الجمعة 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

قانون لليهود

الجمعة 8 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

يوجد الكثير من الاسباب العملية والغائية التي تلغي تعديل قانون الجنسية الذي يوشك نتنياهو أن يأتي به ليتم التصويت عليه في الحكومة. لن يجعل تعديل القانون دولة «اسرائيل» أكثر يهودية. فمن يريد الجنسية «الاسرائيلية» يصرح تصريحا باطلا ويحصل على شهادته. إن جزءا كبيرا من اعضاء «الكنيست»، من العرب والحريديين يصرحون تصريحا باطلا في نطاق قسم ولائهم «للكنيست» ويعايشون هذا في لذة وكذلك اعضاء حكومة. لن يصنع التعديل سوى شيء واحد وهو أن يعزز الحملة الدعائية العالمية التي تعيب على «اسرائيل» كونها دولة عنصرية. الضرر سياسي وصوري واقتصادي. إن «اسرائيل» تشتري بهذا القانون بطاقة خروج من عائلة الشعوب وبطاقة دخول في عائلة كهانا. انه قانون معادٍ للصهيونية.

لكن كل هذا يصبح قزما إزاء السبب الأخلاقي. فالقانون المقترح لا يبدو عنصريا فقط بل انه عنصري حقا. فهو يلزم غير اليهود أن يصرحوا بأنهم مخلصون للدولة اليهودية لكنه يعفي اليهود من هذا الواجب. فهم معفون لان الحاخامات الحريديين غير مستعدين للتصريح بتصريحات ولاء لا للدولة ولا ليهوديتها ولا لديمقراطيتها على التحقيق.

النتيجة صعبة. ما يزال هذا ليس قانونا من قوانين نيرنبرغ العنصرية لكن الرائحة هي نفس الرائحة.

يمكن أن نفهم كيف يُسلم وزراء العمل لهذا القانون الحقير. إن قدرة حزب العمل في صورته الحالية على التحمل، تستحق أن تُشمل في كتاب جينز للأرقام القياسية. والسؤال كيف سيُسلم لاقتراح القانون وزراء ظل عندهم شيء من الصلابة الأخلاقية. مريدور، وبيغن، والناجي من المحرقة يوسي بيلد : سيضطرون الى توضيح كيف يستطيعون معايشة هذا الرسم الكاريكاتوري الفاشي. والسؤال : كيف ستعايش المحكمة العليا هذا القانون؟

يعرض القانون الجديد ليبرمان على أنه بطل وعلى أنه الحاكم الحقيقي للحكومة، ويعرض نتنياهو الذي عارضه ويتبناه الآن على أنه خرقة. سيزيد ليبرمان في جعل نتنياهو خرقة أكثر فأكثر حتى يُسقطه. ونتنياهو يرى هذا ويتعاون. لا ينبغي أن نُخرج من نطاق الامكان أن يكون قد وجد غايته الحقيقية في دور الخرقة.

[**لا يريدون جداراً*]

إن فالمة قرية فلسطينية وادعة نسبيا، قرب الخط الاخضر، قبالة كوخاف يئير. ضُمنت لها مكانتها في تاريخ الجيش «الاسرائيلي» في كانون الثاني 1953 (يناير) عندما خرجت سرية من لواء جفعاتي مرتين لتفجير بيوت في القرية فوق سكانها وفشلت في المرتين. في المرة الاولى لقي الجنود جدارا. وأطلقت نار. فقتل جندي وانسحب الباقون. وفي المرة الثانية أطلقت على الجنود نار غير مجدية. رفضوا الانقضاض. كان هذا واحدا من عدة اخفاقات لاذعة في عمليات عبور الحدود، وهي اخفاقات أفضت الى انشاء الوحدة 101، وتوحيدها مع المظليين والانقلاب الذي قاده ديان وشارون في معايير القتال في الجيش «الاسرائيلي».

إن بيوت فالمة تطل على أقصى بيت في كوخاف يئير، وهو بيت شاؤول موفاز. في ساحة البيت، قبالة الحدود التي كانت ذات مرة، أقاموا موقع حراسة منظما يشغله حرس الحدود. دخلت هناك ذات يوم. جلست في الموقع حارسة حدود. سألتها : هل تعلمين ما اسم القرية قبالتك؟ نظرت إلي نظرة يائسة ثم خمنّت قائلة «ربما الطيرة». كلا، قلت. الطيرة مدينة «اسرائيلية»، في الطريق من هنا الى كفار سابا، وفاجأها أن تسمع هذا.

