الأحد 9 أيار (مايو) 2010

إلى المنتظرين باختصار: لا تنتظروا.....

الأحد 9 أيار (مايو) 2010 par أيمن اللبدي

الشعب الفلسطيني الذي أصبح على مشارف الأحد عشر مليوناً اليوم أقل من ثلثه يتواجد فوق فلسطين، والثلثان الآخران لا زالا في الشتات والمهاجر خارج حدود فلسطين، والثورة الفلسطينية الأولى التي بلغت أوجها عام 1936 صنعتها جماهيره في الساحل الفلسطيني أساساً والقدس، ثم امتدت إلى الجبال داخل الضفة الفلسطينية، والثورة الفلسطينية الثانية المعاصرة صنعتها جماهير الشعب العربي الفلسطيني عام 1965 في الشتات الفلسطيني وامتدت لتصل إلى الضفة الفلسطينية، ولا أظن أن قانوناً غدا تاريخياً بامتياز سيتغير اليوم، فالثورة الفلسطينية الثالثة لا يمكنها أن تنطلق إلا من الساحل أو الشتات.

الضفة الفلسطينية منذ النكبة عام 1948 وهي تفرد لنفسها حيزاً خارج كتلة الصدام الحقيقية باستثناءات محدودة نضاليا واجتماعيا، بعضها صنعته النخب السياسية الوطنية والقومية في بداية النكبة وبقيت تسهم بدورها التنويري الوطني حتى مع الإدارة المصرية لغزة والغدارة الأردنية للضفة، والبعض الآخر تحمّلت عبئه الحركة الطلابية الوطنية أساساً منذ العام 1967 وحتى توقيع أوسلو عام 1993، والشرائح الاجتماعية التي لحقت بالعمل الوطني في الضفة وقطاع غزة خلال سنوات الاحتلال تشكلت بنيتها الأساسية من المخيمات الفلسطينية حتى نهاية العام 1982وهو العام الذي شكّل بداية امتداد تعبوي نحو الريف والمدن وليس قبل ذلك، مع ذلك ثمة شرائح أدت في الانتفاضة الأولى دوراً بارزاً لم يكن متوقعاً أن تقوم به مما كان مفاجئة للجميع.

القيادة الوطنية الفلسطينية كانت دوماً تتعامل مع الأرض الفلسطينية على أنها أحد ميادين الصراع مع العدو، وعلى أنها أحد ساحات المواجهة الرئيس معه وهي ميدان الحسم الأكيد، لكنها في كل الأحوال بقيت تتعامل مع القيادات في الأرض المحتلة بحكم علاقات وشروط الأرض المحتلة ومقتضيات العمل السياسي الوطني ومنهج السرية التامة، الذين كانوا يحضرون اجتماعات المؤسسات القيادية ومؤتمراتها نيابة عن الأرض المحتلة لطالما بقيت مسألة حضورهم ونشاطهم مسألة تخضع لاعتبارات واقع الاحتلال وسيطرته وأجنداته وسطوته، والاحتلال لا زال قائماً وبرامجه لا زالت كما هي على أشدها، والفارق الذي تحقق بعد هذه الأوسلو، أن معظم هذه القيادة أصبح في الداخل اليوم تحت سطوة الاحتلال وسيطرة برامجه وسياساته وحرابه، وعملياً أصبحت هذه الثورة الثانية منتهية حكماً.

العملية السياسية الجارية منذ أوسلو حتى اليوم هي عملية تسليم واستلام، تم فيها تسليم كل ما كان يتعلق بالثورة الفلسطينية الثانية من الفكرة والرواية التاريخية والثوابت الوطنية والقومية وحتى آخر مادة تتعلق بهذه الثورة قبل العام 2000، وبعد العام 2005 تحديداً وتمكن فريق الاستقتال على المفاوضات حتى آخر رمق، أصبح الدور الجديد هو تسليم آفاق المستقبل وأية إمكانات لقيام رفض أو انتفاضة أو ثورة أو أية اعتراضات على مسلسل الوظائفية الذي غدت تضطلع به قوى دخلت عملية الاستلام والتسليم عن قناعة ومصلحة، وبالتالي فإن دورها القائم كما صارح بذلك علنا رئيس سلطة رام الله هو الحرص على ضمان الدور وحدوده حتى النهاية، أما الاستلام فهو بجانب الدور الوظيفي القائم حالياً لا يتعدى إدارة محدودة لشئون السكان وليس في كل المرافق كما كانت تديره مكاتب الحكم العسكري فالمدني في مستعمرة بيت إيل قرب رام الله، ولكن بيافطات تستبدل التسميات بمسميات محلية موهمة.

