الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

الفلسطينيون لا يريدون تسوية انتقالية اخرى

الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

شاؤول موفاز يصعد درجة. حتى الان ناشد رئيس الوزراء تبني خطته السياسية. «من جهتي أنت لا تحتاج الى أن تسمي هذه خطة موفاز، سمِّها خطة نتنياهو»، قال موفاز، «المهم ان تفهم ان هذا هو السبيل الوحيد للخروج من الطريق المسدود».

الان، يؤكد موفاز الرسالة ويستأنف الجلبة السياسية في «كاديما»، وبشكل عام : «يا بيبي تبنَّ خطتي السياسية»، هو يقول، «وسندخل الى الائتلاف. هذه الخطة يمكنها أن تكون اساسا لاقامة ائتلاف واسع، من الحائط الى الحائط. لها أغلبية في «الكنيست»، لها اغلبية في «كاديما»، لها اغلبية في «الليكود». عرضتها على محافل امريكية رفيعة المستوى قالت انها الخطة القائمة الاكثر عملية.. كل الاطراف ستكسب منها. الفلسطينيون سيحصلون على دولة وضمانات بان في التسوية النهائية سيكون لدولتهم حجم من الارض يشبه الـ 67. نحن نحصل على تسوية انتقالية، ترتيبات امنية وتحول استراتيجي. صورة «اسرائيل» في العالم ستتغير بين ليلة وضحاها. الشرعية ستتجدد. إذن لا تخف، يا بيبي، خذ هذه الخطة، فهي الامر الوحيد الذي يمكنه أن ينقذك من الحصار، تبنـَّها لنقيم حكومة معا».

موفاز يقول في واقع الامر لنتنياهو انه اذا تبنى صيغته السياسية، فان «كاديما» سيكون في الداخل. وهو لا يطلب الاذن المسبق من تسيبي ليفني. يقول هذا بناء على رأيه الخاص. السؤال هو من أين يستمد موفاز هذه الثقة بالنفس. في المرة الاخيرة التي اظهر فيها مثل هذه الثقة بالنفس، انتهى بالبكاء. ليفني حافظت على السيطرة على «كاديما» اما هو فأصبح لجوجا هامشيا منفردا. سألته ماذا سيحصل اذا ما قالت تسيبي ليفني، زعيمة «كاديما»، لا. فقال موفاز : «لا اصدق ان هذا هو ما ستقوله. ولكن في مثل هذه الحالة سنطرح الامر على مؤسسات «كاديما». اؤمن بانه ستكون هناك اغلبية».

فضلا عن ذلك، فهو ليس متأكدا من أن ليفني وهو بعيدان جدا الواحد عن الاخر. وهو يقول : «في حديثنا الاخير كان بيننا تفاهم. هي ايضا قالت اننا نفكر على نحو مشابه جدا. هي تتحدث عن انابوليس. العودة الى هناك، برأيي، ليس عمليا، ولكن في نهاية المطاف فانها تعرف ان تسويتها هي تسوية رف. ليس تسوية يمكن تطبيقها الان على الارض. وهذا بالضبط ما اقوله أنا. أنا اتحدث عن تسوية في نبضتين. نبضة الان، في نهايتها يسيطر الفلسطينيون على 60 في المئة من اراضي الضفة، تقام عليها الدولة. وستكون ترتيبات أمن متشددة. ستكون لهم أخيرا دولة سيادية، مع تواصل من جنين حتى الخليل. اما نحن فستكون لنا مكانة اخرى تماما في العالم. كل ما تبقى سيؤجل الى المرحلة التالية. ما الضير في ذلك؟».

[**البديل الوحيد*]

بنيامين نتنياهو، مثلا، يعتقد انه لا يوجد ضير في ذلك. بيبي كان يريد جدا لهذا أن يحصل، ولكنه يعرف ان هذا لن يحصل. لا يوجد شيء يريده نتنياهو الان أكثر من تسوية انتقالية. في احاديث خاصة يقول نتنياهو انه «اذا عرضت تسوية انتقالية، فان الفلسطينيين والعالم العربي سيردوها على الفور. انا مشبوههم الفوري. تسوية كهذه يجب أن يعرضها الامريكيون».

نتنياهو يحلم وينشد تسوية امريكية مفروضة. ليست تسوية دائمة نهائية، تتضمن ترسيما نهائيا للحدود، القدس واللاجئين. فهذا لن يستطيعه. وهو يحلم بشيء مؤقت، في هذه الاثناء. على نمط موفاز (وكذا شمعون بيريس وايهود باراك).

يسمح بالسير مع والشعور بلا. او العكس. المهم الا تكون حاجة الى هزة زائدة، الى قرارات صعبة، الى اضطرابات. بدون اقتراح كهذا، يعرف نتنياهو، انه محكوم بالفناء. اذا ما كسر يمينا، سيفقد حزب «العمل»، الشرعية الدولية والسلطة. اذا كسر يسارا، سيفقد اليمين، قاعدة القوة والسلطة. وهو لا يريد ان يكسر الى أي مكان، لانه يعرف انه فور ذلك سيكسر رأسه.

