الاثنين 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

شباب فلسطين في المهجر وأزلام أمريكا في فلسطين

الاثنين 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par خالد بركات

ليس غريباً أن يقف فلسطيني قبالة البيت الأبيض، ويتظاهر ضد الاحتلال والعدوان والحرب، بل وضد المفاوضات أيضاً، فيما فلسطيني آخر، قادم من رام الله المحتلة يحث خطاه إلى داخل البيت الأبيض وقد غمره العار تماماً من رأسه حتى أخمص قدميه!

ولا غرابة في أن يتطاول أحد أزلام أمريكا في رام الله على لاجئ فلسطيني يقيم في الدنمارك مثلاً، يقول الأول للثاني (بغضب) «تعال هنا تحت الاحتلال وقاوم معنا وبعدين زاود علينا».

إن هذا المنطق الرث لن يردع الشاب اللاجئ في الدنمارك، ولن يشعره بالذنب، لأنه يعرف حقيقة «المسؤول الفلسطيني» وأنه لا يقاوم الاحتلال حتى لو كان في رام الله، وهو لا يعيش كالفقراء والغلابا في مخيمات الجلزون والأمعري وقدورة ومن يسكنوا احزمة البؤس في المدن الفلسطينية. لو كان الأمر كذلك لما قاله له «تعال هون» وهو يعلم أنه لاجئ.

الواقع المرير يقول لنا إن صاحبنا يعيش في فيلا برام الله ومعه بطاقة أمان مفتوحة، «إسرائيلية» المولد والمنشأ، ويصرفها له الاحتلال.

لا يتلقى الفلسطينيون في أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وغيرها من مناطق اللجوء والمهاجر أية «معونة» من منظمة التحرير الفلسطينية أو من سلطة أوسلو، وهي سلطة قائمة على نظام الشحدة والتطفل والسرقة. وبالتالي، فإن هذه الجاليات الفلسطينية لا تخضع للابتزاز والتهديد، ولا بالجوع والسجون والحصار، لذلك ربما، تجدهم الأكثر قدرة على نقد السلطة الفلسطينية والأكثر معرفة بحقوقهم والدفاع عنها، وهم يقومون بذلك دون أية مساهمة أو تدخل من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وسفاراتها النائمة. بل إن هذه الأخيرة تشكل عبئا عليهم في بعض الأحيان.

هامش الديمقراطية المتاحة في الغرب، وإن صارت تضيق بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، تساعد الفلسطيني على الإبداع والابتكار والتمسك بوطنه وحقوقه أكثر وليس العكس. من الصعب أن تجد شاباً فلسطينياً أو طالباً عربياً في الجامعات الكندية يحترم أو حتى «يتفهم» مواقف «السلطة الفلسطينية». إن جيلاً كاملاً تفتح وعيه على هذه السلطة كرديف للهزيمة والخضوع، وبات ينظر لها بازدراء يصل إلى حدود التقزز. وما عليك إلا أن تحضر ندوة سياسية أو مؤتمراً شعبياً في دول ومناطق اللجوء والمهاجر في الغرب حتى تلحظ هذه الحقيقة الساطعة كعين الشمس.

هناك حزمة من الظواهر الفلسطينية المبشرة، وقد فرضت وجودها في بلدان المهاجر والمنافي، وأهمها في تقديرنا مؤتمر فلسطيني أوروبا والدور الريادي الذي يقوم به في جمع عشرات آلاف من الفلسطينيين تحت مظلة واحدة، جوهرها الدفاع عن حق العودة وتعزيز دور الجالية في التأثير على القرار السياسي في دول الاتحاد الأوروبي. كذلك الأمر بالنسبة للمؤتمر الشعبي الفلسطيني في الولايات المتحدة، وانتشاره الواسع في وسط الجيل الشاب وداخل الجامعات والمعاهد الأكاديمية. الأمر ذاته ينطبق على ظاهرة شبكة الشباب الفلسطيني في العالم والتي تواظب وبجهد مثابر وعناد على عقد مؤتمراتها السنوية بنجاح فائق وإبداع حقيقي وتبني مشاريع مشتركة مع قطاع الشبيبة في المخيمات في الوطن والشتات.

انخراط المئات من طليعة الأجيال الجديدة في إطار حركة المقاطعة ضد الاحتلال «الإسرائيلي» وحركة الدفاع عن حق العودة، ظاهره فلسطينية تنبئ عن ولادة جديدة للحركة الوطنية الفلسطينية واستعادة دور الشتات في مشروع العودة والتحرير. إن اهمم سمات هذه الظواهر الفتية في المهاجر هي في جمع (كل) الفلسطينيين من مختلف أماكن تواجدهم تحت مظلة واحدة، ويبقى التحدي الكبير والقائم هو أن يجتمعوا تحت مظلة وطنية واحدة تمثل الشتات.

حين ينظر الفلسطيني في دول المهاجر والمنافي البعيدة إلى بعض أزلام السلطة الفلسطينية ويرى كيف يلعقون حذاء الغرب، وكيف ينتظرون منه فتات الأموال والراتب الشهري، ربما يدرك أهمية الدور الاستراتيجي الذي ينتظره في إحداث عملية التغيير المطلوبة وقلب الطاولة على سلطة أوسلو. ولكن هذا الحق الطبيعي، يلازمه واجب وطني، هو دعم وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ومواجهة اللوبي الصهيوني وحلفائه حيث يقيم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 70 / 2165488

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165488 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010