الثلاثاء 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

لا مفاوضات مع التنسيق الأمني أيضاً

الثلاثاء 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par نزار السهلي

من السخرية المفرطة، ظهور «المفاوض الفلسطيني» كمن يمسك بطرف اللعبة السياسية، محدداً شروط عودته للمفاوضات إذا لم يتوقف الاستيطان، بينما كل ما يجري من خلف شعار وقف المفاوضات من تنسيق أمني، والذي بموجبه تعتاش «السلطة الفلسطينية» وتختصر أسباب بقائها مع حالة انسجام تام في هذا الملف تحديداً، والذي يحمل في جنباته كل المخاطر التي ترمي بالحقوق الفلسطينية في سلة «إسرائيل» العدوانية.

زيارات متكررة، لقادة «إسرائيل» الأمنيين، والمتهمين في مجلس حقوق الإنسان، بارتكاب جرائم حرب، يتم معانقتهم، والجلوس مطولاً على ذات المقعد لتناول الشاي والقهوة و الكنافة النابلسية، وتبادل الأفكار والخبرات مع الضباط «الإسرائيليين» للفوز بثناء يطبعه «الإسرائيلي» في سجل «السلطة» الأمني، بينما بعض مجرمي «إسرائيل» يرتعد خوفاً من السفر للخارج خوفاً من ملاحقة قضائية تتربص به، فيجد في مقرات «السلطة» وأجهزتها.

[**الاطمئنان وكرم الضيافة!!*]

زيارة غابي اشكنازي، وغيره من مجرمي «إسرائيل» لمدن الضفة، في بيت لحم ونابلس ورام الله، والخليل، تدحض كل الادعاءات المطالبة بالضغط على «إسرائيل» لوقف العدوان، واستقبال من تفنن وأتقن صب حمم العدوان على الشعب الفلسطيني وممارسة التعذيب ضد آلاف المعتقلين في السجون «الإسرائيلية»، التي تطالب السلطة «إسرائيل» بالإفراج عنهم قولاً لا فعلاً، والتجوال الأمني لمجرمي الحرب أيضاً هو رسالة اطمئنان لقطعان المستوطنين لممارسة الاعتداءات على الفلسطينيين وهو ما يحدث من اعتداء على المساجد،حرقاً وعلى الزيتون اقتلاعاً وعلى البشر قتلاً.

والفعل المستمر بحالة التنسيق الأمني يظهر خدعة التضامن مع الأسرى ومع أشكال نضالهم، بينما اليد والعين «الفلسطينية»، تسهر ليل نهار لحماية الأمن والاستيطان. وتصريحات سلام فيّاض بعد عملية الخليل «بان السلطة لن تسمح بالاعتداء على المستوطنين في مدن الضفة» يظهر أيضاً الخداع والتضليل في قضية رفض الاستيطان الذي لا يترافق مع فعل مقاوم له، وهو ما يشعر «إسرائيل» بالاطمئنان لمواصلته، فما الذي يجبرها على وقف الاستيطان؟ التصريحات أم الأفعال على الأرض، وهو ما ينسحب على باقي الملفات المطروحة للقدس واللاجئين والحدود والأمن.

التنسيق الأمني، الذي بات مشهده من جنين إلى رام الله ونابلس والتجول في كنيسة المهد، يسبقه اعتقالات وضبط للأمن لتوفير زيارة مجرمي الحرب «الإسرائيليين»، من باراك وديسكين وموفاز وغيرهم و هو دلالة بالغة ومؤشر على استمرار الانقسام في الساحة الفلسطينية ويذهب كل جهود المصالحة إلى الفشل لارتطامها في بند التنسيق الأمني، والمطالبة اليوم بموازاة شعار لا مفاوضات مع الاستيطان أيضاً لا مفاوضات مع التنسيق الأمني، فكيف لشعار حركة تحرر وطني وسلطة وطنية بتحرير شعبها من المحتل، أن تكشف ظهرها للعدو وتعمل على إجهاض أي نشاط يساعد ويجبر المحتل على الرحيل. على العكس تماماً الأفعال على الأرض تدل أن كل ما يجري يتم لتثبيت المحتل فوق الأرض ضمن فلسفة التنسيق الأمني، وإحباط كل محاولات النيل من مجرمي «إسرائيل» في المحافل الدولية مع الظهور المتكرر لفضائح تقرير غولدستون ودور «السلطة» بتوفير أسباب الإفلات من العقاب والعمل على تطهير المجتمع الفلسطيني من حالة الاشتباك مع العدو، بينما يتم التلويح بورقة الذهاب لمجلس الأمن للضغط على «إسرائيل» وهو ما ينطبق عليه المثل الشعبي القائل «قالوا للحرامي احلف اليمين، قال جاء الفرج» والفيتو الأمريكي جاهز، وللفلسطينيين لهم ذاكرة مريرة معه ومع مجلس الأمن.

اللعب بالشعارات، لم يعد يؤتي أكله، تركت «السلطة الفلسطينية» الباب مشرعاً خلفها عند طرح لا مفاوضات مع الاستيطان، والذي هو جزء من جملة عناوين متسعة في بنود العدوان الذي شمل كل الحقوق والجزئيات المتعلقة بالحق الفلسطيني، بدءاً من حق اللاجئين في العودة إلى استعادة كل الأراضي المحتلة عام 67 وعودة القدس والسيطرة على الثروات فوق الأرض وتحتها وفك الحصار وإزالة الحواجز، يعني نستطيع القول إن شعار الصهيوني المتميز شامير قد حقق نبوءته في جرجرة العرب والفلسطينيين عقوداً طويلة في المفاوضات، وتلاميذه النجباء من ليبرمان ونتنياهو لا يحيدون قيد أنملة عما رسمته تلك العقيدة العنصرية.

ومخطئ كل من يعتقد أن هناك اختلافاً بين ما يطرحه ليبرمان وما ينفيه نتنياهو، فزعيم «إسرائيل بيتنا» ينطق بما يفكر به زعيم «الليكود»، وللمعلومة أيضاً داخل المؤسسة الأمنية «الإسرائيلية»، التي يتم التنسيق معها «فلسطينياً» ويجري استقبالهم، من ينتمي لأفكار ليبرمان ونتنياهو، و«فلسطينياً» هناك من يجد في طرح ليبرمان واشكنازي ونتنياهو، ما هو أفضل من الانتماء لطروحات الشارع الفلسطيني وبعض فصائله المتهكم على مقاومتها واتهامها بان برامجها مرتبطة بجهات خارجية وإقليمية، ويأتي التهكم من باب اللوم عليها أنها لا تنسق أمنياً مع الاحتلال.

نحن نعيش حالة استفهام كبرى، تتأرجح مع وقوع الحدث وما بعده، وضخامة ما يحدث الآن، لا تجعلنا نكترث كثيراً لما تطلقه السلطة من شعارات في غمرة الضجيج والحديث عن وقف الاستيطان، بينما القضية أعمق، وشمولية العدوان فوق الأرض، لا تتطلب رجاءاً بتجميد الاستيطان ستون يوماً بينما النكبة مستمرة لستة عقود أخرى توفرها خدمة التنسيق الأمني التي لا تستطيع حماية حبة زيتون فما بالك بوطن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2166047

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2166047 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010