الجمعة 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

تقرير أميركي : فيّاض رجلنا وهو ينفذ مؤامرة السلام الإقتصادي التي يطرحها نتنياهو

الجمعة 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

وصف أحدث تقرير أميركي رئيس حكومة تصريف الأعمال في «السلطة الفلسطينية» سلام فيّاض بأنه رجل الولايات المتحدة في فلسطين ويترأس حكومة غير منتخبة تحتل المرتبة السادسة إلى جانب الحكومة العراقية في قائمة الحكومات الأكثر فساداً في العالم.

وكشف التقرير الذي أعده ناثان ثرال ونشره في مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس» التي صدرت الأسبوع الماضي، تفاصيل خيوط المؤامرة التي حاكتها حكومة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وتبنتها لاحقاً حكومة الرئيس باراك أوباما للإطاحة بحكومة حركة «حماس» المنتخبة شعبياً وبعدها حكومة الوحدة الوطنية التي جاء بها «اتفاق مكة»، ونفذ المؤامرة منسق التعاون الأمني بين قوات أمن «السلطة الفلسطينية» و«إسرائيل» الجنرال الأميركي كيث دايتون بمشاركة «رئيس السلطة الفلسطينية» محمود عبّاس (أبو مازن).

وقال التقرير إن التعاون بين «السلطة الفلسطينية» وسلطات الاحتلال «الإسرائيلي» في عهد فيّاض وصل إلى درجة غير مسبوقة على يد دايتون. وأضاف التقرير أنه رغم وقوع قوات أمن «السلطة الفلسطينية» تحت إمرة محمود عبّاس إلا أنها عملياً تتبع سلام فيّاض، الذي عهد إليه عبّاس برئاسة الحكومة والحيلولة دون سيطرة «حماس» على الضفة الغربية عقب سيطرتها على قطاع غزة.

وأعاد التقرير إلى الأذهان أن فيّاض الذي يحمل الجنسية الأميركية، لم يحصل في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 سوى على نسبة 2.4 من أصوات الناخبين ودخل عضوية المجلس إلى جانب حنان عشرواي على قائمة الطريق الثالث فيما احتلت قائمة حركة «حماس» على المرتبة الأولى بـ 44.4 في المئة من أصوات الناخبين.

[**جماعة «إسرائيل» يمتدحون فيّاض*]

وقال التقرير إن فيّاض يواجه داخل الأراضي الفلسطينية، الانتقادات لذات الأسباب التي يكيل له «الإسرائيليون» والأميركيون والغربيون بشكل عام المديح عليها. فهو يدين عمليات المقاومة المسلحة واشكال العنف الأخرى ضد الاحتلال «الإسرائيلي» واصفاً إياها بأنها مضادة للطموحات الوطنية الفلسطينية، وقد أعلن أن إعادة اللاجئين الفلسطيني يجب أن يتم إلى أراضي الدولة الفلسطينية (المستقبلية) لإعادة توطينهم فيها، وليس في الأراضي المحتلة عام 1948، في إشارة واضحة إلى إسقاط حق العودة، وأن الدولة الفلسطينية يمكن أن تعرض الجنسية الفلسطينية على اليهود في إشارة إلى نحو نصف مليون مستوطن يهودي في الضفة الغربية بما فيها القدس.

ويحظى فيّاض بمديح عدد من الكتاب الموالين لـ «إسرائيل» في الصحف الأميركية الرئيسية : «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» و «وول ستريت جورنال». من أمثال مثل توماس فريدمان وروجر كوهين، وله علاقات جيدة مع زعماء أجانب ممن لا شعبية لهم بين الفلسطينيين. واشار التقرير إلى أن فيّاض كان يجلس إلى جانب أرييل شارون قبل سنوات في حفل زواج ابنة رئيس هيئة موظفي شارون، وقد دار بينهما حديث طويل.

وذكر التقرير أن فيّاض سبق أن قال في أغسطس 2009 بأنه سيقوم ببناء دولة ولم يقل أنه سيعلن قيام دولة، ويحظى قوله هذا بتأييد من اللجنة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، وروسيا، كما تدعمه في ذلك مجموعة الدول المانحة. وقد حدد فيّاض شهر آب/أغسطس 2011 موعداً لإقامة الدولة وهو ذات الموعد الذي حدده الرئيس الأميركي باراك أوباما للتوصل إلى اتفاق إطار عمل بين «السلطة الفلسطينية» و«إسرائيل» بعد عام من المفاوضات المباشرة بينهما.

