الخميس 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

حشو خيارات

الخميس 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par حسام كنفاني

قبل أقل من شهر من اليوم، خرج محمود عبّاس ليبشّر الفلسطينيّين بأن لا ييأسوا، فالسلطة لديها أربعة خيارات تنوي استخدامها في مواجهة الفشل التفاوضي. حينها كان أبو مازن يحاول الإشارة إلى أن سلطته ليست عاجزة، بل هي قادرة على اجتراح حلول خارج السياق الأميركي و«الإسرائيلي»، وربما بمباركة عربية. لم يلجأ عبّاس بعد إلى أيّ من حلوله، بل عمد إلى تكديسها. فقبل أيام ظهر أبو مازن ليعلن تزايد الخيارات، التي انتقلت من الرقم أربعة إلى الرقم سبعة.

«أبو مازن والخيارات السبعة» عنوان كان مناسباً لإعلان «الرئيس» الفلسطيني، وينفع لاستخدامه في قصص الأطفال، ولا سيما إذا ما تمعنّا بما يعدّه «الرئيس» الفلسطيني من «مفاجآت» (للإسرائيليين) خصوصاً، إذ إنه لا ينوي السير في أي خطوة تتعارض مع الرغبات الأميركية والعربية.

عبّاس يوحي بأنّ ما في الجعبة الفلسطينية قادر على إخراج الأوضاع التفاوضية من النفق المظلم، الذي كان بالأساس أحد مسبّبيه. لكن قراءة ما يُعدّ، أو على الأقل ما يسعى أبو مازن إلى الإيهام بأنه يُعدّه، يثير الكثير من السخرية حتى بين المسؤولين الفلسطينيّين أنفسهم، الذين لا يأخذونه على محمل الجد، وهم بالتأكيد محقّون في ذلك.

الخيارات السبعة متفرّعة من الأربعة ولا تزيد عليها بشيء، إلّا في تقسيم المراحل التي كانت موجودة سابقاً، وطرحها على اعتبارها إجراءً قائماً بحدّ ذاته. كالعادة، الخيار الأول بالنسبة إلى أبو مازن هو أن ترعى الولايات المتحدة استئناف المفاوضات مع شرط توقف البناء في المستوطنات. هذا الخيار هو الذي لا يزال عبّاس يراهن عليه، وكل ما يليه من طروحات يدور في فلك الخيار الأول ولا يخرج عن إطار المسعى السياسي الذي يرى الرئيس الفلسطيني أن «لا بديل عنه».

على هذا الأساس، يسوّق أبو مازن ما بقي من خيارات. فالثاني مشتق ممّا قيل سابقاً في صيغة الأربعة عن اللجوء إلى مجلس الأمن، لكن هذه المرة التوجه إلى الولايات المتحدة قبل المنظمة الدولية. خطوّة تمهيدية للتالية، فعلى الولايات المتحدة، بحسب ما يريد عبّاس، تحديد موقفها من الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967.

لا شكّ أن أبو مازن يدرك أن جوهر الموقف الأميركي من الخيار الأُحادي قائم على الرفض الشديد وعلى اللجوء إلى استخدام حق النقض «الفيتو». وفق هذا المعطى لا معنى لما بقي من خيارات ما دام عبّاس قد ربط البند الثالث، وهو التوجّه إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار اعتراف بالدولة، بالحصول على رضى أميركي عن هذه الخطوة.

من الممكن الوقوف في الخيارات عند هذه النقطة، التي تنهي عملياً ما يحمله عبّاس في جعبته من «حلول»، لن تكون أكثر من حشو لا معنى له إلا في سياق الإيهام بأن الفلسطينيين ليسوا أسرى العملية التفاوضية فقط لا غير، رغم أن الواقع معاكس لذلك.

حشو الخيارات جاء على شكل توجّهات للضغط على «إسرائيل»، وهي عمليّاً ليست خيارات إلا في ذهن محمود عبّاس، الذي يريد (الخيار الرابع) العمل على تفعيل الدور الأوروبي لمساعدة أميركا في الضغط على «إسرائيل» لوقف الاستيطان واستئناف المفاوضات. الجوهر نفسه موجود في البند الخامس، الذي يتمثل في اللجوء إلى لجنة المتابعة العربية، ومن ثم الأمم المتحدة، لتحقيق الأهداف نفسها. بعد ذلك يأتي الدور على الخيار السابع والأخير، القائم على إعلان الدولة من جانب واحد على حدود عام 1967.

هذه هي البدائل المطروحة على الطاولة الفلسطينية. بدائل تدور كلها حول عنصر التفاوض باعتباره الركيزة الأساسية للأزمة. لكن هل يظن أبو مازن أن ما يطرحه يقنع أحداً، سواء في الداخل أو الخارج الفلسطيني؟ وهل كل ما يهدّد به يؤخذ على محمل الجد في دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة وأوروبا؟ وماذا عن حل السلطة، الذي كان في الفترة الماضية ضمن الخيارات الأربعة؟ لماذا سقط منها حين تمددت؟

أسئلة كثيرة أخرى تفرضها المعطيات المقدمة من جانب «السلطة الفلسطينية»، التي تثير أساساً انقساماً بين المسؤولين فيها لجهة كونها عدم واقعية، وهو ما أعلنه صراحةً المندوب الفلسطيني السابق في الأمم المتحدة ناصر القدوة.

رغم ذلك لا يزال بعض مسؤولي السلطة يدافعون عن البدائل باعتبارها جديّة، مغفلين التهديد «الإسرائيلي» بخيارات مضادة وكيفية تعاطي السلطة معها. قد يكون الأمر غير وارد في حسبان المسؤولين لأنهم مقتنعون بأن الطروحات ليست إلا كلاماً في الهواء، وغير مخصصة للتطبيق.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165619

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165619 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010