الأربعاء 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

المعركة الانتخابية بدأت

الأربعاء 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

كانت خطبة وزير الخارجية افيغدور ليبرمان في الامم المتحدة البث الافتتاحي لمعركة انتخابات «الكنيست» التاسعة عشرة. خرج رئيس «اسرائيل بيتنا» للمنافسة في قيادة اليمين، ووضع نفسه موضع حارس الأسوار «الذي يقول الحقيقة» ولا ينضغط وينطوي مثل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ليست الخصومة بين نتنياهو وليبرمان جديدة، لكن الاثنين امتنعا حتى الاسبوع الماضي عن مواجهة مكشوفة. اختار ليبرمان «ازمة التجميد» كي يدفع نتنياهو الى الجدار، وليُخل بالثقة به وليُبين لناخبي اليمين من هو الرجل القوي الذي لا يخيفه الضغط الامريكي.

يرمي طلب الامريكيين تجميد المستوطنات منذ البدء الى تهديد سلامة الائتلاف واستقرار كرسي نتنياهو، والى اثارة توتر دائم بينه وبين القسم اليميني من حزبه و«شركائه الطبيعيين» من احزاب اليمين. كشف «الرئيس» الفلسطيني محمود عبّاس عن هذه الاستراتيجية في مقابلة صحافية مع صحيفة «واشنطن بوست» في الربيع الماضي، بيّن فيها نيته في أن يجلس جانبا ولا يتحرك حتى يفضي باراك اوباما الى اسقاط نتنياهو عن مقعد الحكم. هدد عبّاس ووفى. عاد الى المحادثات قبل انقضاء التجميد بلحظة، وفرجها فورا بطلب ألا يُجدد البناء في المستوطنات.

دُفع نتنياهو الى مشكلة مضاعفة، في الخارج والداخل. فخطبه السلمية لا تقنع أحدا من الجماعة الدولية، ووعوده بإحراز «اتفاق سلام تاريخي» في غضون سنة تُتلقى بعدم تصديق، ومزاعمه أنهم يعاملونه بعدم عدل يُرد عليها بالتجاهل. «العالم» مع اوباما يكره المستوطنات ويريد التجميد. لكن بخلاف التجميد السابق، الذي اجتاز بهدوء في الائتلاف، يلقى نتنياهو معارضة هذه المرة. فليبرمان يحذر من مؤامرة امريكية لفرض تسوية، ويقول انه سيبقى في الحكومة ويناضل لاحباطها.

كان الرد المطلوب على تمرد ليبرمان أن يُبعد عن وزارة الخارجية وتحل تسيبي ليفني محله. لا شك في أن ادخال «كاديما» الحكومة بدل «اسرائيل بيتنا»، و«شاس» و«البيت اليهودي»، سيوحي الى العالم أن نتنياهو جدي ويستعد لمصالحة الفلسطينيين. لكن هذا الاجراء تصحبه مخاطرات كبيرة. فقد تنضم ليفني الى خصوم نتنياهو وتُسقطه بدل انقاذه. هذا ما فعله به ايهود باراك في الولاية السابقة. واذا دخل «كاديما» وتقدمت المسيرة السياسية، فسيُسكّن ذلك الضغوط من الخارج، لكنه سيفضي بـ «الليكود» الى شفا شقاق للمرة الثانية في غضون خمس سنين. سينتظر ليبرمان في الخارج لجمع الشظايا والمصوتين.

هذا هو السبب الذي يمنع نتنياهو من إقالة ليبرمان بعد الخطبة في الامم المتحدة. فضل أن يمسح البصاق عن وجهه وأن يتلقى الانتقاد في الصحف، وألا يدخل مشاجرة في الوقت والمكان اللذين اختارهما ليبرمان. يُعد وزير الخارجية سياسيا داهية، عميق التفكير بعيد الغور، لكن له ايضا نقاط ضعف. فلا صبر عنده، ويؤثر فيه ما يكتبون عنه ويحيط نفسه بمستخذين ضعفاء وهذه علامات واضحة على عدم الثقة بالنفس. قد يزل أو يُحاكم إن عاجلا أو آجلا، وسباقه الى رئاسة اليمين والدولة قد يقف.

لكن هذا قد يكون متأخرا جدا عند نتنياهو الذي كشفت ازمة التجميد عن ضعف زعامته : فهو يُرى مترددا يراوح بين اليمين واليسار، وبين ليبرمان واوباما، للتهرب من الحسم. ويصعب على الجمهور أن يحل أسرار رسائله : هل يستعد للانسحاب من الضفة الغربية أم للعبة تهم مع عبّاس فقط.

لن يُحل اللغز حتى لو أجاب نتنياهو اوباما بالايجاب وأطال التجميد شهرين عوض رسالة ضمانات رئاسية. سيكسب زمنا آخر فقط للجلوس على الجدار. عليه أن يأتي جلسة المجلس الوزاري المصغر اليوم مع نبأ واضح عما يمثله وما هو مستعد للنضال من اجله. عليه أن يرى في خياله شعار انتخاباته، ورسالته الى الجمهور : أهو رجل سلام أم محتال سياسي، يحصن نفسه في وجه العالم؟ أم سياسي يخرق الحدود؟ عليه أن يشتق قراراته من قراره الحاسم الأساسي من هو وماذا هو. إن استمرار نتنياهو على التعوج لن يخدم سوى ليبرمان الذي ينتظر الوقت المناسب ليقلب الطاولة فوقه.

- [**الوف بن | «هآرتس» | 6 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165595

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165595 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010