الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

تعديل «قانون المواطنة».. «يمأسس» لعنصرية «إسرائيل»

الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par سمير جبور

اقرت الحكومة «الاسرائيلية» يوم الاحد الفائت (10 /10/ 10) «تعديل قانون المواطنة» باغلبية كبيرة، حيث صوت لصالح التعديل 22 وزيرا في حين عارضه 8 وزراء.

فقد اقرت الحكومة «الاسرائيلية» التعديل على النحو التالي : يلتزم كل من يطلب الجنسية «الاسرائيلية» من غير اليهود اعلان القسم التالي: (اقسم بالولاء لدولة «اسرائيل» ـ «دولة يهودية ديمقراطية»)، حيث رفض اقتراح وزير الجيش «الاسرائيلي» ايهود باراك اضافة عبارة «بروح وثيقة الاستقلال»، وهذا ما دفعه للتصويت ضد التعديل على قانون المواطنة الذي تم سنه في «اسرائيل» عام 1950. وتبيّن ان المعارضين لهذا التعديل في الحكومة هم، وزراء «حزب العمل»، الوزير الليكودي بيني بيغن وكذلك دان ميردور وميخائيل ايتان. وكان وزير العدل «الاسرائيلي» يعقوب نئمان قدم اقتراحا اخر ستتم دراسته في وقت لاحق، بهدف كسب تأييد المعارضين لهذا القرار، بحيث سيتم بحث امكانية الطلب من اليهود القادمين الى «اسرائيل» اعلان هذا القسم.

والمعروف ان هدف إقامة دولة أبرتهايد صرف يهودية توسعية على امتداد الأرض الفلسطينية لم يغب عن جدول أعمال الحركة الصهيونية في اي وقت من الأوقات. وكانت ممارسات جميع الحكومات «الاسرائيلية» على امتداد أطيافها السياسية تسير في هذا الاتجاه، سواء بالنسبة الى تطبيق سياسة تطهير عرقي، وسياسة تمييز عنصري ضد المواطنين العرب عبر مصادرة اراضيهم وعبر التمييز ضدهم في كافة المجالات، ولا سيما العمل على حرمانهم من التمتع بالمساواة مع السكان اليهود.

وقد حاول نتنياهو أن يبرهن على ان مثل هذا القانون العنصري ليس بدعة تقتصر على اليمين الصهيوني الحاكم حاليا، وانما هو هدف اساسي للحركة الصهيونية بدأ مبطنا كما أعلن هرتسل، الذي طبع فكرة «الدولة اليهودية» سنة 1896، ان الدولة المقترحة ستكون «لليهود الذين يطلبون دولة ـ دولة خاصة بهم. سنعيش أخيراً أحراراً على أرضنا». 51 عاما بعد ذلك، في عام 1947، كتب ديفيد بن غوريون الدولة التي يتم تأسيسها ستكون يهودية بدورها وبأهدافها، إنها لا تكون دولة لليهود الذين يسكنون في البلاد فحسب، بل ستكون دولة للشعب اليهودي بأسره.

وكُتب في «وثيقة الاستقلال»، المستند المؤسس لدولة «اسرائيل»، نعلن عن إقامة «دولة يهودية» في أرض «اسرائيل» وهي دولة «اسرائيل». وفي عام 1992 أكدت «الكنيست» في قانون أساس كرامة الإنسان وحريته، يكون هدف القانون هو حماية كرامة الإنسان وحريته، من أجل الترسيخ على طريق قانون أساس لقيم دولة «اسرائيل» بمثابة «دولة يهودية وديمقراطية».

وزعم نتنياهو أنه «لا توجد ديمقراطية أخرى في «الشرق الأوسط». لا توجد «دولة يهودية» أخرى في العالم. إن الانسجام بين هاتين القيمتين العاليتين- «دولة يهودية» و«دولة ديمقراطية»، يعرب عن أساس وجودنا وكيان دولة «اسرائيل». يجب على كل من يريد أن ينضم إلينا أن يعترف بذلك».

وقد اثار مشروع القانون هذا الذي سيعرض على «الكنيست» ـ البرلمان «الاسرائيلي» لاحقا، موجة عارمة من ردود الفعل، باعتباره نقطة تحول أخرى في توجه «اسرائيل» المعادي للمبادئ والحقوق الانسانية.

