الأحد 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

روسيا بين عالمين .. هكذا سقطت الإمبراطورية التي قام يلتسين بتصفيتها (1-3)

الأحد 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

مؤلفة كتاب «روسيا بين عالمين» هي هيلين كارير دينكوس مؤرخة فرنسية، ولدت في روسيا، وهي عضو منذ 1991 في الأكاديمية الفرنسية، والتي تشغل فيها منصب الأمينة الأبدية، ونشرت الكثير من المؤلفات، من بينها مجد الأمم، والمصاب الروسي، ونيقولاي الثاني، وكاثرين الثانية، والكسندر الثاني.

تجْدُر الإشارة، في البداية، إلى أن العالم بأسره، عدا الاتحاد السوفييتي، يَعتبر سقوط السلطات الشيوعية في أوروبا الوسطى والشرقية النقطة النهائية لانهيار النظم الشمولية الحمراء، مُزيحة المصيبة الكبيرة للروس إلى مصاف حدث ثانوي، على الهامش، لقطيعة القرن العشرين الكبرى. وقام المجتمع الدولي باستقبال دول ما بعد الشيوعية بالأحضان، في حين أن الريبة لا تزال تحكم علاقاته مع روسيا. والشك المهيمن يتمثل في الأسئلة التالية: هل خرجت روسيا، بالفعل، من الشيوعية؟ ما هو هذا البلد (روسيا) الغريب الذي اختفى اسمه لفائدة الاتحاد السوفييتي إلى درجة إرباك مواطنيه؟ أين يمكن أن نضع روسيا الجديدة، هذه، التي قامت، بشكل إرادي، بتصفية إمبراطوريتها، مقارنة مع أوروبا؟ ومقارنة مع روسيا التي كانت خلال قرون؟ كما أن الروس بدورهم ما فتئوا يطرحون تساؤلات حول تاريخهم وهويتهم. هل هم أوروبيون؟ أم هم، بالأحرى آسيويون، بسبب تاريخ طويل من الغزو؟ أم هم مزيج من الأوروبيين والأسيويين؟

تستشهد الكاتبة برأي ميخائيل غورباتشوف الذي خرّب الاتحاد السوفييتي، والذي ينظر إليه الغربيون، وخصوصاً الأمريكان، بإعجاب، أن : «روسيا أوروبية وأوروبا هي البيت المشترك للروس، الذين كانوا لا يزالون سوفييتيين، ولكل الشعوب التي تعيش على القارة»، والسؤال هو : هل يجب إبداء الخوف من روسيا؟ تجيب المؤلفة بالإيجاب : «نعم، بسبب مساحتها الجغرافية الواسعة على الرغم من أن بوريس يلتسين تخلى عن ربعها، سنة 1992، ولكن ما تبقّى منها يخيف بقوتها. كما أنه يجب أن تُخْشى لأنها لم تعد شاسعة كما كانت، وهذا التراجع يغذي الحنين، بل وعقلية الانتقام»، وتضيف : «إن جملة فلاديمير بوتين» : «إن اختفاء الاتحاد السوفييتي هو أكبر كارثة جيو - سياسية في القرن العشرين»، تأتي لتعزز من مخاوف رؤية انبثاق إرادة إمبراطورية، كما أن جملة بوتين، إذا قطعناها عن سياقها، يمكن أن تكون تفسيراً لحنين إلى الشيوعية. وتعود المؤلفة إلى دور بوتين في تاريخ روسيا كونه حكم هذا البلد، خلال عشر سنوات، بشكل مستمر، كرئيس وزراء ثم كرئيس للدولة ثم كرئيس وزراء. وتعيد لقيصر ما لقيصر، فترى أن بوتين عوّض جملته السابقة، بجملة يكررها طول الوقت وهي : «إن علينا أن نجعل من روسيا دولة في القرن الواحد والعشرين».

