الثلاثاء 21 أيلول (سبتمبر) 2010

الإنقلاب يأتي من أعلى

الثلاثاء 21 أيلول (سبتمبر) 2010

عرفت ايهود باراك أول مرة في مكتب ايتان هابر الذي كان المستشار الاعلامي واليد اليمنى لوزير الدفاع آنذاك اسحاق رابين. تولى باراك في تلك الايام رئاسة أمان، وبدت زياراته الكثيرة الى مكتب هابر في نظري تعزيزا لعلاقة بالشخص الأقرب من رابين. وعندما تبين له أن أصلي من تركيا، ألصق بي سريعاً لقب التحبب «يوئليكو».

كان باراك، مع كونه ذا ماض اذ كان محاربا في دورية هيئة القيادة العامة واشتمل ذلك على عملية «أفيف ناعوريم» التي تنكر فيها بلباس امرأة، رجل محادثة آسراً. كان مدعواً مركزياً الى احتفالات المجتمع الرفيع في «تل ابيب» التي حضرها وزراء ذوو شأن وأناس أعمال أجلاء. بلغ باراك رئاسة الاركان بصفته كان الجندي الأكثر أوسمة في الجيش «الاسرائيلي»، بسهولة وهو يعلن : «ما لا يطلق النار سيقتطع منه». كانت غايته الأولى وفشله الأول اذاعة الجيش «الاسرائيلي». فمن الحقائق ان اذاعة الجيش «الاسرائيلي» تنشد وتغني حتى هذا اليوم.

وصف باراك بأن ذكاءه المرتفع يسيل من رأسه. أوجد اختراع المستعربين، وإن كان رئيس «الشاباك» في تلك الايام قد اعتقد أن كشف باراك عن اللعبة كان خطأ. قال باراك إنه في المنطقة التي نعيش فيها يقتضي الواقع الانتقام، واذا لم نعمل بحسب ذلك يفسر الأمر على أنه ضعف. وقد ابتدع آنذاك بحسب الصحافة الاجنبية فكرة اغتيال صدام حسين انتقاما عن صواريخ «سكاد». وهي عملية فشلت فشلا تاما بكارثة تسالم.

استغل باراك فترة الانتظار بين رئاسة الاركان والسياسة في صنع المال ولا عجب في هذا. فقد جال طوال سنين في بيوت أثرياء ولا بد أنه اعتقد أنه اذا كان أغبياء كهؤلاء يبلغون الى حيث بلغوا فانه يستطيع ذلك أكثر منهم. استدعى رجل أعمال معروفا لقضاء الظهر معه وسأله كيف يصنع مليوناً في نصف سنة أو سنة. كان باراك رجلا مخططا : فالمال أولا ورئاسة الحكومة بعد ذلك. كان هذا هو المسار الذي حدده لنفسه.

بلغ باراك رئاسة الحكومة بانتخابات مباشرة عن حزب العمل، تمت في ايار (مايو) 1999 بأكثرية 56 في المئة ازاء نتنياهو. يتذكر هذا النصر بصوته المرتجف : «هذا فجر يوم جديد»، الذي كتبه موشيه غئون. هرب من ذاكرته جميع أسياد الأرض الذين أقاموا له حفلا قبل الانتخاب ووعدهم بالاحتفال بالنصر معهم. في افتتاح المكتب الجديد في «اكيروف» أجرى مقابلة في احدى الغرف مع أعضاء العمل الذين عملوا من أجله. خرجت دالية ايتسك من اللقاء والدموع في عينيها وقالت : «لم أر فظاظة كهذه». وخرج عوزي برعام من الغرفة وهو يقول إنه لم يقترح عليه شيئاً.

من يبحث عن جذور ما يكتب فيه اولمرت في كتابه سيجدها في هذه الفترة. تفضل اولمرت، رئيس بلدية القدس عن «الليكود»، على باراك بظهوره في برنامج مذاع للانتخابات قال فيه «لن يقسم باراك القدس» وهذا التزام خصم لا يقدر بالذهب. وكان شكر ذلك أن مر نحو نصف سنة قبل أن يستجيب باراك لطلب اولمرت أن يلتقيه للنظر في شؤون القدس.

عندما بلغ اولمرت رئاسة الحكومة عاد باراك الى طريقته منذ أيام رابين كما يصف الفصل الثاني في كتاب أولمرت : «تملق واقترح إقالة عمير بيرتس وتعيينه وزيرا للدفاع. بعد حرب لبنان الثانية فقط تغلب باراك على عمير بيرتس وأصبح تعيينه وزيرا للدفاع محتوما... إن باراك الذي عرفته اذ كان وزير دفاع كان يختلف تماما عن الشخص الذي عرفته مدة عشرات السنين. كان في الأساس مترددا وثرثارا وسواسيا، وبلا لوذعية ومما فاجأني كثيرا أنه بلا قدرة على القرار أيضا».

عندما كشفت في مقالة بعد «الرصاص المصبوب» عن أن «باراك أراد أن يوقف الحرب في وقت مبكر لكن اولمرت عارض»، وبخه اولمرت. وعلى أثر ذلك وبخني باراك وكففت منذ ذلك الحين عن أن أكون «يوئليكو».

يكشف اولمرت أن علاقة باراك بالخاضعين له كانت هي الأسوأ. فقد وبخ أفضل قادة الجيش «الاسرائيلي» في جلسات المجلس الوزاري المصغر. وبلغ الذروة عندما أوقف جنرالا رفيعا في وسط استعراضه وأمره قائلا «اسكت واجلس» (الحديث عن اللواء ناحوشتان وهو اليوم قائد سلاح الجو). وأظهر باراك سلوكا مخجلا مشابها في جلسة هيئة القيادة العامة الاخيرة قبل الأعياد وزعموا من مكتبه طوال الطريق منذ ذلك الحين أنه كانت هنالك «مؤامرة» لإطالة ولاية اشكنازي.

«يوجد مذنب واحد فقط في هذا الجو غير الممكن، وهو باراك نفسه»، يخرج ايتان هابر عن صمته. لا يوجد «تمرد كولونيلات»، كما اتهم آري شفيت في صحيفة «هآرتس». أتى الانقلاب على اشكنازي من أعلى بل من الأعلى.

- [**يوئيل ماركوس | «هآرتس» | 21 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165303

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165303 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010