الاثنين 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

سيف نووي أمريكي فوق كوريا الشمالية

الاثنين 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

أظهرت وثائق رفعت عنها السرية ووثائق حكومية أمريكية أخرى، نشرت بمناسبة الذكرى الستين للحرب الكورية، أن الولايات المتحدة منذ الخمسينات وحتى إدارة أوباما اليوم كثيراً ما فكرت، وخططت، وهددت باستخدام أسلحة نووية تجاه كوريا الشمالية.

وخلال تلك الحرب، قامت قاذفات تابعة لسلاح الجو الأمريكي بطلعات تجريبية فوق العاصمة الكورية الشمالية للتدرب على قصف نووي. وفي مراحل لاحقة، كانت مختلف أسلحة الجيش الأمريكي تتنافس على الاضطلاع بالدور الرئيسي في أي قصف ذري على كوريا الشمالية. وفي أواخر الستينات، وضعت طائرات حربية أمريكية تحمل أسلحة نووية وكانت متمركزة في كوريا الجنوبية في حالة جاهزية للانطلاق خلال 15 دقيقة وتوجيه ضربة إلى الشمال.

في وقت قريب يعود إلى إبريل/ نيسان الماضي، قال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس، لدى إصداره «مراجعة الوضع النووي للولايات المتحدة»، إن «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة» من أجل التعامل مع بيونغ يانغ ما يعني أن الولايات المتحدة لا تستبعد ضربات نووية.

وهذا الدفق في الوثائق الجديدة بشأن الخطط النووية للولايات المتحدة، يزيد من وضوح صورة ما تسميه كوريا الشمالية بـ «التهديد النووي الأمريكي المتزايد»، وهو التهديد الذي تقول إنه السبب الذي جعلها تطور برنامجها الخاص لصنع قنبلة نووية رادعاً.

وقال نائب وزير خارجية كوريا الشمالية باك كيل يون في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم 29 سبتبمر/ أيلول «هذا هو الدرس الذي استخلصناه».

والمعلومات الجديدة جاءت من وثائق تتعلق بالحرب الكورية أفرجت عنها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي .آي .إيه» بمناسبة ذكرى بدء تلك الحرب، والتي حلت في يونيو/ حزيران الماضي. كما حصل مركز الأبحاث الأمريكي في واشنطن «أرشيف الأمن القومي» على رزمة معلومات سرية بموجب قانون حرية المعلومات. إضافة إلى ذلك، زود الكاتب والمؤرخ المتخصص في شؤون الاستخبارات ماثيو إيد وكالة «اسوشيتد برس» بوثائق أخرى كانت هي أيضاً مصنفة «بالغة السرية» وحفظت في الأرشيفات الوطنية الأمريكية.

وكوريا الشمالية أجرت تجربتين نوويتين عامي 2006 و2009، وفي الوقت الراهن، يتكهن مراقبون خبراء بأنها قد تجري تجربة أخرى في وقت قريب. وقال كيم تاي - هيو، وهو مستشار أمني لدى الحكومة الكورية الجنوبية، في تصريحات نشرت في سيؤول في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول، إن البرنامج النووي الكوري الشمالي «بلغ الآن مستوى شديد الخطورة».

وفي تقرير حول التهديدات النووية في العالم، حدد محللون في مركز سثيمسون في واشنطن ستة تحذيرات علنية أطلقها مسؤولون أمريكيون على مستوى عال منذ عام 1976، قائلين إن الولايات المتحدة ستلجأ إلى استخدام أسلحة نووية تجاه كوريا الشمالية إذا كان هناك مسوغ لذلك. ولكن تهديدات الولايات المحدة تعود إلى أكثر من نصف قرن، أي قبل زمن طويل من نجاح كوريا الشمالية في أول تجربة للانشطار النووي.

وحسب وثيقة بشأن خطط الجيش الأمريكي، رفعت عنها السرية وحصلت عليها وكالة «اسوشيتد برس»، فإن أسلحة نووية خصصت لمسرح الحرب الجديد في كوريا، وذلك في منتصف أغسطس/ آب 1950، أي بعد سبعة أسابيع فقط من غزو القوات الكورية الشمالية لكوريا الجنوبية، وبعد خمس سنوات في قنبلتي هيروشيما وناغازاكي اللتين دمرتا المدينتين اليابانيتين وقتلتا ما لا يقل عن 220 ألف شخص. وفي حينه، تشبثت قوة أمريكية وكورية جنوبية منسحبة بصورة يائسة بنتوء في جنوب شرق كوريا، وخاضت معركة صمود قبل أن تعود وتنطلق في هجوم مضاد استطاعت خلاله التقدم داخل كوريا الشمالية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام، وبعد أن انضمت قوات صينية للدفاع عن كوريا الشمالية، استل الرئيس هاري ترومان السيف النووي في مؤتمر صحافي عقده في واشنطن وقال فيه «استخدامه (السلاح النووي) كان دئماً موضوع تفكير جدي».

ومن جهته، قال قائد القوات الأمريكية في المنطقة الجنرال دوغلاس ماك آرثر، في مقابلة نشرت بعد وفاته، إنه كانت لديه في ذلك الوقت خطة لإلقاء ما بين 30 و50 قنبلة ذرية فوق العنق الشمالي لشبه الجزيرة الكورية، من أجل منع تدخل قوات صينية إضافية.