وقال التقرير إن الفلسطينيين يرفضون طرح فيّاض بدعوى أنه شبيه بما يطرحه رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتينياهو حول «السلام الاقتصادي» والتي يقول فيها إن النمو والتطور يجب أن يسبق الاستقلال. أما «الإسرائيليون» فيشك بعضهم قائلين إن الفلسطينيين سيطلبون اعتراف الأمم المتحدة بهم عند اكتمال خطتهم.

ويقول مايك هيرتزوغ، الذي شغل منصب رئيس هيئة موظفي إيهود باراك عندما كان رئيساً للحكومة «الإسرائيلية» إن «فيّاض يدرك أن المفاوضات لن تنجح في نهاية المطاف، وعندها ستكون خطته هي الوحيدة التي يمكن العمل بها».

ويعتقد هيرتزوغ أن فشل المفاوضات إلى جانب عدم حصول فيّاض على تنازلات هامة من «إسرائيل» هو الذي يشكل خطراً على «السلطة الفلسطينية» و«إسرائيل». ويقول هيرتزوغ «إننا لن ننسحب من بعض المناطق لأن هناك تصريحاً قد صدر أو أن هناك قراراً تصدره الأمم المتحدة». وفي هذه الحال، ستقول «حماس» أن «العنف» هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاستقلال».

ويرى التقرير أن استراتيجية فيّاض لتعزيز مكانته وتسويق «مشروعه» تقوم على تنفيذ نحو ألف مشروع مثل تعبيد الطرق، زراعة الأشجار، حفر الآبار، إقامة مباني سكنية جديدة وخاصة في مدينتي رام الله والبيرة. وقد قلل فيّاض من الاعتماد على المساعدات الأجنبية وبدأ في تنفيذ خطط لبناء مستشفيات جديدة، وتوسيع المدارس، والمحاكم والمناطق الصناعية، والمشاريع الإسكانية، وحتى بناء مدينة الروابي بين رام الله ونابلس والتي تشهد حالياً تعثراً.

كما يدعي فيّاض استناداً إلى تقارير من صندوق النقد والبنك الدوليين أن حكومته قد حققت نموا اقتصادياً في الضفة الغربية بنسبة 8.5 في المئة. وهو ما دفع الخبير الاقتصادي ووزير الاقتصاد الفلسطيني السابق باسم خوري إلى التشكيك في صحة هذه الاحصائيات وقال في تقرير نشره في مجلة «فورين بوليسي» الأميركية في شهر يوليو الماضي إن ماكينة العلاقات العامة «الإسرائيلية» ومساندوها الدوليون في الخارج هم من يروج لهذه الأرقام المبالغ فيها جداً.

[**تعاون أمني غير مسبوق مع «إسرائيل»*]

غير أن أكثر مشاريع فيّاض نجاحاً في نظر «رجال السلطة» هو ما يسمى بـ «إصلاح قوات أمن السلطة» حسبما يقول مدير «مركز إعلام السلطة الفلسطينية» غسان الخطيب. إذ تقوم تلك القوات بملاحقة من تسميهم «عصابات المجرمين» وتمنع الظهور العلني بالسلاح في أيدي الأفراد وتعثر على السيارات المسروقة، ولكن الفلسطينين يرون في برنامج حكومة فيّاض الأمني في مكافحة ما تسميه «الإرهاب» تعاوناً مع «إسرائيل» وهو أهم بنود حكومة فيّاض إذ يهدف إلى الحيلولة دون إمكان سيطرة «حماس» على الضفة الغربية ويعمل ذلك على إقناع «إسرائيل» بأنه المسيطر على الضفة الغربية وأن بإمكانها الانسحاب بسلام.

وكشف التقرير أن قوات أمن «السلطة الفلسطينية» قامت بمشاركة قوات الاحتلال «الإسرائيلي» في العام الماضي بـ 1297 عملية مشتركة ضد مجموعات المقاومة الفلسطينية المسلحة، وكانت بزيادة 72 في المئة عن عمليات العام السابق، وتضمنت تلك العمليات المشتركة تصفية «كتائب شهداء الأقصى» التابعة لحركة «فتح»، ومهاجمة خلايا «الجهاد الإسلامي» والقضاء على مؤسسات «حماس» التي تقدم الخدمات الاجتماعية وشبكات تبرعاتها ونشاطها العسكري في الضفة الغربية.