تلاحظ الكاتبة أن بوتين يحظى بشعبية لا يصيبها الوَهَن، ومرّد ذلك إلى المكانة الدولية التي أعادها للبلد. إن الشعب الروسي يرى في بوتين شخصاً يعيد الاعتبار والكرامة لهذا البلد الكبير الذي تعرّض للكثير من الإهانات (انهيار الإمبراطورية السوفييتية). «إن المجتمع الروسي يشهد اليوم، باغتباط، عودة القوة، على الرغم من أنه (أي المجتمع) لا يستطيع، بالفعل، أن يقيس حقيقَتَهَا وحداثَتَهَا». وقد وصلنا إلى جوهر الكتاب : يقترح هذا الكتاب على نفسه النظر إلى روسيا بوتين، روسيا القرن الواحد والعشرين، في مرآة وضعيتها وإنجازاتها الدولية، وفي نهاية المطاف، مع انشغال مستتر : على افتراض شرعية طرح السؤال، ما هو الجواب الذي يمكن تقديمه له : «هل لا يزال علينا التزام الخوف من روسيا»؟

تبتدئ الكاتبة الكتاب بمقطع شعري رهيب يصف حالة روسيا في الماضي والحاضر : «كل كذّاب نبي مُخلص. منذ آلاف السنين تبحث روسيا عن روسيا ...«وترى أنه يصف مسارَ روسيا الطويل من أجل الالتقاء بمصيرها، وإرادَتَها المتشوقة للانتهاء من تاريخ من المصائب والاستثناء. وترى المؤلفة أن سنة 1991، كانت سنة اللقاء. ولا تتوانى المؤلفة عن كيل المديح لغورباتشوف، الذي تعبر الأغلبية من الروس عن احتقارها الشديد له، والدليل أنه في آخر انتخابات تقدم فيها حصل على أقل من خمسة في المائة من أصوات الروس.

تمدح الباحثة مصطلح «البريسترويكا» الذي أطلقه ميخائيل غورباتشوف والذي «أيقظ المجتمع الجامد»، «هذا المجتمع المنتشي بالحرية، قفز في الشوارع، وكل فرد استولى على الكلام، متظاهراً في كل مكان وفي كلّ لحظة. من اكتشف البرودة السوفييتية؟ إنها ثورةٌ تتمدد لأول مرة منذ 1917 وأرعب أصحاب الحنين إلى نظام مترنح. وفي شهر أغسطس/ آب سيكون انقلابهم آخر محاولة فاشلة لوقف هذه الحركة الخارقة»، وبعد فشل الانقلاب، وصل الرجل، الذي سيقوم بتصفية الاتحاد السوفييتي السلطة، أي بوريس يلتسين (على الرغم من أن غورباتشوف ظل ظاهرياً ورسمياً الرئيس حتى تاريخ 27 كانون الأول)، وفي اليوم التالي من الانقلاب، كانت النتيجة التي تفرض نفسها هي أن الاتحاد السوفييتي لا وجود له. فقد جرّ انتخاب يلتسين، قبل الانقلاب بشهرين، على رأس الدولة الروسية، إلى إنشاء دولة روسية منافسة للاتحاد السوفييتي. وأصبح عَلَمَان اثنان يرفرفان على الكرملين : الأحمر رمز الاتحاد السوفييتي والثلاثي الألوان رمز روسيا. وإذا كان يلتسين قال قولته الشهيرة، في أغسطس/ آب سنة 1990، للتتار الذين بدأت تغويهم لوثة الاستقلال، والتي سمحت للعديد من الدول الانفصال عن الاتحاد السوفييتي : «خذوا ما تستطيعون أن تبلعوه من الاستقلال»، فقد رأينا حروبه الدموية ضد الشيشان الذين طالبوا، على غرار الآخرين، باستقلالهم، فسحقهم ولا يزال النظام الروسي يواصل، لحد الساعة، حربَهُ ضدّهم.

كان يلتسين على وعي بأنه يجب الحفاظ على نواة قوية وصلبة للدولة الروسية : أي روسيا ذاتها بالإضافة إلى تضامن الدول السلافية الثلاث. ولهذا السبب قرر يوم الثامن من يناير/ كانون الأول 1991، وبحضور رئيسي أوكرانيا وروسيا البيضاء توقيع قرار حل الاتحاد السوفييتي. ولكن حلّ المجموع الذي أسسه الرئيس لينين سنة 1922 ترافق مع إنشاء رابطة الدول السلافية، التي أصبحت، بعد عدة أيام، رابطة الدول المستقلة.