في الايام القريبة ستعود المعدات الثقيلة الى المنطقة بين فالمة، وكوخاف يئير والمستوطنة المجاورة سوفيم. أمرت المحكمة العليا بنقل جدار الفصل الى الغرب ليكون أقرب الى الخط الاخضر وهذا ما سيتم. بيد انه مثل أمور كثيرة تحدث بيننا وبين جيراننا، فان هذه البشرى ايضا أقل بساطة مما تبدو. عندما بُني الجدار، في ذروة الانتفاضة، كانت المصلحة أن يُبنى أقرب ما يمكن من بيوت الفلسطينيين. فاذا عبر مخرب الجدار فسيكون من الممكن تثبيطه قبل أن يصل بيوت المستوطنات اليهودية. وكانت النتيجة أن بقيت آلاف الدونمات المفلوحة، ولا سيما كروم الزيتون في الجانب الغربي للجدار. لا يمكن بلوغها إلا بعد اجتياز الحاجز.

ليس الجدار جدارا فحسب بل هو نظام عرضه سبعون مترا. تمت السيطرة على مئات الدونمات الاخرى من الارض الزراعية كي يُبنى. وكانت الاضرار بنسيج الحياة شديدة لكن الخوف من العمليات كان أشد.

في اثناء هذا هدأت البلاد، وقل تهديد العمليات. قدّمت رابطة حقوق المواطن باسم جزء من السكان استئنافا الى المحكمة العليا. طلبت الأمر بنقل الجدار الى الخط الاخضر. عارضت الدولة بقوة. وحضر مجلس السلام والأمن، وهو جهة حمائمية من الضباط المتقاعدين، المباحثة بصفته صديقا للمحكمة. اقترح شاؤول اريئيلي من أفراد المجلس نقل الجدار الى مسار مصالحة، بين المسار الحالي والخط الاخضر. فوافق الجيش الاسرائيلي وأيدته المحكمة العليا.

يشكو الآن سكان فالمة على مسامع ضباط الادارة المدنية قائلين : إعتدنا الترتيب الحالي. فلماذا تقتطع الارض من جديد، سيصادرون منا اراضي من جديد من اجل الجدار الجديد. وسيقتلعون اشجارا ويُخربون حقولا مرة اخرى. فلماذا تفعلون هذا؟

يجيب الضباط بأن هذا ما قضت به المحكمة.

طلبوا قائلين : أبقوا لنا على الأقل شارع الاسفلت الذي يساير الجدار على طوله فهو يُسهل علينا الوصول الى الاراضي الزراعية.

لا يمكن، أجاب الضباط. فالمستشارون القانونيون لا يسمحون. أمر المحكمة العليا هو اعادة الارض الى ما كانت عليه.

لكنكم لا تعيدون الارض الى ما كانت عليه حقا، يقول السكان بل توهمون فعل ذلك فقط. فإعادة الارض الى ما كانت عليه تكلفكم مالا كثيرا.

ما الذي يريده السكان حقا؟ يتعلق الأمر بمن تسأل، يقول أحد قادة الجيش «الاسرائيلي» في المنطقة، ويتعلق بأي سلاح يُعلق بالكتف. سألت : لماذا السلاح؟ قال اذا جاء السائل يحمل بندقية كلاشنيكوف مثل مبعوثي «السلطة الفلسطينية» فانه يتلقى جوابا. واذا جاء مع بندقية إم 16 مثلنا فانه يتلقى جوابا آخر.

مهما يكن الأمر فان قائد اللواء الميداني، العميد آفي غيل، يستعد لامكانية أن يلقى العمال عندما يأتون لتحسين نسيج حياة الفلسطينيين، مطر الحجارة وربما أكثر من ذلك.

[**ثمن الهدوء*]

لبس غيل، وهو قائد دفدفان السابق منذ زمن ليس بالبعيد ملابس مدنية وقام في الثانية ليلا في الجانب الفلسطيني لحاجز أييل. يمر 3800 عامل كل يوم أحد، وهو يوم الرقم القياسي، بالحاجز في الطريق الى اماكن عملهم في «اسرائيل» (يظل جزء كبير من العمال في البلاد في ايام الاسبوع ويعودون الى الضفة في يوم الخميس). الى الشمال من هناك، في شاعر افرايم يمر في كل يوم 4 آلاف عامل وهذه كمية لا شأن لها اذا قيست بما عرفناه قبل الانتفاضة.