وها نحن نعود الى موفاز. الجولة السابقة ادارها رئيس الاركان السابق بالمجسمات. فقد توجه الى رأس ليفني بكل القوة وعندما ترسب الغبار اكتشف انه فقد رأسه هو. فقد نجحت ليفني في الحفاظ على وحدة «كاديما» وعلى خيوط الجذب، واصبح موفاز الولد الشرير بل وحتى وسائل الاعلام فقدت الاهتمام به.

اما الان فهو يأتي بلطف. تظاهرا. «خطتي هي البديل الوحيد»، يقول، «صدقني، فحصت كل البدائل الاخرى. لا يوجد شيء افضل. العودة الى انابوليس؟ الخطة الهاذية لليبرمان؟ صدقني ان في اليمين ايضا يعرفون ان لا أمل لذلك. الصحيح هو السير نحو تسوية انتقالية تعطي لكل الاطراف مردودات ذات مغزى دون تنازلات دراماتيكية». قلت له ان الفلسطينيين غير مستعدين لان يسمعوا عن تسوية انتقالية اخرى. ابو مازن يريد خريطة. ارسم لي خريطة، يقول لبيبي، ولديه اسناد من كل العالم.

«هم غير مستعدين لان يسمعوا عن أي شيء، كل خطة تعرضها «اسرائيل» يرفضونها، وهذا ليس جديدا»، يقول موفاز، «ولكننا يجب أن نقرر ما هو جيد لنا وان ننفذه. حتى لو رفضوا الخطة، فنحن سنبقى في حالة زخم، في مبادرة، وسنرمم مكانتنا الدولية ونحظى بالتأييد من الحائط الى الحائط تقريبا».

[**ليفني لا تزال قوية*]

هل ليفني ستساهم في مثل هذه الخطوة؟ يبدو أن لا. شرط ليفني هو لا لمثل هذه الخطة وغيرها. فهي تعرف على نحو ممتاز ان نتنياهو سينجح في تذويب كل خطة مهما كانت. ليفني تريد ان تسمع من رئيس الوزراء، بأذنيها، ما الذي يريد عمله والى اين يريد الوصول.

اذا كان معنيا بالمناورة وكسب الوقت، فليتفضل لعمل ذلك وحده. هي ليست هناك من اجله. حتى الان، سلوك ليفني ليس سلوكا سياسيا.

وهذا يقال في صالحها. بقدر ما اتذكر، فهي الاولى في العصر الحديث التي تتخلى عن الابهة، وفضلت البقاء في المعارضة والجفاف في الصحراء السياسية رغم كل الاغراءات.

شعب «اسرائيل» يحتاج ايضا الى معارضة، الى بديل سلطوي، يعرض عليه طريقا آخر. ليفني قررت أن تأخذ نفسا وأن تكون البديل. كان لديها اتفاق تناوب مغلق في الجيب (ثلاث سنوات نتنياهو، سنة ونصف السنة هي)، كانت لها امكانية الجلوس على وعاء اللحم، ربط قطيع الافواه الجائعة في «كاديما» ممن ينفخون في قذولتها بحلمات الوفرة، واحداث حياة مجنونة. ولكنها رفضت. وفي الشهرين الاخيرين ايضا حين فضلت الا تفلح على ظهر نتنياهو ومنحته هدوءا نسبيا في اثناء اللحظات الصعبة للمفاوضات والدراما حول التجميد، وقد فعلت ذلك لانها اعتقدت بان هذا ما ينبغي عمله. هذا لم يكن قرارا سياسيا.

هناك اناس يعتقدون انها تبث ضعفا. برأيها، هي تبث قوة. هناك لرأيها هذا سند في الواقع. رغم كل ما قيل اعلاه، فان مكانتها في الاستطلاعات محفوظة. الميول في صالحها، والمزيد فالمزيد من المحافل في الساحة السياسية يفهمون بان احتمالاتها في الانتخابات في السنة القادمة جيدة ونتنياهو يواصل التمترس في الحفر التي حفرها لنفسه.

في هذه الوضعية، سيكون من الصعب جدا على شاؤول موفاز أن يجرف «كاديما» خلفه، او جزءا منه. خلافا للمحاولة السابقة لشق الحزب، والتي تمت بأياد جد غير مصداقة من نتنياهو واسرائيل كاتس، الظروف اليوم مختلفة. الوضع كان مختلفا. كنا في بداية الولاية. كل الحياة السياسية «للكنيست» الحالية كانت لا تزال امامها.

اما اليوم، فان بيبي قريب من نهاية الولاية اكثر منه من بدايتها. المنحدر السلس امامه. كل نائب يعرف انه حتى لو حصل على شروى نقير كهذا او ذاك فان الحديث يدور عن زمن محدود. ساعة الرمل تنفد.