وفي أوائل 1953، شعرت الولايات المتحدة بالإحباط نتيجة لمأزق المفاوضات بشأن إعلان هدنة، فدرست شن هجوم جديد على الكوريين الشماليين والصينيين. ورفعت هيئة أركان سلاح الجو توصية إلى البنتاغون تقضي باستخدام قنابل ذرية من أجل تحقيق انتصار «في أقصر وقت ممكن»، وذلك حسب مذكرة مؤرخة بتاريخ 20 فبراير/ شباط 1953 وحملت توقيع مدير التخطيط في سلاح الجو الجنرال روبرت لي.

وفي حينه، اعتبرت وثيقة «تقييم خاص» بالغة السرية لوكالة «سي .آي .إيه»، أن «الشيوعيين سيدركون أن استخدام هذه الأسلحة هو دليل على تصميم الغرب على تحقيق النجاح في الحرب الكورية».

وبعد ذلك، أبلغ جنرالات سلاح الجو، في سلسلة مذكرات خلال أشهر مايو/ أيار ويونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 1953، البنتاغون بتحقيق تقدم في وضع خطط لـ «هجوم ذري» من أجل تدمير القوة العسكرية الفعالة للشيوعيين في كوريا، إذا انهارت مفاوضات الهدنة كلياً.

وفي 27 يوليو/ تموز، تم توقيع اتفاقية الهدنة. وفي ما بعد، عزا الرئيس الأمريكي آنذاك دوايت ايزنهاور الفضل في حمل الصينيين تحت الضغط على توقيع الاتفاقية إلى التهديد النووي الذي نقل إلى بكين عبر أقنية سرية.

وفي جميع الأحوال، حتى من دون استخدام أسلحة نووية، فإن ثلاث سنوات من القصف الأمريكي بأسلة تقليدية دمرت كوريا الشمالية، وقتلت مئات الآلاف من المدنيين.

ولكن التخطيط النووي لم يتوقف مع توقف القتال. إذ تظهر الوثائق التي رفعت عنها السرية أن القيادة الجوية الاستراتيجية أرسلت إلى هيئة أركان سلاح الجو، في 20 أغسطس/ آب 1953، خطة «هجوم ذري جوي على الصين ومنشوريا وكوريا الشمالية» إذا استأنف الشيوعيون العمليات الحربية. وتلك الخطة التي أطلقت عليها اسم «خطة العمليات 8-53»، قضت باستخدام «أعداد كبيرة من أسلحة ذرية».

في تلك الأثناء، كانت فترة التقاط الأنفاس عقب توقيع اتفاقية الهدنة قد أثارت منافسات بين مختلف أسلحة الجيش الأمريكي. فقد طلب قادة سلاح الجو مزيداً من طائرات «إف-48ج»، الأكثر قدرة على حمل وإطلاق أسلحة نووية، في مسرح العمليات الكوري «من أجل موازنة القدرات الأفضل التي يتمتع بها سلاح البحرية».

وتظهر الوثائق أنه بحلول أواخر الخمسينات، كانت جميع أسلحة الجيش الأمريكي قد أصبحت تتقاسم «وفرة ذرية نسبية» حسب وصف مذكرة لسلاح الجو.

وفي ما بعد، أثبت باحثون مدنيون أن أعداد الرؤوس الحربية النووية في كوريا الجنوبية وقاعدة أوكيناوا المجاورة (في اليابان) من قذائف مدفعية، وصواريخ قصيرة المدى، وقنابل إسقاط جوي وأسلحة أخرى بلغت الذروة عام 1967 مع 2600 رأس حربي.

وفي عام 1969، عندما أسقط الكوريون الشماليون طائرة استطلاع أمريكية في بحر اليابان، كانت هذه الأدوات النووية متوافرة لمساعدي الرئيس ريتشارد نيكسون لكي يحددوا خيارات الرد.

وفي ما بعد، خفضت إدارة الرئيس جيمي كارتر الترسانة النووية في كوريا الجنوبية، وفي عام 1991، أعلنت الولايات المتحدة عن سحب كل هذه الترسانة. ولكن كوريا الشمالية تتهم بين وقت وآخر الولايات المتحدة بالاحتفاظ بمخزون نووي سري في كوريا الجنوبية.

والخبراء المتخصصون في الشؤون الكورية يقبلون عموماً المبرر المعلن لكوريا الشمالية بأنها سعت للحصول على قنبلتها النووية الخاصة لأسباب دفاعية «رداً على قيام الولايات المتحدة بنشر أسلحة نووية تكتيكية في كوريا الجنوبية»، وفقاً للكاتب سيليغ هاريسون.

ويرى يوشيكي مين، الباحث في معهد كانون للدراسات العالمية في اليابان، والذي تعامل بوصفه دبلوماسياً مع مسألتي كوريا الشمالية ونزع الأسلحة كلتيهما، أن النظام الكوري الشمالي يشعر أن وجود كوريا الشمالية أمةً مهدد.

وقال مين لوكالة «أسوشيتدبرس» (الأمريكية للأنباء) إن الخيار النووي الأمريكي «يعطي الكوريين الشماليين مبرراً لتطوير وصنع وامتلاك أسلحة نووية. وقد أعلنوا في مناسبات عدة أنهم لن يتخلوا عن الأسلحة النووية ماداموا لم يضمنوا هذا الزمن الأساسي».

- [**المصدر : وكالة «اسوشيتد برس» (الأمريكية للأنباء)*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2178699

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2178699 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40