واستناداً إلى التقرير السنوي الأخير لجهاز المخابرات «الإسرائيلي» الداخلي «شين بيت» فإن المعلميات الأمنية المشتركة للقوات أمن «السلطة» و«إسرائيل» قد «خفضت الهجمات الفلسطينية ضد «الإسرائيليين» في الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى أقل مستوى منذ عام 2000». وقال هيرتزوغ إن مستوى التعاون الحالي بين الجانبين هو «أفضل حتى مما كان عليه الوضع قبل الانتفاضة الثانية.. إنه ممتاز». أما عضو المجلس التشريعي منى منصور وهي زوجة أحد الشهداء الفلسطينيين الذين اغتالتهم قوات الاحتلال «الإسرائيلي» فقالت لقد نجحت «السلطة الفلسطينية» أكثر من «الإسرائيليين» في سحق «حماس» في الضفة الغربية».

وتضم قوات أمن «السلطة الفلسطينية» عدداً من «الكتائب الخاصة» التابعة لقوات «الأمن الوطني» وثمانية آلاف من أفراد الدرك الذين يشكلون الجزء الأكبر من من «قوات الأمن الفلسطينية» المسلحة التي قدر عددها بـ 25 ألف في الضفة الغربية المحتلة.

وتمتد معسكرات تدريب قوات أمن «السلطة الفلسطينية» التي يشرف عليها دايتون بتمويل أميركي من عمّان في الأردن إلى الخليل وجنين وأريحا ورام الله في الضفة الغربية المحتلة. فيما يخطط دايتون إلى بناء معسكرات تدريب إضافية في بيت لحم ورام الله وطوباس وطولكرم. وقد أنفقت الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث الماضية على مهمة دايتون 392 مليون دولار فيما رصدت 150 مليون دولار للعام المالي 2011 الذي يبدأ مطلع شهر أكتوبر الجاري.

ويضم المقر الرئيسي لبعثة دايتون في القدس الغربية 45 موظفا يشكلون الجزء الأساسي للبعثة معظمهم من الضباط الأميركيين والكنديين إلى جانب ضباط بريطانيين وأتراك. وتم التعاقد لأغرارض التدريب مع 28 من «مرتزقة» شركة «داينكورب الدولية» التي تتخذ من ضاحية «فولس شيرش» قرب العاصمة الأميركية واشنطن مقراً لها. ومن المقرر أن تقوم بعثة دايتون التي تخضع لإشراف وزارتي الخارجية والدفاع الأميركيتين (حيث يقدم دايتون تقاريره إلى وزير الخارجية الأميركي ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية) مع أواخر عام 2011 بالإشراف على تدريب 10 كتائب من «قوات الأمن الوطني» التابعة «للسلطة الفلسطينية» ونشرها في محافظات الضفة الغربية المحتلة العشرة ما عدا القدس.

ويذكر أن أول منسق أميركي لقوات أمن «السلطة الفلسطينية» كان الجنرال ويليام وارد الذي وصل إلى القدس في مارس 2005 وكانت مهمته كما يقول إليوت أبرامز، نائب مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش الابن قد تحددت في إطار الاستجابة لثلاث مناسبات : إعادة انتخاب بوش في نوفمبر 2004 الذي أراد بناء «قوات أمن فلسطينية» كجزء من خطة «خارطة الطريق» التي طرحها عام 2003، والثانية وفاة ياسر عرفات بعد تسعة ايام من انتخاب بوش، حيث كان عرفات يقاوم محاولات حكومة بوش لإصلاح «أجهزة الأمن الفلسطينية» والثالثة نجاح محمود عبّاس الذي كانت حكومة بوش تعتبره مرشحها في انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية في يناير 2005.

[**مؤامرة دايتون*]

وقد تغيرت مهمة بعثة الأمن الأميركية بعد انتهاء فترة الجنرال وارد في نهاية عام 2005 حين وجد خلفه دايتون أن الوضع قد تغير في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد اسابيع قليلة من توليه المسؤولية، حيث اسفرت انتخابات المجلس التشريعي في يناير 2006 عن هزيمة حركة «فتح» لصالح حركة «حماس». وقام دايتون على الفور بتغيير أهداف المهمة الأمنية الأميركية من إصلاح أجهزة «أمن السلطة» إلى منع الحكومة الفلسطينية برئاسة «حماس» من السيطرة على تلك الأجهزة. وقد عمل المستشارون القانونيون لوزارة الخارجية الأميركية (التي تدرج «حماس» على قائمتها لما تسميه المنظمات «الإرهابية») على إيجاد سبل تسمح بمواصلة تقديم المساعدات لقوات الأمن التي تسيطر عليها «فتح» و«السلطة الفلسطينية» التي توشك على أن تصبح تحت سيطرة «حماس».

