الثلاثاء 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

هل العالم مُقبل على أزمات سياسية حادة تنبع من فوهة بندقية الاقتصاد؟

الثلاثاء 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par سعد محيو

الأرجح أن الأمر سيكون على هذا النحو، خاصة أن الأزمة ومعها فوهة البندقية الاقتصادية، يعودان كلاهما إلى الاقتصاد الأقوى والأكبر في العالم: الاقتصاد الأمريكي .

لكن، لماذا ستتحوّل المعضلة الاقتصادية إلى مشكلة سياسية؟

لأن اعتماد الولايات المتحدة على مكتب الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) للخروج من الورطة الاقتصادية الراهنة، فيما كبار رجال الأعمال والسياسيون يسترخون في ثكناتهم مكيّفة الهواء، هي مغامرة كبرى غير محمودة العواقب . فالسياسة النقدية لم تعد كافية وحدها لحلحلة الأزمة الاقتصادية التي تحتاج إلى تدخّل حكومي ضخم بالتحديد لأنها مشكلة ضخمة، إذ هي لاتزال تُظهر ملامح عديدة مُشابهة لأزمة الكساد الكبير العام ،1929 سواء من حيث امتناع المُستهلكين عن الاستهلاك، أو من حيث تردد المستثمرين في الاستثمار .

وفي هذه الأثناء، يواصل معدل البطالة في الارتفاع ليصل إلى أعلى مستوى له منذ ربع قرن، فيما سوق العقارات الذي انطلقت منه شرارة القروض الفاسدة قبل عامين يتخبط بين فكي كماشة الضعف والقلق .

وكما أظهر آخر تقرير حول الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي، فإن الدخل القومي لا يزداد سوى بأقل من 2 في المئة سنوياً، وهذا غير كافٍ البتة لتشجيع الشركات على توظيف عمال جدد على نطاق واسع في الداخل الأمريكي .

الحل الذي تحاول واشنطن فرضه، عبر ضخ ال600 بليون دولار، يستند ببساطة إلى تصدير أزماتها الاقتصادية (مجدداً) إلى الخارج، من خلال المزيد من إضعاف الدولار الأمريكي في مقابل العملات الأخرى، خاصة منها العملة الصينية، وهذا سيقود مباشرة إلى توترات سياسية بين الولايات المتحدة وكلٍ من الصين والدول الأخرى .

البعض أطلق على عملية تصدير الأزمات هذه تسمية العولمة “وفق المزاج” (A la carte)، أي أن الولايات المتحدة التي تتزعم ثاني ظاهرة عولمة في العالم خلال قرن واحد (الأولى كانت من صنع الإمبراطورية البريطانية الغابرة منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى الحرب العالمية الأولى)، تعمد إلى اختيار ما يناسبها من وليمة العولمة وترمي الفتات لباقي دول العالم، أو حتى تحاول أن تدفّعها ثمن اختياراتها وتفضيلاتها .

بيد أن مثل هذه السياسة ستكون قصيرة العمر ومحدودة النتائج، إذ في لحظة ما، ستقف الصين وأوروبا وباقي دول مجموعة العشرين على قدميها لتقول للولايات المتحدة: كفى . وحينها سيصبح مصير الدولار، بوصفه عملة الاحتياط الاستراتيجي الأبرز في العالم، ومعه مستقبل الزعامة الأمريكية في العالم، على كف عفريت .

متى يمكن أن يحدث ذلك؟

فلنراقب أولاً، وبدقة، طبيعة ومدى الأزمات السياسية المُنطلقة هذه الأيام من فوهة الاقتصاد الأمريكي المأزوم . فإذا ما كانت هذه الأزمات عميقة وحادة، فهذا يعني أنه لن يطول الوقت قبل أن تصبح لكلمة “كفى” في وجه أمريكا، اليد العليا في كل مداولات السياسة الدولية . وقد حدث تطور مماثل لهذا قبل قرن مع بريطانيا، حين وقفت أيضاً دول صاعدة جديدة وقالت لبريطانيا، التي كانت تستثمر هي الأخرى عولمتها “وفق المزاج “: “ستوب” . وحينها بدأت الشمس تغيب عن الإمبراطورية البريطانية، على رغم اقتناع الكثيرين آنذاك بأن هذا لن يحدث أبداً، لكنه حدث .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165426

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165426 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010