. ودعك من القول إنه منطق غريب يتعامل مع الاستيطان كما لو كان قدر الله في الأرض، ولا مجال لتفكيكه لو فرضت وقائع جديدة على الاحتلال، بدليل مستوطنات غزة التي كان شارون يشبهها بمستوطنات الضفة الغربية الكبيرة التي وافق الرئيس الفلسطيني على الإبقاء عليها تحت مسمى تبادل الأراضي.

التصريح الثاني الذي نحن بصدده صدر من الرئيس الفلسطيني، فقد كرر الرجل رفضه لمشروع الدولة المؤقتة، لكنه عاد واستدرك قائلاً، إنه إذا كانت تلك الدولة في إطار حل معروف النهاية فمن الممكن التفكير فيه.

هذا تطور جديد وبالغ الأهمية في واقع الحال، حيث دأب الرئيس على الرفض من دون لكن، مع التذكير (من باب المناكفة) بأن حماس قد وافقت على تلك الدولة عبر ورقة أحمد يوسف كما عرفت في الأوساط السياسية، وهي ورقة سلمتها جهات أوروبية للمذكور ورفضتها حماس رفضاً قاطعاً.

اللافت في تصريح الرئيس الفلسطيني هو قوله قبل الاستدراك إننا لو قبلنا بها (الدولة المؤقتة) ليومين فستكون هي الدولة ذات الحدود الدائمة ودون القدس.

إذا جئنا نفكر في الطريقة التي ستدفع الرئيس نحو قبول تلك الدولة فلن يكون الأمر صعباً بحال، إذ سيتم ذلك من خلال ورقة ضمانات أمريكية، والأرجح من خلال اتفاق الإطار الذي سيظهر لاحقاً، حيث سيقال إن تلك الدولة هي محطة قبل التفاوض حول قضايا الحل النهائي، والنتيجة أن ذلك يأتي تكراراً لما ورد في خريطة الطريق التي اعتبرت الدولة المؤقتة مرحلة ثانية بعد المرحلة الأولى التي يتم خلالها التأكد من وقف الفلسطينيين للإرهاب والتحريض.

اتفاق الإطار لن يغني عن الرئيس وفريقه شيئاً، فما قاله هو الذي سيحدث، إذ سيتحول المؤقت إلى دائم، ربما مع بعض التغييرات الطفيفة، حيث ستغدو الدولة المؤقتة (في حدود الجدار وبدون سيادة ولا القدس ولا عودة اللاجئين)، ستغدو دائمة وذات نزاع حدودي مع جارتها. أليس هذا ما يتحرك على الأرض منذ أربع سنوات برعاية دايتون (آلان مولر) وتوني بلير وتنفيذ سلام فياض؟

بدورنا قلنا وسنظل نقول إننا على يقين من أن هذه الصفقة لن تمر، حتى لو مرت مراحلها الأولى، فشعبنا العظيم لن يقبل بها بأي حال، ولن يلبث أن ينتفض في وجهها بعد وقت لن يطول بإذن الله.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165905

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165905 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010