[**ما هي الحالة التي توجد عليها روسيا؟*]

الإمبراطورية لم تعد قائمة، بالتأكيد، وفقدت منها روسيا أجمل دُررها : «النافذة على أوروبا»، أي ضفاف البلطيق، و«كريمي»، أي ضفاف البحر الأسود. ومع يلتسين رأينا محاولات عديدة للتقرب من الغرب، حيث القدر الأوروبي لروسيا، ففي يونيو/ حزيران 1992 زار واشنطن وتفاوض مع بوش الأب حول معاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت 2) وتم التوقيع عليه 3 يناير/ كانون الثاني 1993، وازداد التقارب الروسي - الأمريكي مع اللقاء بين يلتسين والرئيس كلينتون في فانكوفر 3 أبريل/ نيسان 1993، ولكن على الرغم من هذا التقارب فإن روسيا كانت تريد الحفاظ على منطقة نفوذ لا ينافسها فيه أحد في مكونات الاتحاد السوفييتي السابق. ولعل رابطة الدول المستقلة تأتي في هذا المنظور. ومن دون الحديث، صراحة عن «منطقة نفوذ» (وهو ما كان يعبر عنه، نيابة، عنه الكثير من الساسة الروس)، كان «لا يتردد في التأكيد على أن روسيا مسؤولة عن السلام والاستقرار في الفضاء السوفييتي السابق، في الوقت الذي كانت فيه دُوَل البلطيق وجورجيا تتجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية». ولكن ما أثار ذهول الغرب هو غموض الرئيس الروسي، فبعد انفتاحه على الغرب وعلى أمريكا، قرر الاتجاه نحو الصين والهند. وكان التساؤل الغربي حول مبيعات الأسلحة إلى الهند.

وعلى الرغم من النزوع الروسي إلى الغرب فإن توسيع حلف «الناتو» سيؤزم العلاقات بين روسيا والغرب. ويبدو أن الرد الصيني هو الأنجح والأنجع للخروج من الحصار الغربي ومن قضم بعض دول الاتحاد السوفييتي السابق. وتأتي زيارة غورباتشوف في هذا الصدد في مايو/ أيار 1989، وهي أول زيارة مهمة لمسؤول سوفييتي بعد ثلاثين سنة من البرودة. ولكنها، كما يعتقد الصينيون، ساهمت، سلبيا، في تهييج الطلبة والعمّال.

[**بوتين*]

لم يكن مسار يلتسين سهلاً في إدارة الحكم في روسيا ما بعد السوفييتية، وترسم الكاتبة بورتريها جيدا ليلتسين. يبدو أن فيه شيئاً من التشفي ومن التلذذ لأنه كسر الاتحاد السوفييتي. كما أنها تستعرض أنواع التحديات القاسية التي استطاع تجاوزها، من مواجهات سياسية ومن طموح الجنرال «ليبيد» والاحتجاجات الشيوعية، بالإضافة إلى المنافسات بين مدّعي الوراثة، وحروب القوقاز والشيشان والإرهاب في داغستان من دون نسيان تمرد بعض دول رابطة الدول المستقلة، التي تخيلت تجمعات تساعدها على الابتعاد، ما أمكن، عن الهيمنة الروسية، ومن بين هذه الدول جورجيا وأذربيجان وأوكرانيا ومولدافيا، وبشكل أقل أوزبكستان، وكان الهدف الرئيس هو «إنشاء قطب موال للغرب وموال للناتو، والاقتراب، بشكل أوثق، من الحلف الأطلسي».

وقد تضافرت المشاكل والمتاعب السياسية الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى المتاعب الصحية للرئيس يلتسين، فكان قراره البحث عن وريث وسط كم هائل من المتنافسين. وقد جرّب يلتسين العديد من هؤلاء المتنافسين، سيرجي كيريينكو إلى سيرجي ستيباشين إلى أن قر رأيه، أخيراً، في التاسع من أغسطس/ آب 1999 على فلاديمير بوتين. ولم يكن تعيينه نهائيا، إذ حرص على تجريبه. كما أن مسار الرجل وتدرجه في سلم الدولة كان عاملاً مساعداً على وصوله إلى ثقة يلتسين. فبوتين اشتغل، في عهد الاتحاد السوفييتي، 16 سنة في قسم الاستخبارات الخارجية، وهو ما منحه أسلوباً عسكرياً، وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي عمل إلى جانب أناتولي سوبتشاك وهو عمدة ديمقراطي وكاريزمي لمدينة سانت بيترسبورغ، وكان مكلفاً بجلب الاستثمارات الخارجية، وهو ما جعله يتأقلم مع ضرورات اقتصاد السوق وجعله يشترك في تنفيذ مشروع ديمقراطي. ثم وصل إلى موسكو وانضم إلى الإدارة الرئاسية، وكان له منصب مراقبة ممتاز، حيث استطاع الرئيس بوريس يلتسين أن يكتشفه.

