الأحد 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

“الزمن السوري” الذي لن يأتي

الأحد 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par سعد محيو

بين أيدينا نصّان “إسرائيليان” كلاهما يصب في طاحونة واحدة: ضرورة إبرام تسوية سريعة بين دمشق و”تل أبيب” .النص الأول (في “معاريف”) للكاتب يورام دوري، اختار أن يسترجع عروض الرئيس السادات ل”إسرائيل” منذ العام ،1971 التي لم تقبلها إلا بعد أن تكبدت 2552 قتيلاً في حرب أكتوبر/تشرين الأول ،1973 وهو يرى الآن تشابهاً في كل من العروض والظروف مع سوريا .

قال: “يتعيّن على “إسرائيل” التخلي عن مواقفها الرافضة، قبل عام كان بإمكاننا أن نفترض أن الولايات المتحدة لم تكن متحمسة للمفاوضات “الإسرائيلية” السورية، لكنها اليوم مع باراك أوباما تستطيع أن تقدم خدماتها الحميدة من أجل اختبار جدّية الأسد . إن الزمن السوري في انتظارنا، وهناك احتمالات كبيرة للتوصل إلى تسوية مع دمشق” .

النص الثاني (في “هآرتس”) لزفي باريل، وهو لا يُركّز على فرص التسوية مع سوريا، بل على ضرورتها الاستراتيجية القصوى . لماذا؟ لأنها، برأيه، “قد تكون الخيار الأمثل للتصدي لحزب الله وأحمدي نجاد في الجبهة الشمالية، لا سيّما حين نضع في الاعتبار أن لبنان لايزال في دائرة نفوذ سوريا، وهي لا تنوي أبداً التخلي عنه أو تسليمه إلى طهران” .

كلا هذين النصّين يبدو منطقياً للغاية . هذا علاوة على أنهما متطابقان مع الفرضية العامة التي تتبناها واشنطن والعديد من الدول العربية “المعتدلة”، التي ترى أن الطريقة الوحيدة لقلب موازين القوى بين إيران والغرب تبدأ وتنتهي في خيار واحد: إخراج سوريا من الفلك الإيراني، وهذا يتطلب أمرين: إعادة هضبة الجولان المحتلة إليها، والاعتراف بدورها الإقليمي في لبنان وفلسطين والعراق .

وفي المقابل، سيكون الانقلاب شاملاً في لعبة الشطرنج الشرق أوسطية: ف”مسألة حزب الله” التي تؤرق “إسرائيل”، ستُحل بإشراف سوري عبر تحويله إلى حزب سياسي، وعبر توقيع لبنان نفسه على اتفاقية سلام مع “إسرائيل” أسوة بسوريا، والمنظمات الفلسطينية المتشددة على غرار حماس والجهاد والجبهة الشعبية ستفقد ملاذاتها في دمشق، والتنسيق الأمريكي السوري سيكون كاملاً في العراق لمواجهة النفوذ الإيراني .

لكن، هل حكومة نتنياهو في وارد القيام باختراق دبلوماسي “تاريخي” لقطف ثمار هذه الجوائز المسيلة للعاب؟

لا يبدو أن الأمر سيكون كذلك، لا الآن ولا غداً . قد تنخرط “إسرائيل” في مفاوضات غير مباشرة جديدة مع دمشق، وقد تتحدث بصوت مرتفع عن رغبتها في تحقيق السلام معها، لكنها عملياً لن تتقدم إنشاً واحداً إلى الأمام في هذا الاتجاه، وهذا لأسباب عدة اقتصادية (ربع مياه “إسرائيل” من الجولان)، واستراتيجية (لا ضغوط عسكرية عليها لإخلاء المرتفعات)، وإيديولوجية (“إسرائيل” الكبرى التوراتية) .

وثمة سبب رابع: “إسرائيل” كانت منذ قيامها، ولاتزال، تُفضّل مبدأ الحرب الدائمة على السلام الدائم، وتجد في المبدأ الأول فرصتها المُثلى للحفاظ على تماسك الشتات اليهودي فيها، وتزييت عجلة المجمعات الصناعية العسكرية “الإسرائيلية” والأمريكية، واختبار أسلحتها وتكنولوجيتها الحربية في الحروب الحقيقية .

ولذا، إذا ما خُيّرت “تل أبيب” بين سلام مع سوريا يجلب لها جوائز استراتيجية، وحرب تعتقد أنها ستقلب موازين القوى لمصلحتها، فلن تتردّد على الأرجح في الانحياز إلى الخيار الثاني .

ولذا أيضاً، الزمن السوري قد يأتي في نهاية المطاف، لكن ليس قبل أن يسبقه زمن حرب جديدة . أين؟ في لبنان و”ضواحيه” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165422

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165422 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010