وكان الحل هو بتقديم المساعدات مباشرة لمحمود عبّاس الذي وصل إلى منصبه في انتخابات أخرى ويمكن بذلك اعتباره منفصلاً عن الحكومة التي تقودها «حماس» والمجلس التشريعي الذي تشكل أكثريته. وفي تراجع عن السياسة الأميركية القائمة إلى ذلك الحين والتي كانت تعمل على الضغط على «الرئيس» الفلسطيني لإعطاء مزيد من الصلاحيات لمجلس الوزراء (وهو ما كانت فعلته مع عرفات الذي أرغمته على التخلي عن منصب رئيس الوزراء بتعديل القانون الأساسي للسلطة) نصحت حكومة الولايات المتحدة محمود عبّاس بإصدار قرارات وتعيينات بمراسيم رئاسية، تحد من نفوذ حكومة «حماس» القادمة وخاصة في القضايا الأمنية. وردت «حماس» بتشكيل قوات أمن جديدة تتبعها. وقام عبّاس بإصدار مرسوم يمنع قوات «حماس» الأمنية من العمل، أما مجلس الوزراء برئاسة اسماعيل هنية فقد اعتبر ذلك المرسوم غير قانوني. وفي العام التالي دخلت «حماس» و«فتح» في سلسلة من الاشتباكات التي اتسمت بالعنف وأسفرت عن اغتيال عدد من القادة من «فتح» و«حماس».

وطوال تلك الفترة واصل دايتون الإشراف على تجنيد وتدريب وتجهيز قوات التوسع الأمني السريع التابعة لمحمود عبّاس. وهو ما دفع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل في خطاب قوي إلى إدانة ما سماه «الانقلاب الأمني» باعتباره «مؤامرة» مدعومة من الصهاينة والأميركيين.

وفي فبراير 2007 حيث كان الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة على حافة «حرب أهلية» توصلت حركتا «حماس» و«فتح» إلى اتفاق وقعه في مكة، مشعل وعبّاس برعاية الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز نص على تشكيل حكومة وحدة وطنية وهو ما عارضته الولايات المتحدة لأنها كانت تفضل استمرار «فتح» في محاولات عزل «حماس». وقد تم تعيين فيّاض وزيراً للمالية في حكومة الوحدة الوطنية. وقال الدبلوماسي البيروي، أفارو دي سوتو، المبعوث السابق للأمم المتحدة في اللجنة الرباعية، في تقرير سري قدمه إلى الأمين العام للأمم المتحدة إنه كان بالإمكان تجنب اي عنف بين «حماس» و«فتح» لو لم تعارض الولايات المتحدة بقوة المصالحة الفلسطينية. واضاف «إن الولايات المتحدة كانت تدفع علانية إلى المواجهة بين «فتح» و«حماس»».

وقد اسفرت المواجهة بين «حماس» و«فتح» في قطاع غزة إلى هزيمة 53 ألف من رجال أمن السلطة ممن تلقوا تدريباً غربياً طوال 14 عاماً، أمام مقاتلي «حماس» خلال بضعة ايام حسبما يقول راجي صوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في غزة.

وعقب ذلك قال عدد من المسؤولين الأميركيين في حكومة بوش إن الاستراتيجية الأميركية بالكامل إزاء الوضع الفلسطيني كانت خاطئة، وقدمت هزيمة قوات «فتح» المدعومة من أميركا درساً لحلقة صغيرة لها نفوذ على البعثة الأميركية للتنسيق الأمني برئاسة دايتون وقال أبرامز «لم نعتبر ذلك إثباتاً بأن المشروع لم يكن مجدياً، ولكنه إثبات بأنه كان ضرورياً».

وبالرغم من خسارة قطاع غزة فإن الولايات المتحدة شعرت أنها من خلال تعيين عبّاس حكومة طوارئ برئاسة فيّاض، كما يقول مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون «الشرق الأوسط» ديفيد ويلش قد «حصلت على أفضل حكومة للسلطة الفلسطينية في التاريخ».