وفي سنة 1998 عين على رأس جهاز الاستخبارات الروسية التي ورثت الـ «كا جي بي»، في فترة حرجة من فترات الجيش الروسي، ثم تم ضمه إلى مجلس الأمن الروسي، وهو ما جعله يقوي من مكانته في موسكو وفي مراكز السلطة. وحين قدم الرئيس يلتسين رئيس وزرائه الجديد بوتين، أراد أن يترك ظلالاً من الشك حول المستقبل الذي اختاره له. كانت الانتخابات الرئاسية تقترب، في تسعة أشهر، وأمام بوتين أن يبرهن عن قدرته وكفاءته في متابعة الإصلاحات وتثبيت مجتمع مخلخل بسبب سنوات من الأزمة ومن الشك في القيادة ابتدأ مع سنة 1992، وحتى مجلس الدوما تردّد في منحه الثقة (أغلبية 7 أصوات فقط)، خلافاً للثقة التي حصل عليها اللذان سبقاه، كيريينكو وستيباشين. وكان تاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول 1999 يوماً مشهوداً في بلد سيتم فيه انتقال السلطة (الانتخابات على الأبواب مارس/ آذار 2000)، لأول مرة، من دون عنف ولا إراقة دماء. ولا تخفي الكاتبة انحيازها للرئيس بوريس يلتسين، الذي اختصر فترته الرئاسية، تاركاً الأمر مفتوحاً لمن يخلفه، فتكتب : وقد طلب الرئيس المنتهية ولايته من الروس أن يسامحوه على عدم الاستجابة لكل حاجياتهم وعدم تحقيق أحلامهم التي كانت أحلامه هو أيضا. ومُستنْتِجاً معاناة الروس في سنوات التسعينات التي لم يستطع منعها، لخّص خطابَهُ بهذه الجملة المثيرة للرثاء : لقد فعلتُ كل ما أستطيع، وبهذا عبّد يلتسين الطريق أمام بوتين لتولي السلطة، وأصبحت الطريق سالكة أمامه، خصوصاً وأنه أصبح رئيس روسيا بالنيابة.

وتواصل الكاتبة انه في 26 من آذار أعلنت نتائج الانتخابات الروسية، التي فاز فيها بوتين بنسبة 52.9 في المائة، في الدور الأول، على منافسه الشيوعي غينادي زيوغانوف، الذي سبق ليلتسين أن هزمه من قبل، سنة 1996، وقد استبق بوتين برنامجه الرئاسي بعرضه يوم 31 ديسمبر/ كانون الأول 1999، وكان بعنوان : «روسيا على حدود الألفيات». وترى أن ما ميّز بوتين على سلفه المجاهرة بقول الحقيقة، حقيقة الأوضاع التي تعيشها روسيا «أي نقيض ما كان المجتمع الروسي متعوداً على سماعه». وفي وجه الذين كانوا ينتظرون أن يقول لهم الرئيس بوتين إن روسيا في قوة أمريكا إن لم تكن تتجاوزها، صارحهم بالحقيقة المؤلمة : «عرض بوتين صورة روسيا وهي في تأخر مأساوي، لأنه قارَنَها بالدول الأقل تقدماً في أوروبا. أصبحت البرتغال نموذجاً لروسيا! أي سقوط! وهذا يفسر، بشكل طبيعي، انحسار موقعها كقوة عظمى. من هو المسؤول؟ إن لم يكن هو النظام السوفييتي الذي اقتلع روسيا من مسار مثير للتحديث، الذي انخرطت فيه في نهاية القرن التاسع عشر، كي يسجنها في يوتوبيا مُولدة للكوارث؟».

