الاثنين 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

لماذا تعزل فلسطين عن هيئة الأمم المتحدة؟

الاثنين 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par خالد بركات

رغم أن ما يسمى بـ «المجتمع الدولي» لم ينصف يوماً الفلسطينيين والعرب، إلا أن المرء لا يمكنه أن ينكر هذا الهلع «الإسرائيلي» والذي يعتري مواقف قادة الكيان العنصري، وهو لا يريد أن يرى القضية الوطنيه الفلسطينية «تعود» الى أروقة الأمم المتحدة ولذلك يسعى إلى «حل كل شيء وكل القضايا» في إطار المفاوضات المباشرة مع «السلطة الفلسطينية»، وهو يعلم أن هذه الاخيرة تذهب إليه وهي راكعة سلفاً.

ورغم ما تقدم، من حق البعض أن يسأل ويقول : يا عم، إذا كانت هذه الهيئة الدولية لم تستطيع فرض قرار واحد على الكيان الصهيوني طوال 62 سنة من الصراع وحتى في «عز» الحرب الباردة ووجود الاتحاد السوفياتي وجمال عبد الناصر، فماذا لو «عادت فلسطين» إلى الأمم المتحدة الآن؟ هل «تفرق» المسألة معنا؟

نحن مع الدعوة التي تقول إن القضية الوطنية الفلسطينية هي مسؤولية الشعوب والدول في المنطقة والعالم أجمع، وليست مسؤولية الشعب الذي وقع عليه الضرر والاحتلال فحسب، فالكل متورط وغارق حتى أذنيه في هذا الصراع الدامي في المنطقة والذي يتجاوز حتى حدود «فلسطين». لكن لأنها قضية عادلة وتستند إلى واقع وحقائق ومعطيات من الصعب إنكارها أو تشريع (كل) الاحتلال الصهيوني لفلسطين التاريخية، فإن وجود فلسطين في الأمم المتحدة هو أمر غاية في الأهمية ولا يتعارض مع أي سلاح شريف يسعى للمقاومة والتحرير.

إن فلسطين، في هيئة الأمم، تشكل عبئاً على صانع القرار الأمريكي وهو يحشر نفسه وحيداً ومعزولاً الى جانب العدو الصهيوني في الجمعية العامة والمؤسسات الدولية. ولا أحد في واشنطن أو «تل ابيب» يريد تكرار هذا المشهد الذي تعب منه الأمريكييون ابان الانتفاضة الشعبية الكبرى في العام 1987. ولا يريد العرب أن يجدوا أنفسهم مضطرين للوقوف على الجانب الاخر من الموقف الأمريكي والبريطاني.

إذ حتى عندما تمارس الولايات المتحدة الأمريكية أقصى درجات الضغط وإرهاب ممثلي الدول في الأمم المتحدة إذا اتصل الأمر بشان فلسطين (حتى لو كان غير ملزم) فإنها لا تستطيع أن تحشد معها سوى ثلاث دول أخرى، أو بالأحرى ثلاث جزر محتلة ولم يسمع بها أحد : كوستاريكا، ميكرونيزيا وثالثة لم أعد أذكر اسمها الآن! هذا يهز صورة الولايات المتحدة، وهي تحمل لواء الحرية والاعتدال في العالم.

إذا، لماذا لا تذهب القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة؟ ومن الذي يعيق تفعيل الوجود الفلسطيني وقضية الشعب الفلسطيني في المؤسسة الدولية؟ على الأقل لتقف شاهدة تذكر العالم بكارثة إنسانية كبرى حلت بشعب وأمة، وأنهم زرعوا كياناً عنصرياً لنا، صنعوه في الغرب الاستعماري لضمان سيطرتهم على ثرواتنا. خاصة وأنه لا يوجد قضية قومية حازت على شبه إجماع كالقضية الفلسطينية، وعليه، فإن هذا «المجتمع الدولي» مطلوب منه أن يتحمل مسؤولياته التاريخية والأخلاقية. فهو مدان ومتواطئ وليس محايد وبريء.

إن الذي يتحمل المسؤولية في تغييب فلسطين عن الأمم المتحدة هم الفلسطينييون أولاً، والعرب ثانياً، والمسلمون ثالثاً، وهؤلاء لهم منظمة التحرير وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ويشكلوا ثلث عضوية الأمم المتحدة تقريباً، عداك عن دعم معظم الدول افريقية ودول أخرى فاعلة في أمريكا اللاتينية بل وصديقة للفلسطينيين والعرب. وبدل أن يشكل هذا الواقع مصدر قوة لقضية الشعب الفلسطيني يصبحوا مصدر «إغراء لـ «إسرائيل»» حتى تتفتح شهيتها للسلام، «لأننا سنكفل لكم التطبيع مع 57 دولة» هكذا يفاوض رئيس الفلسطينيين!

على الشعب الفلسطيني أن لا يقبل هذه المفاضلة السخيفة بين أن تكون قضية فلسطين ملفاً أمنياً في أدراج المخابرات العربية يديره السيد عمر سليمان، وتتحول أكبر قضية إنسانية وقومية معاصرة إلى عنوان فرعي يندرج في إطار الحرب على «الإرهاب»، ويمكنه أن يكون دليلاً لنظرية «الأمن مقابل السلام» التي تفرض اليوم على الشعوب، خارج ما عرف يوما بحق الأمم في تقرير مصيرها.

أو، وهذا الخيار الآخر : أن تتحول إلى قضية فقراء «يصرف» علينا الغرب وتشغلنا وكالة الغوث ومؤسسات الاونروا.

إن الذي يقصي فلسطين من هيئة الأمم هو ممثل فلسطين في هيئة الأمم. تتذكر بعثة فلسطين أنها موجودة عندما تقع مجزرة أو عندما يطلب منها أن تتواجد لإبطال مفعول قرار لصالح الشعب الفلسطيني. وأن الذي يمنع من تفعيل «الملف الفلسطيني» في الأمم المتحدة هو رضوخ العرب للقرار الأمريكي واستئناسهم بالمفاوضات بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين». كان مباشرة أم غيرها، المهم أن «يحلوا عنا الفلسطينيية»!

فلسطين سيحررها شعبها وأمتها العربية، بالسلاح وبالديمقراطية والفكر وبالثورة، وهناك خيارات كثيرة للصمود ولتحقيق إنجازات على الأرض، حتى لو كان الإحباط هو سيد الموقف الراهن. مطلوب حماية ما تحقق من انجازات بفعل صمود ونضال الفلسطينيين وصبرهم، وعلى القوى والأحزاب والشخصيات الوطنية والإسلامية أن تصحو من غفلة انقسامها وتشرذمها، وأن تثق بشعبها أولاً، لأن القانون الدولي هو أداة بيد الفلسطينيين يساعدهم في عزل عدوهم، لكن يجب أن لا يلقى على كتفيه مهمة ومسؤولية تحرير فلسطين!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 74 / 2165332

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2165332 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010