الخميس 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

تجميد في مقابل السيادة

الخميس 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

قبل ست سنين بالضبط، وقبل تطبيق خطة الانفصال بسنة تقريبا، مثل المحامي دوف فايسغلاس في مقابلة صحفية واسعة مع صحيفة «هآرتس» بسط فيها أمام الصحافي آري شبيط نظرية اريئيل شارون السياسية وفصّل البواعث التي بعثت من كان العزيز على المستوطنين على قلب جلده («باسم موكله»، «هآرتس» 8/10/2004). في المراحل المتقدمة من الجدل السياسي، كان ثمة من حاولوا تسويق اقتلاع عشرة آلاف من سكان «غوش قطيف» وشمالي «السامرة» على انه اجراء سينقذ سائر المستوطنين.

هذا ما قاله فايسغلاس آنذاك : «في موضوع الكتل الكبيرة، أفضى الانفصال الى أن نملك في أيدينا مقولة امريكية هي الاولى في نوعها، وأن تكون جزءا من «اسرائيل». بعد سنين أو ربما عشرات السنين عندما يكون تفاوض بين «اسرائيل» والفلسطينيين، سيأتي سيد العالم ويضرب الطاولة ويقول : قلت قبل عشر سنين إن الكتل الكبيرة جزء من «اسرائيل»».

يمكن أن نرى مبلغ عجرفة من كان يُعد آنذاك إبن بيت في البيت الابيض من اقتباس آخر : «إن ما اتفقت عليه مع الامريكيين في الحقيقة أننا لا نساوم في جزء من المستوطنات البتة، ولا نساوم في جزء آخر من المستوطنات حتى يصبح الفلسطينيون فنلنديين».

لكن الكلام في جهة والواقع في جهة اخرى، وذلك برغم حقيقة ان الفلسطينيين عملوا في مصلحة «اسرائيل» بأن جلبوا «حماس» للحكم واستمروا على مهاجمة مواطني دولة «اسرائيل» من داخل منطقة القطاع. لم تدرك حكومة «اسرائيل» كيف تستغل الثمن الباهظ الذي دفعته من اجل كسب ربح حقيقي. اذا كان القصد انقاذ الكتل الاستيطانية الكبيرة، فقد كان يجب على شارون أن يقود خطة مدمجة تشتمل ايضا على تطبيق السيادة عليها. ففي قراره على أن تشتمل الخطة على اقتلاع مستوطنات فقط، أضر إضرارا لا يُقدر بمكانة «اسرائيل» في كل تفاوض مع الفلسطينيين في المستقبل.

منذ الآن فصاعدا جرى تفسير اجراء الانسحاب من جانب واحد على انه اعتراف بأن مشروع الاستيطان ليس شرعيا، واسوأ من ذلك أن الحق مع الفلسطينيين. لكن المشكلة لم تنته بهذا : فما دامت تنشأ وتزهر مستوطنات، عمل الزمن لمصلحة الجانب «الاسرائيلي» وكان الضغط على الجانب الفلسطيني. ومنذ اللحظة التي تركت فيها دولة «اسرائيل» قطاع غزة تقرر في واقع الأمر أن الاستيطان اليهودي في «يهودا والسامرة» ليس تقديرا في تحديد حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية.

إن تلك الاضرار نفسها التي أحدثها الانفصال أحدثتها ايضا الموافقة على تجميد البناء في المستوطنات : فقد أضر التجميد إضرارا شديدا بشرعية المستوطنات كلها (وثمة من يقول في عدم مبالغة كثيرة انه أضر ايضا بأجزاء من دولة «اسرائيل» يطالب بها عرب «اسرائيل» واللاجئون بل البدو). وكذلك أزال التجميد خشية الزمن عن الفلسطينيين فليس عرضا أن وافق أبو مازن على العودة الى طاولة التفاوض فقط قُبيل انقضاء التجميد، في قصد الى أن يربح مدة تجميد اخرى.

أهذا طريق مسدود؟ ليس بالضبط. يبدو أن نقطة الزمن الحالية يمكن أن تكون خاصة ساعة مناسبة لنتنياهو لتصحيح الأضرار التي سببها الانفصال والتجميد. عليه أن يجيب الرئيس اوباما بأنه قد حان وقت قضاء دين الانفصال والتجميد : فمنذ الآن فصاعدا، سيكون كل تجميد آخر أو انسحاب من ارض مصحوبا بتطبيق السيادة على الكتل الاستيطانية وعلى مناطق ذات أهمية استراتيجية أمنية. سيعيد هذا الاجراء الشرعية الى مشروع الاستيطان، ويفهم الفلسطينيون انه منذ الآن فصاعدا، عندما يصبح تطبيق السيادة خيارا، لن يعمل الزمن في مصلحتهم. وافق على خطة كهذه في الماضي يغئال ألون واريئيل شارون ايضا. كل ما بقي لنتنياهو ان يكون الزعيم الذي يقص الشريط.

- [**عدي أربيل│«هآرتس»│7 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2166097

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2166097 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010