الجمعة 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

هل اقترب بوش وعصابته من المحاكمة؟

الجمعة 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par د. عبد العزيز المقالح

الآن، وبعد نشر الوثائق السرية لما ترتب على غزو العراق من انتهاكات وتعذيب واستباحة للدماء وللأعراض والأموال، وما كشفت عنه تلك الوثائق من فظائع الاحتلال وأعوانه لم يبق أمام الإدارة الأمريكية الحالية إلا أن تسارع إلى إنقاذ البقية الباقية من سمعة الدولة العظمى وتقديم جورج بوش وديك تشيني وعصابتهما الإجرامية إلى محاكمة لتقتص من القتلة وتعيد بعض الثقة وطنياً وعالمياً إلى الولايات المتحدة التي كانت ولاتزال تدعي بأنها حارسة الديمقراطية وحقوق الإنسان على مستوى العالم. ولا مناص من البدء في التحقيقات وإلقاء القبض على المجرمين الكبار الذين مرّغوا وجه الولايات المتحدة في طين الإجرام وهبطوا بتاريخها وسمعتها إلى ما دون الحضيض.

لقد ألحقت عصابة جورج بوش، ديك تشيني، ضرراً فادحاً بالولايات المتحدة نفسها قبل أن يلحقوا الضرر نفسه بالعراق، وارتكبوا جريمة هي الأسوأ في التاريخ الحديث. صحيح أن للولايات المتحدة سوابق في اليابان وفي كوريا وفي فيتنام وغيرها إلا أن هذه الجريمة تبقى نموذجاً بشعاً، فقد تحالفت فيها هذه الدولة العظمى مع دول تابعة على تدمير شعب كامل وسلمته إلى يد عصابة من عملائها ينتقمون من عروبته وتاريخه ويتصرفون مع أبنائه خارج كل القيم والقوانين المتعارف عليها، وما كان لهؤلاء العملاء أن يبطشوا بالشعب العراقي وأن يتمادوا في إذلال مواطنيه بعيداً عن إشراف القيادة العسكرية الأمريكية أو بعيداً عن غض نظرها إزاء ما يرتكبونه من إجرام لم يتكشف منه حتى الآن إلا أقل القليل، كقمة جبل الثلج، فما تزال وثائق سرية أخرى تحفظ الكثير والكثير من أساليب الإجرام التي ارتكبها جيش الاحتلال وعملاؤه الذين حاولوا أن يثبتوا للبيت الأبيض ولاءهم وحقدهم على كل شيء عربي وعراقي.

المحاكمة العادلة هي المطلب الوحيد تجاه ما تطلقه الولايات المتحدة من حرص على الحريات واحترام حقوق الإنسان، وهي الرد الوحيد أيضاً على ردود الأفعال التي أثارها نشر هذه الوثائق التي لاتزال تشكل الوجبة الأولى من وثائق يندى لها جبين العالم الذي شارك بعض منه في صنع الجريمة وشارك البعض الآخر في الفرجة، وكأن ما كان يحدث في مدن العراق ضرباً من التمثيل أو هو عروض سينمائية حية تتدحرج فيها آلاف الرؤوس وتهرق أنهار الدم. وكم كانت صادقة ونبيلة تلك المرأة الأمريكية التي وقفت بعد نشر الوثائق مباشرة وسط الجمهور المشدوه لتقول : إنني أخجل من بلدي ومن ديمقراطيته المزيفة وسأبحث لنفسي عن وطن آخر يحترم نفسه، ويرعى ويحافظ على كرامة الآخرين.

أما الأنظمة العربية، سامحها الله، فلا أمل في أن تغادر صمتها الطويل، أو حتى تحاول إقامة سرداق عزاء يقرأ فيه مواطنوها الفاتحة على أرواح مليون ونصف المليون عراقي، وذلك أضعف الإيمان وأقل ما تستدعيه رابطة الجوار والانتماء. واللافت أن نشر الوثائق السرية لغزو العراق وما ترتب عليه من فظائع وفضائح قد هز أركان العالم لكنه لم يغير ولن يغير شيئاً من ولاء هذه الأنظمة وإخلاصها المتعاظم للبيت الأبيض الذي ما كان غزوه للعراق ومن تدميره لمقوماته إلا الخطوة الأولى لغزوات أخرى تجتاح أرجاء الوطن العربي لكي تسلم قيادته إلى الكيان الصهيوني شرطي أمريكا الدائم في المنطقة والحاكم بأمره في البيت الأبيض.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2166078

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2166078 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010