احتاج الى ساعتين لبلوغ التفتيش. اعتقد أن هذا زمن طويل جدا وأنه يجب التحسين. الزحام الرئيس في الجانب الفلسطيني. فهناك كمٌ واحد ضيق ينشئ زحاما وحبوطا وعنفا.

في اليوم الذي تولى فيه عمله جاءه ضابط الارتباط. «يوجد مشروع توت لمركز بيريس للسلام في قلقيلية»، أبلغ. «سيكون هناك ضيوف وصحافيون وضباط من الجيش «الاسرائيلي»».

«من يحرس»، سأل غيل.

«الفلسطينيون»، قال الضابط. «ليس في الحساب»، قال غيل. «اذا لم نحرس نحن فلا اجتماع».
بعد بضع ساعات جاءت مكالمة هاتفية من المساعد العسكري لرئيس الدولة. «لماذا تلغون الجمع»، سأل المساعد. «وافقتم في الماضي».

تعلم غيل الدرس الاول في نظرية الاحتلال المستنير. وافق على حفل التوت وعلى احتفالات كثيرة اخرى بعده. وكما في كل أمر أوجدوا في الجيش «الاسرائيلي» لهذه الصيغة الليّنة من الاحتلال مختصرا هو هتمر (هدبروت، تيئوم، ميداع، ريغل مسييمت) (تحادث، تنسيق، معلومات، خطوة إنهائية). فهمت المصطلحات الثلاثة الاولى على التقريب. لكنني لم أفهم ما هو معنى «ريغل مسييمت».

بدل الجواب حصلت على مثل من الحياة وهو أن يعتقل جندي ولدا في الثانية عشرة يرمي الحجارة. لا يوجد ما يصنع معه في «اسرائيل» لان المحكمة ستخلي سبيله فورا. أما «السلطة الفلسطينية» في مقابل ذلك فلها صلاحية أن تدعو الأب وتجبي منه رسوم كفالة. لا يقل الثمن على الأب عن ألفي دينار، أي نحو من 15 ألف شاقل. وهذا ما يسميه الجيش (الاسرائيلي) «ريغل مسييمت».

تفرض «الشرطة الفلسطينية» القانون والنظام كما لم يفرضا في الضفة قط حتى خلال حكم «اسرائيل». تصميمهم كبير جدا بحيث أخذ يستدعي احتجاج منظمات حقوق الانسان. يستخف الفلسطينيون الذين يسافرون من نابلس الى قلقيلية بالقانون ما سافروا في الشارع بين المدن الذي تسيطر عليه «اسرائيل». لكنهم في اللحظة التي يجتازون فيها الباب الاحتفالي عند مدخل قلقيلية، يُدخلون حزام الأمان في نصابه تسمع النقرة ويطفئون الهواتف المحمولة ويخففون السرعة.

النتيجة هي الهدوء أو أصح من ذلك الاستقرار الذي يعطي المستوى السياسي حرية المناورة ويُمكّن الجيش «الاسرائيلي» من التدرب.

«لكل هذا ثمن»، يقول ضابط في المنطقة. «لا نسارع الى دخول قرية فلسطينية حتى لو وقعت فيها أحداث. وبعد كل اجراء منسق ناجح يطلب الفلسطينيون قوة اخرى وصلاحيات اخرى».

زار أحد جنرالات الجيش «الاسرائيلي» منذ زمن قريب الميدان وسمع من قائد اللواء تفاصيل عن العمل مع الفلسطينيين وسأل : «أأنت على يقين من أن هذا لا يُقويهم؟».

اختار العميد غيل الاعتماد على الكلام الذي قاله الجنرال يوآف غالنت. سُئل غالنت لماذا تظل قيادة المنطقة الجنوبية في هدوء مع ازدياد «حماس» قوة في غزة. «تزداد «حماس» قوة»، أجاب، «لكننا نزداد قوة ايضا في اثناء ذلك».

«هذا جوابي»، قال. «انهم يزدادون قوة لكننا كذلك ايضا». وكان الضيف رئيس الاركان التالي يوآف غالنت يستطيع الابتسام فقط.

- [**ناحوم برنياع │«يديعوت»│ 8 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2177784

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2177784 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40