هل يختلف ما تقوم به السلطة في رام الله أو حتى في قطاع غزة من حيث الجوهر عما تقوم به مثلاً في داخل الوطن السليب عام 48 القيادة القطرية الوطنية المشكلة من المجالس القروية هناك؟ ليس كثيراً في واقع الأمر، ومن ناحية أخرى هي لا تقوم بأكثر من عملية تطويرية من حيث الجوهر لما كانت تقوم به المجالس البلدية والقروية الفلسطينية تحت الاحتلال حتى العام 1993، ومن حيث نهاية ما تريده لها أن تكون عليه دولة الاحتلال، فهو تطوير الجسم الشكلاني لما عرضه مناحيم بيغن على أنور السادات في كامب ديفيد الأولى عام 1979 ولا يقول الاتجاه العام للسياسة الصهيونية داخل الكيان بغير ذلك، فاتجاهات هذا الكيان تظهر اليوم نكتة ما عرف باليسار الصهيوني الذي تبخّر وحتى طرفة الوسط الصهيوني الذي يستخدم مجرّد حاوية عند اللزوم، ترى لو وافقت قيادة لجنة التوجيه الوطني عام 1980 على هذا الطرح واستلمت الضفة وغزة على هذا الأساس هل ستكون المقاربة اليوم على حالها وبذات المخرجات والخلاصات؟ المنطق يقول طالما أن هذه تبرر اليوم أي قيادة المفاوضات والحياة مفاوضات أنها ليست آخر المطاف وأنها لم تلتزم بشيء مخل، فإن تلكم كانت لتقول ذات الأمر أيضا بيد أنها كانت لتوصف بالانحراف والسقوط وبيع القضية!

لكن الأهم من كل ذلك هو ناتج عملية الحسم في هذه الصورة وليس مدخلاتها، فالناتج كان سيكون هو بقاء الثورة الفلسطينية كحركة تحرر وطني، وبقاء تمثيلية الشعب الفلسطيني والاستفادة من طاقاته في معركة تحقيق المصير واستعادة حقوقه، وبقاء المناوشة والصراع مع العدو على حاله الأقصى لفرض التراجعات على خططه وأجنداته التي انفلتت من عقالها وخاصة في الاستيطان والتهويد والطرد وانتهاك المقدسات، ونسبة كبيرة من فرضيات أخرى هذه المرة تتعلق بتركيع العدو وإجباره تحت ضغط موازين قوة حقيقية تتبدل في هذا الإقليم اليوم للرضوخ عند حدود عملية سياسية حقيقية وليست وهمية بغض النظر عن الموقف مما ستعطيه أو من القناعة بالأسلوب الأمثل لتنفيذ الحقوق الوطنية واستعادتها في معركة تحرر وطني مع عدو توسعي عنصري إحلالي.

الخلاصة من هذه الزاوية أن لا شيء بتاتاً يمنع تطبيق ذات المنظومة على ما حصل، وهو في الواقع لا يغيّر في منظومة الحقائق شيئا سوى الشكلاني الخارجي، بمعنى أن يتم التعامل اليوم وطنياً على المستوى الشامل فلسطينياً، مع ما هو قائم في الضفة وغزة على أنه تمثيل بنائي لثلث الشعب الفلسطيني المقيم في هذا الجزء المحتل من الأرض الفلسطينية، واعتبار أن السلطة القائمة هي تنظيم محلي مثلها مثل لجنة التوجيه الوطني وليست أكثر من ذلك، والفصائل التي تريد أن تعمل وفق منظومة النضال الشعبي هي لا تختلف عن الحركات النقابية بشيء وما كانت تقوم به، فلتعامل على أنها ذلك القطاع النقابي الشعبي المشتبك مع العدو تحت الاحتلال ، ولتعيد هذه الفصائل تنظيم دورتها النضالية على هذا الأساس أو لتختفي هناك بالكلية تحت مسميات حزبية فاقعة لا علاقة لها بقوانين العمل الثوري، عليها أن تخجل من استخدام مشتقات الثورة لأنها في الواقع تدعي ادعاء وتتظاهر أكثر منه أنها تشير حتى إلى زمن ماض، وهو الأمر الذي يستدعي أن تضطلع الجماهير الفلسطينية في الشتات بدورها الذي يتجاوز مسألة مؤتمرات حق العودة على أهميتها البالغة، ومؤتمرات الهيئة المستقلة للحفاظ على الثوابت رغم أهميتها أيضا، إلى مسألة فرض مجلس وطني جديد على نفس الشروط التي طالما عملت على أساسها الثورة الفلسطينية وتعاملت مع حصة الداخل على أنها حصة من هم تحت الاحتلال، وعدم انتظار هؤلاء ليكونوا هم من يغامر ويقامر ويطيل أمد هذه المغامرة ويشل مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني الذي أصبح يحتاج دورة دموية حقيقية تجدد صورة الكفاح الوطني الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 71 / 2178534

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2178534 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40