[**نبي في حزبه*]

الخريطة السياسية في الانتخابات التالية ستتغير. منذ الان بات شبه واضح بان اريه درعي سيتنافس على رأس قائمة اجتماعية سيكون فيها متدينون وعلمانيون على حد سواء. «اليسار الوطني» يحدث اصواتا جدية. فكرة مع طاقة كامنة جارفة على خلفية الموت المثير للشفقة لحزب «العمل» يمكن أن تجلب لنفسها غير قليل من المقاعد. اذا كان حزب ذو مغزى من اليسار، يدفعه الى الوسط، واذا نجح درعي في أن يقشط من اليمين بعض المقاعد فان كل شيء في المرة القادمة سيكون مفتوحا تماما. كل ما قيل أعلاه يمكن أن يتبخر في غضون ثوان اذا ما وعندما تتجدد دوامات أمنية غير متوقعة. منطقتنا تكثر من انتاج مثل هذه الدوامات، دوما في الزمان والمكان الاقل توقعا. وهكذا بحيث ان كل شيء مفتوح حقا.

شيء واحد على ما يبدو ناجز منذ الان : الفناء الذي اوقعه على نفسه حزب «العمل». بهذه الوتيرة، هذا الحزب يوشك على أن يشطب من الخريطة وكأنه لم يكن موجودا ابدا. يعرف هذا على نحو ممتاز ايهود باراك، يعرفه الوزراء، يعرفه النواب. فما العمل؟ يخططون، يثرثرون وبالاساس ييأسون. وباستثناء باراك، بالطبع، الذي يواصل الخطة الاصلية، فهو سيركب هيكل البورصة هذا حتى الانهيار النهائي. يوم الجمعة الماضي جاء ميرو عميئال للقاء مع فؤاد بن اليعيزر. عميئال هو سكرتير فرع «العمل» في «هوت هشارون». هذا ليس متفرغا من نوع الحزب العادي، ذاك الذين يرتب لنفسه وظائف تلوح له من الحزب كي يعيش ويحتك بمساعدي النواب. عميئال هو رجل جدي. فهو مدير القسم الفلسطيني في شركة «مشآف» (شركة أي.دي.بي)، مدير تنفيذي لمشاريع «نيشر»، رجل مستقل وميسور. ذات مرة، كان فرعه في «هوت هشارون» يعج بالحياة. اما اليوم فهذا ليس سوى خيال. من أصل 470 منتسباً للعمل في «هوت هشارون» تبقى عميئال وحده تقريبا. وهو يقول : «انا لا اصدق ان احدا ما بقي غيري. وانا لا اصدق اننا في الانتخابات القادمة سنحصل هنا على ربع ما حصلنا عليه في الانتخابات السابقة». وها هي خلاصة ما قاله عميئال لفؤاد : «انتهى الامر يا فؤاد. انتهى. باراك سيذهب الى البيت، مهما كان. الموضوع ليس هو بل نحن. هو يدفعنا الى الانهيار. لا سبيل آخر. أنتم ملزمون بان تفهموا هذا. ملزمون بالتنازل عن الكراسي وعن سيارات الاودي وان تخرجوا من هناك. هذا هو اختباركم. انت وبوجي وبريفرمان والجميع. حان وقت الحقيقة. ماذا لديكم تبحثون عنه هناك اذا كنتم لا تستطيعون ان تحققوا تمديدا للتجميد لشهرين؟ نحن لم نعد ستة مقاعد في الاستطلاعات، وهذا يهبط. لم نصل الى أسفل الدرك. الحزب ينتهي يا فؤاد، ينتهي لكم امام أنظاركم. وانتم تواصلون الجلوس هناك».

فؤاد لم يقع عن كرسيه. هو ايضا يقول امورا مشابهة. المشكلة هي أنه يقول فقط. ولكنه لا يقصد حقا. كان له مؤخرا حديث صعب جدا مع باراك. طلب منه أن يذهب بالحسنى. اما باراك فلا يعتزم الذهاب بالحسنى. «لا توجد حفرة لا يقع فيها»، قال عميئال لفؤاد، «حتى الان، مع الشقق في «اسوتا» (في «يديعوت» نشر هذا الاسبوع ان باراك يربط لنفسه شقتين مجاورتين في المشروع العقاري الفاخر ولم يبع بعد الشقة في «اكيروف»)، وهو يواصل الوقوع. هذا الرجل يفعل ما يريد، لا يسأل أحد، لا يتشاور. وكأنه لا يوجد حزب، لا يوجد رفاق، وانه هو وحده فقط. أدخلنا الى الحكومة ورغم معارضتنا، انسجمنا معه. الاغلبية حسمت. وكانت الذريعة المسيرة السياسية. سحبنا من أنفنا حتى اليوم، وفي النهاية يقع الامر على شهري تجميد، وفي هذه الاثناء لا تجميد، لا مسيرة ولكن توجد كل انواع العنزات المجنونة وتصريحات الولاء ومن يدري ماذا بعد.

من يدير اليوم هو ايفات ليبرمان، أما نحن فيأخذوننا كأمر مسلم به، لا أحد يمنحنا أي جدية، حتى عندما تهددون. بيبي ومن لف لفه يعرفون بانك انت يا فؤاد وكذا بريفرمان وبوجي، مستعدون لان يفقد الحزب العقل على الا يفقد الكرسي. المهم ان تبقوا وزراء. وهم يعرفون هذا يا فؤاد.

- [**«معاريف»│15 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2177861

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2177861 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40