[**بوتين والتحديات*]

وتستعرض الكاتبة إنجازات بوتين على مختف الصعد، من القطيعة النهائية مع الشيوعية إلى الانخراط في دمقرطة الدولة إلى المصالحة مع التاريخ الروسي. وإذا كانت الأزمة الاقتصادية ضربت روسيا، بشكل قوي سنة 2003، أي قبل أزمة 2009 بكثير، فقد كانت الحلول التي اقترحها الرئيس بوتين مثار انتقاد شديد حينها (تنظيم البورصات وتنظيم السوق، أي تدخل الدولة بقوة)، وإن كان الملاحظ يكتشف الآن، أن الرئيس بوتين كان على حق في استباق الإصلاحات الضرورية. ومن الفترة الرئاسية الأولى، أحس بوتين، وهو المدعوم بأغلبية جارفة من الروس، أن عليه توجيه بلده في الاتجاه الصحيح. ولكن توجد في ذهنه مشكلتان تؤرقانه : «من جهة، ثمة قلقٌ مُبررٌ حول وحدة روسيا الجديدة، التي أثر عليها سلبياً خسران الإمبراطورية والانفصالات البطيئة. ومن جهة ثانية، يتساءل بوتين عن التحولات الاقتصادية الضرورية في بلد يمتلك موارد طبيعية هائلة، ولكنه لم يعرف أبدا، في الماضي، كيف يربح معركة تحديث العقول والتكنولوجيات».

[**ما هو الحل، في نظر الرئيس فلاديمير بوتين؟*]

«الدولة الروسية، الفاعل الرئيسي في ميدان التحديث، كما يحددها بوتين، تؤكد دورَهَا المُهيْمِن، لكنها، مع ذلك، لا تدير ظهرَها لمن يريد المساهمة من خلال بنيات الدولة، وهو ما يستلزم إصلاح الدولة، أو المساهمة في الحياة الاقتصادية، ومن أجل هذا يتوجب دعوة المستثمرين الأجانب والأوليغارشيين، وأيضاً مجموع المجتمع الروسي».

ويرى فلاديمير بوتين أنه لا يجب على روسيا القرن الحادي والعشرين، بأية حال من الأحوال، إعادة التجارب الخاسرة في روسيا التقليدية. بل عليها استلهام المصير المشترك للأمم الغربية والطرق التي اتبعتها، لكن من دون السقوط في مبالغاتها ولا في تيهاناتها. «يجب على روسيا أن تكون في أوروبا، وأن تكون غربية، ولكن عليها أن تأخذ بعين الاعتبار إرثها التاريخي والأخلاقي الخاص بها».

موقف قوي من الرئيس فلاديمير بوتين في ولايته الرئاسية الأولى، لكن تتساءل المؤلفة في مكر ظاهر : «كي ينجح بوتين في الحداثة التي يحلم بها، لأن الأمر يتعلق بهذا، ألا يجب عليه أن يعتمد، كما فعلت روسيا دائماً، على الوسائل التي تمنحها، بدرجة ما، قِوى خارجية؟» وتستحضر الكاتبة ديميتري ترينين، وهو أحد أهم الخبراء بالشؤون الروسية، الذي يرى أن روسيا ما بعد الإمبراطورية من أقل الدول أيديولوجية في العالم. ومعنى هذا أن البراغماتية والمصالحية هي سيدة الموقف. وقد حدد الرئيس بوتين أمام مواطنيه، القلقين، تصوره عن أهداف روسيا تحت حكمه، ويتعلق الأمر بعنصرين وثيقي الصلة بينهما : النمو الاقتصادي والقوة الشاملة. وكرر بوتين، دون توقف، أن الأمر يتعلق بتحدييْن يجب قبولهما كي يتسنى لروسيا أن تكون حاضرة في الألفية الجديدة.

وتقف الكاتبة عند التحدي الثاني، وهو ما يقلق الغربيين عموماً. أي ما الذي قصده الرئيس بوتين بالقوة. وتكتب : «روسيا قوية، أي تحظى باحترام، وتعامل معاملة الند للند من قبل القوى العظمى الأخرى، وتشارك في كل القرارات الدولية الكبرى»، ولكن الرئيس بوتين، ليس ساذجا كي يقف عند هذا الحد : «ولكن روسيا يجب أن تكون مستقلة، أي حرة في اتخاذ قراراتها، المرتكزة على تقاليدها وقيمها الخاصة بها، رافضة كل ضغط وتدخل في شؤونها الداخلية وسياستها الدولية».

- [**تأليف : هيلين كارير دينكوس│ترجمة وعرض : بشير البكر│المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2180811

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفن  متابعة نشاط الموقع خبر  متابعة نشاط الموقع إصدارات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2180811 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40