وقد أنهت حكومة بوش حظراً دام 14 شهرا على «السلطة الفلسطينية» كما قامت «إسرائيل» بتحويل 500 مليون دولار من عوائد الضرائب «للسلطة الفلسطينية»، وزادت قوات أمن «السلطة الفلسطينية» والاحتلال «الإسرائيلي» من التنسيق والتعاون الأمني وزادت البعثة الأميركية للتنسيق الأمني بشكل سريع عملياتها. وقامت حكومة فيّاض في الفترة من منتصف شهر يونيو إلى شهر أوكتوبر 2007 بشن حملة أمنية كبيرة في الضفة الغربية ضد الجمعيات الخيرية والمؤسسات التجارية ووعاظ وأئمة المساجد والموظفين الحكوميين ممن لهم علاقة مع «حماس» أو من يشتبه بتعاطفهم معها. وقال ويلش «في اللحظة التي اتضح فيها أن «حماس» قد فازت في غزة، فإن الأمر بكامله كان يمكن أن يحدث في الضفة الغربية».

وفي نهاية أوكتوبر 2007 تحركت حكومة فيّاض للسيطرة على نابلس وجنين في مايو 2008 باستخدام كتيبة خاصة من قوات أمن «السلطة» التي دربتها بعثة دايتون وقامت «إسرائيل» بمساعدة «السلطة الفلسطينية» في جنين بتحييد مقاتلي «فتح» ممن كانوا يعرفون بالمطاردين لعزلهم عن عناصر «حماس» و«الجهاد الإسلامي» من خلال إصدار عفو عنهم.

وفي 19 سبتمبر 2008 كتب ناحوم بارنيع في صحيفة «يديعوت أحرونوت» يقول «في قاعدة عسكرية «إسرائيلية» شمال رام الله وفي اجتماع ضم قادة عسكريين «إسرائيليين» و«فلسطينيين»، قال قائد قوات الأمن الفلسطينية «للإسرائيليين» : إن لنا عدوا مشتركاً، إننا نقضي على جميع مؤسسات «حماس» عملاً بتعليماتكم».

وتقول «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير حول قوات أمن «السلطة» أصدرته يوم السابع من شهر سبتمبر الماضي حول التعاون مع قوات الاحتلال «الإسرائيلي» إن «ما يزيد في تعقيد المشكلة هو طبيعة التعاون، الذي ترى فيه «السلطة الفلسطينية» تعاوناً أحادياً، وعملية غير متوازنة قوامها الانصياع للأوامر «الإسرائيلية». التوغلات المتكررة وغير المبررة في معظم الأحيان والمهينة دائماً التي يقوم بها الجيش «الإسرائيلي» في المدن الفلسطينية، إضافة إلى القيود الصارمة المفروضة على مناطق عمل قوى الأمن الفلسطينية، تقوّض رموز وواقع تمكين السكان الأصليين. وهناك مجال واحد يتمثل في الجهود التي تبذلها «السلطة الفلسطينية» ضد «حماس»، حيث تتلاقى مصالح الطرفين أكثر مما تتلاقى في أي مجال آخر».

وهذا ما يؤكده تقرير «نيويورك ريفيو» بالقول إنه رغم محاولات حكومة فيّاض تسويق إجراءاتها الأمنية ضد «حماس» على أنها تهدف إلى فرض القانون والنظام وتوفير الأمن إلا أن ذلك لم يضعف شعبية «حماس» في أوساط الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة فقد شاهد فلسطينيو الخليل كيف امتنعت قوات أمن «السلطة» عن نجدتهم والدفاع عنهم في وجه قطعان المستوطنين الذين هاجموهم وعاثوا في الخليل فساداً وقد اعترف محافظ الخليل بأن انسحاب قوات أمن «السلطة» في الخليل إلى ثكناتها مع كل توغل واقتحام تقوم به قوات الاحتلال «الإسرائيلي» أعطى الانطباع للمواطنين بتعاون تلك «القوات الفلسطينية» مع قوات الاحتلال «الإسرائيلي».

ويقول التقرير إن موقف حكومة فيّاض وأجهزة أمنها ضد الفلسطينيين أثناء العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة في أواخر ديسمبر 2008 ويناير 2009 قد كشف للناس بشكل فاضح مدى ارتباط «السلطة الفلسطينية» بالتعليمات الأميركية - «الإسرائيلية» حيث منعت المظاهرات وحوصرت المساجد ومنع الشبان الفلسطينيون من مهاجمة نقاط التفتيش «الإسرائيلية» واعتقال المتظاهرين الذين كانوا يهتفون لـ «حماس» ويحملون شعاراتها واستخدام الطوب والغاز المسيل للدموع ضدهم. وقال دايتون آنذاك إن الثقة بين «الإسرائيليين» و«القوات الفلسطينية» كان عظيماً، وأضاف «إن جزءاً جيداً من الجيش «الإسرائيلي» قد غادر الضفة الغربية متجهاً إلى غزة».