قال عضو «الكنيست» العربي طلب الصانع معقبا على مشروع القرار بانه لا يستبعد استبدال «النشيد الوطني» بعبارة «الموت للعرب». وقال دان ميريدور عضو «الليكود» ان هذه القانون يشكّل طعنة لـ 1.5 مليون فلسطيني الذين هم مواطنو «اسرائيل» وإشعارهم بانهم مواطنون من الدرجة الثانية، وهذا ما يزيد الانشقاق بينهم وبين الدولة. وقال الوزير لشؤون الأقليات أفيشاي برافيرمان ان هذه القانون «مغيظ وغير مسؤول». وقال انه يشجع الجهود الرامية الى تجريد «اسرائيل» من شرعيتها في جميع انحاء العالم.

وعلقت تسيبي ليفني رئيسة حزب «كاديما» على هذا القانون العنصري بقولها ان «مسألة «اسرائيل دولة يهودية وديمقراطية» اصبحت سلعة تجارية سياسية». وأضافت ان «الأمر الرئيس الذي يجب ان نحافظ عليه هو وجود «اسرائيل» كـ «دولة يهودية» تمنح المساواة لجميع مواطنيها، الا ان مشروع القانون هذا لا يساهم في ذلك، بل على العكس، فانه سيكون مصدر نزاعات داخلية وعدم تفهم دولي».

وأما المعلّق جدعون ليفي الذي سجنته السلطات «الاسرائيلية» قبل ايام فقال انه «لا تزال النيران تستعر تحت البساط، اذ ان انعدام الثقة بعدالة نهجنا هو الذي يولد مشروع قانون مجحف كذلك الذي اقر»، واضاف ليفي ان غاية التعديل هو «استفزاز الأقلية العربية وحشرها اكثر فأكثر في زاوية عدم الولاء، لكي نستطيع ان ننفذ في يوم ما مؤامرتنا للتخلص منها في النهاية، وبذلك نضع لغما آخر غايته القضاء على كل احتمال للوصول الى تسوية مع الفلسطينيين. واليوم تقام جمهورية «اسرائيل» اليهودية المظلمة».

إن تعديل قانون المواطنة يكرّس العنصرية والشوفينية القبلية. وهو يبرهن على أن «اسرائيل» تمأسس التمييز العنصري وهي ديمقراطية بالنسبة لليهود وعنصرية وغير ديمقراطية بالنسبة للمواطنين العرب، طالما انها تعرّف نفسها بحسب دينها. وبالتالي، فهي لا تستطيع ان تعامل جميع مواطنيها بالتساوي، كما يقضي النظام الديمقراطي السليم. والتطبيق العنصري لهذا القانون ان «اسرائيل» تقيم نظامين: واحد لليهود والآخر للعرب الفلسطينيين الذين هم أصحاب الأرض ويقيمون على ارضهم قبل قيام «اسرائيل» وهذا ما يناقض روح الديمقراطية.

إننا لا نضيف جديدا بالنسبة للغايات الأساسية لهذا القانون العنصري، وهو يضاف الى عشرات القوانين العنصرية التي سنتها «اسرائيل» منذ قيامها. وللتذكير نقول ان الغرض من هذا التعديل هو استكمال جميع الجهود الصهيونية للقضاء على حق العودة وإفهام اي فلسطيني يرنو الى العودة، في حال إجبار «اسرائيل» على الاعتراف بالقرار 194، ان هذه ما ينتظره في اسرائيل : دولة مرتع للعنصرية.

ان احدى العبر من مكافحة الأبرتهايد في جنوب افريقيا بسيط جدا : العنصرية يجب ان تهزم، ولا يمكن التهاون معها، ولا مكان لأي نظام عنصري في القرن الواحد والعشرين. وليس من الصعب الكشف عن عنصرية هذه الكيان الصهيوني ودحرها، اذ أنه يضع بين ايدينا وثيقة جديدة تشكل إدانة صريحة لعنصريته. وما على العرب الا اجادة استخدام هذه الوثائق لفضح الطبيعة العنصرية لـ «اسرائيل». فالمطلوب ليس إجبار العرب على اداء قسم الولاء لـ «الدولة اليهودية»، بل إجبار هذه الدولة على الولاء لحقوقهم الأساسية بصفتهم اصحاب الأرض الشرعيين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165557

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

32 من الزوار الآن

2165557 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 32


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010