الاثنين 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

انجاز عظيم وإخفاق ذريع

الاثنين 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

في محضر جلسة في السابع من تشرين الاول (اكتوبر) 1973، من المباحثة الشهيرة التي بدأت في الساعة 14:45 والتي أوصى ديان خلالها بترك الجرحى في الحرب، ظهرت جملة بين هلالين قالت ما يلي : «وزير الدفاع يتلو ما جمعت أمان عن تحرك القوات العراقية». كانت هذه عندي وعند كثيرين آخرين جملة عظيمة الأهمية، تشتمل في تضاعيفها على قضية استراتيجية تاريخية في شأن «القوة العراقية المرسلة».

كانت الورقة التي تلاها وزير الدفاع نشرة سريعة أصدرتها الشعبة في أمان المسؤولة عن سورية والاردن (الشعبة 5) بقيادة المقدم (الذي صار بعد ذلك لواءً) آفي يعاري، في الساعة 14:40. كانت مكتوبة بخط اليد. ورد في الرسالة أن قوات الجيش العراقي أُعطيت أوامر التحرك صوب سورية. وأضاف ديان تفسيرا قصيرا : القوة العراقية الأقرب الى سورية هي الفرقة المدرعة الثالثة، ويستطيع لواؤها الاول وصول منطقة دمشق في ثلاثين ساعة. كانت عناوين الوثيقة السريعة أناس القيادة العسكرية والأمنية وكذلك قادة قيادة الشمال والوسط والمركز، وسلاح الجو وعناصر عملياتية واستخبارية اخرى. منذ تلك اللحظة، أعطت الشعبة 5 لجميع هذه الجهات معلومات جارية ومحدثة ودقيقة عن تحرك الفرقة المدرعة الثالثة العراقية، مع ألويتها ووحداتها، صوب دمشق، وبعد ذلك عن الفرقة المدرعة الثانية، الفرقة 6. حاول سلاح الجو تعويق حركة القوات العراقية لكنه فشل. وفشلت ايضا وحدات خاصة أُسقطت في عمق الارض، على محور تقدم القوات العراقية.

كان ها هنا انجاز غير عادي هو ثمرة جهود سنين، من جهة استخبارية. لكنه نشأت عندنا أسطورة تقول إن الاستخبارات لم تعرف عن العراقيين وفشلت هنا فشلا ذريعا آخر. وكما هي العادة عندنا، أوجد الأسطورة أشرار لا يستطيعون النوم جيدا في الليل اذا لم يعيبوا في النهار على الاستخبارات، أو مجرد جهلة. إن جميع الشهادات التي عرضت في الماضي في ايام دراسية عن حرب يوم الغفران وقعت على آذان صماء. جاء محضر الجلسة الآن ليصحح ظلما تاريخيا وقع على شعبة الاستخبارات، إلا اذا زعم الأشرار أن الحديث عن تزوير.

كان الى جانب الانجاز العظيم ايضا إخفاق عظيم. فالفرق التي حاربت في هضبة الجولان، وعلى رأسها فرقة دان لينر، لم تعرف شيئا عن العراقيين. وقيادة الشمال، لاسباب لا أعلمها ولم تُحقق حتى الآن، لم تبلغ القوات ذلك برغم انها عرفت بالتحرك. في 12 تشرين الاول (أكتوبر) 1973، هاجم اللواء الاول من الفرقة المدرعة الثالثة العراقية من الجناح الجنوبي وفاجأ تماما الفرقة القليلة العدد لدان لينر التي تقدمت صوب دمشق. صدّت القوات العراقية تقدم الجيش «الاسرائيلي» نحو دمشق، وأنقذت الجيش السوري من الفناء، ومكّنت من اقامة نظام دفاعي سوري عراقي، وأحدثت بذلك تحولا استراتيجيا في الجبهة الشمالية.

كان الدرس العراقي الذي استُخلص وتُرجم لاعمال في السنين التي تلت ذلك هو بناء «قوة إرسال» مدرعة عظيمة الأبعاد تأتي سريعا الى ميادين القتال في سورية أو في الاردن. كان للجيش «الاسرائيلي» درسان : في المجال الاستخباري : الضرورة العليا هي نقل مادة استخبارية مباشرة الى القوات المحاربة وعلى الفور؛ وفي المجال الاستراتيجي العملياتي : صياغة مصطلح «جبهة شرقية» حيث القوة العراقية هي قوة حسم استراتيجي.

غيّبت حربا الخليج (في 1991 و2003) عن العالم القوة العراقية ومصطلح «الجبهة الشرقية». لكننا لا نعلم ما الذي يخبئه المستقبل عن تلك الجبهة اذا وقعت تحت سيطرة ايرانية.

- [**«معاريف»│11 تشرين الأول (اكتوبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2177619

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2177619 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40