الأحد 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

احتلال بالإيجار

الأحد 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par حسام كنفاني

مبادرات التفاوض لا تنتهي، فمع صبيحة كل يوم تخرج التسريبات الصحفية عن أفكار أمريكية و«إسرائيلية» لتجميد الاستيطان وإعادة عقارب المفاوضات إلى الدوران. أحدث التسريبات جاءت على شكل مباحثات أمريكية - «إسرائيلية» لتأجير أراض فلسطينية إلى «الإسرائيليين» في مرحلة ما بعد إنشاء الدولة. الأمر قد لا يكون جديداً في التعاطي مع العملية التفاوضية، ولا سيما أنه سبق أن طرح في مفاوضات طابا واعتمد في اتفاقية وادي عربة بين «إسرائيل» والأردن، لكن الوضع في فلسطين أو الدولة الفلسطينية سيكون مختلفاً.

ما يجري الحديث عن تأجيره هنا، هو المناطق الحساسّة الأساسية التي من المفترض أن تكون محل تفاوض معمّق بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين». وبحسب ما نشر عن المبادرة الجديدة فإن الولايات المتحدة تتباحث مع «الإسرائيليين» عن اتفاق على إعلان الدولة الفلسطينية على حدود 1967، لكن من دون أن تكون صاحبة السيادة على كل هذه الحدود. فالابتكار الأمريكي الجديد يتحدث عن إيجار «إسرائيلي» لأراض في الدولة الفلسطينية. الحديث لا يجري عن إيجار أرض لإنشاء سفارة أو إقامة مشروع تجاري، بل عن إيجار مساحات تقضم من أراضي الدولة الفلسطينية المقزّمة أساساً.

المشروع المطروح لتجنّب العقبات التفاوضية وإعلان إنجاز في عهد الرئيس باراك أوباما، هو استئجار «إسرائيل» مناطق في القدس المحتلة ومستوطنات في الضفة الغربية إضافة إلى مساحات واسعة من غور الأردن. وحديث الإيجار اليوم ليس لعشرة أعوام كحد أقصى، كما كان عليه عندما طرح الأمر للمرة الأولى في طابا، بل على مدى 99 عاماً قابلة للتجديد.

طرح مبتكر للخروج من النفق التفاوضي المظلم، فبعد الوصول إلى تجميد الاستيطان، كما يطلب «الرئيس» محمود عبّاس، ها هو العمل قائم على إزالة الاحتلال واستبدال احتلال بالإيجار به. لا شيء سيتغير، لا المستوطنات ستزال ولا القوات ستنسحب، الفرق ربما أن هذا الاحتلال سيدفع بدل وجوده على الأراضي الفلسطينية، لكن ذلك لن يغير مسمى الوضع القائم، وهو وضع احتلالي بصيغة جديدة.

اليوم مثل هذا الحل يعرض لإغلاق ملف القدس والمستوطنات والحدود، ولا يزال هناك ملف اللاجئين المنتشرين في أصقاع العالم، ربما يجري طرح حل مبتكر آخر لأجلهم. قد تخرج التسريبات عن استئجار «إسرائيل» لأرض في «الدولة الفلسطينية» لوضع هؤلاء اللاجئين، وبذلك تكون «أدت قسطها إلى العلا»، واستقبلت اللاجئين على «أرضها» المستأجرة.

ابتكار الاستئجار ليس جديداً، لكن استخدامه على نطاق واسع هو الجديد، ويصلح معه استخدام تعبير «احتلال بالإيجار».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165452

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165452 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010