الخميس 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

عبد ربه وبالوناته الخطيرة جداً

الخميس 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني و«الاسرائيلي» من المفترض ان تكون متوقفة بسبب رفض حكومة بنيامين نتنياهو تمديد تجميد الاستيطان في الاراضي المحتلة بما فيها القدس الشرقية، ولكن ما يجري على ارض الواقع يوحي بعكس ذلك تماماً.

نتنياهو فجر قنبلة عنصرية اخرى اثناء خطابه في افتتاح الدورة الجديدة «للكنيست» قبل يومين، عندما طالب «السلطة الفلسطينية» بالاعتراف بـ «يهودية دولة اسرائيل» مقابل تجميد الاستيطان، فوجدت الادارة الامريكية في هذا الطرح خطوة مهمة، وارضية تفاوضية وطالبت باقتراح فلسطيني مضاد ردا عليها.

الادارة الامريكية لا ترى في شروط نتنياهو العنصرية هذه امرا مستهجنا، وانما حق مشروع وقانون لا غبار عليه من وجهة نظرها، بدليل اعترافها العلني بالطابع اليهودي الديني لـ «اسرائيل» على لسان اكثر من مسؤول امريكي، ابتداء من الرئيس باراك اوباما وانتهاء بفيليب كراولي مساعد وزير الخارجية.

«السلطة الفلسطينية» التي اعلنت مقاطعتها للمفاوضات علنا في ختام اجتماع لما يطلق عليه «القيادة الفلسطينية»، انخرطت مجددا في المفاوضات وردت على مقترح نتنياهو بمطالبة امريكا و«اسرائيل» بتقديم خريطة رسمية بحدود الدولة «الاسرائيلية».

السيد ياسر عبد ربه امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تطوع باطلاق اكثر من بالون اختبار لجس نبض الشارع الفلسطيني تجاه امكانية اعتراف سلطته بـ «يهودية دولة اسرائيل»، عندما قال حرفيا «اذا جاءت خريطة «اسرائيل» على اساس حدود عام 1967، مع ضمان انهاء الاحتلال «الاسرائيلي» لعموم الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 فسوف نعترف بـ «اسرائيل» كما تسمي نفسها وفق القانون الدولي».

كلام السيد عبد ربه هو اول تجاوب علني مع طروحات نتنياهو من مسؤول كبير في «السلطة الفلسطينية»، وهذا تطور خطير يمهد للتنازل عن حق العودة كلياً، وحرمان مليون ونصف المليون فلسطيني من ابناء الاراضي المحتلة عام 1948 من حقوق المواطنة في «الدولة اليهودية».

لا نستغرب ان يتنازل السيد عبد ربه عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، فقد فعل ذلك اثناء تبنيه و«ثيقة جنيف» الشهيرة التي اسقطت هذا الحق، ووقعها بصفته عضواً في اللجنة التنفيذية للمنظمة، ولكن ما نستغربه، بل ونستهجنه ان يتمادى الى ما هو ابعد من ذلك، ويتنازل عن حق الاشقاء الفلسطينيين من «عرب 48» في البقاء على ارضهم، ويعطي ضوءا اخضر «للاسرائيليين» بالموافقة على ابعادهم بصفتهم غرباء في «دولة يهودية».

متحدثون باسم السلطة تنصلوا من تصريحات السيد عبد ربه هذه، وقالوا انه لا يمثل الا نفسه، وهذا التنصل متوقع، وغير مفاجئ ايضا، فقد عودتنا السلطة على امثاله في كل مرة يطلق فيها السيد عبد ربه وامثاله بالونات اختبار على مثل هذه الدرجة من الخطورة، فقد تكرر هذا السيناريو حرفيا بعد افتضاح امر وثيقة جنيف واسقاطها حق العودة.

السيد عبد ربه لا يمثل نفسه، وانما يمثل «الرئيس» محمود عبّاس، وهو من اقرب الشخصيات الرسمية اليه، ويعتبر في نظر الكثيرين المنظر السياسي «للسلطة الفلسطينية» ونهجها، وكان المشرف الرئيسي على «مطبخ اوسلو» الى جانب «الرئيس» عبّاس اثناء انطلاق المفاوضات السرية التي انتجت الاتفاق المعروف.

اللوم الاكبر يجب ان يوجه الى حركة «فتح» التي سرق السيد عبد ربه وآخرون مثله دورها، وقدموا تنازلات مهينة عن ثوابت فلسطينية مقدسة باسمها واستنادا إلى رصيدها الوطني النضالي الكبير.

مصير القضية الفلسطينية بات مرهوناً في يد حفنة من الاشخاص، يدعون تمثيل الشعب الفلسطيني، ويتفاوضون باسمه دون ان يستندوا الى اي تفويض شعبي او دستوري. وهنا تكمن الطامة الكبرى.

- [**رأي صحيفة «القدس العربي» اللندنية.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165923

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165923 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010