وقال باراك بن زور، الرئيس السابق لمكافحة «الإرهاب» في الاستخبارات العسكرية «الإسرائيلية» والمساعد الخاص الحالي لمدير (الشين بيت) «في المدن العربية بـ «إسرائيل» كان هناك مظاهرات احتجاج ضد الحرب أكثر من الضفة الغربية». فيما قال وزير الخارجية «الإسرائيلي» أفيغدور ليبرمان لاحقاً إن «محمود عبّاس قد اتصل شخصياً وطلب منا وضغط علينا لمواصلة الحملة العسكرية للإطاحة بـ «حماس»». وقد أعطى حديث دايتون بعد ذلك بعدة أشهر أمام «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» وهو المؤسسة الفكرية للوبي الصهيوني حول أنجازاته على صعيد بناء «قوات أمن فلسطينية» تعمل مع «إسرائيل» ضد «حماس» خلال الحرب على غزة، عزز الصورة لدى الفلسطينيين بأن الولايات المتحدة و«إسرائيل» محركي الدمى في «السلطة الفلسطينية».

ويخلص التقرير إلى نتيجة مفادها أنه رغم كل ما يمكن لفيّاض أن يقوله حول التزامه ووضوح خطواته وما يقوم به، إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه أقل شرعية من اسماعيل هنية في غزة، وأنه يرأس حكومة تعتبر إلى جانب الحكومة العراقية سادس الحكومات الفاسدة في العالم، وذلك حسب ما جاء في تقرير النزاهة العالمية لعام 2008.

وقال العقيد ديرمر في تقرير وزع على كبار المسؤولين في البيت الأبيض والمسؤولين العسكريين في وقت مبكر من العام الجاري «على الرغم من ان المسؤولين «الإسرائيليين» والأميركيين يرون النجاحات التي حققتها السلطة الفلسطينية في الميدان وليس بقصر نظر كنصر ضد «الإرهاب»، فإن الفلسطينيين المهتمين يرونها كحماية جديدة «للسلطة الفلسطينية»». ويعتقد أن التقصير في الجهود الأميركية «هي الطبيعة غير المحددة للبعثة الأميركية للتنسيق الأمني ووضعها النهائي المنشود. هل هدف «السلطة الفلسطينية» هو الثأر من «حماس» وإلحاق الهزيمة العسكرية بها؟ السعي إلى الثأر لخسارة غزة؟ هل هو للحفاظ على النظام نيابة عن «إسرائيل»؟ أم أنه لإرساء الأساس لإقامة دولة فلسطينية حرة ومستقلة وديمقراطية؟».

ولا يرى الناس في حكومة فيّاض سوى حكومة قمعية بوليسية. ونقلت مجلة «نيويورك ريفيو» عن غاندي أمين، مفوض اللجنة الستقلة لحقوق الإنسان التابعة «للسلطة الفلسطينية» قوله «إنني لا أعقد اي آمال على خطة فيّاض. إن ما أراه على الأرض هو فقط زيادة دور الأجهزة الأمنية».

في أوكتوبر المقبل سيتقاعد دايتون وسيحل محله جنرال أميركي آخر اسمه مايكل مولر وسيتلقى خلال العام المقبل من المخصصات المالية أكثر بكثير مما كان يتلقاه دايتون، وسيكون هدف مهمته في الوقت الذي يقترب فيه الموعد النهائي لخطة فيّاض والمفاوضات المباشرة بين «السلطة وإسرائيل»، هو بناء قوة فلسطينية تضمن أمن «إسرائيل» وأن يخفف من انطباعات الفلسطينيين في الضفة الغربية بأن الولايات المتحدة لا تؤيد سوى بقائهم تحت الاحتلال وهو ما دفع مصطفى البرغوثي إلى القول «ليس احتلالاً واحداً ولكن احتلالين».

- **محمد دلبح


titre documents joints

Our Man in Palestine | The New York Review of Books

1 تشرين الأول (أكتوبر) 2010
info document : HTML
40.2 كيلوبايت

By Nathan Thrall



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2165622

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165622 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010