الثلاثاء 21 أيلول (سبتمبر) 2010

سلام بارد بين الحكومات

الثلاثاء 21 أيلول (سبتمبر) 2010

عندما كان أريئيل شارون يسمع تعبير «السلام والامن» في سياق علاقات «اسرائيل» والعرب كان قد درج على أن يقول «الامن والسلام». تعبير بسيط عن فهمه الجذري لما يمكن تحقيقه في السلام «الشرق اوسطي» : هدف محدود ولكنه حيوي للغاية كالحفاظ على الحياة والروح والاملاك.

في الواقع «الشرق اوسطي»، السلام الممكن لـ «اسرائيل» هو بين الدول او الحكومات، ولكن ليس بين الشعوب. علاقات «اسرائيل»، مصر والاردن هي سلام بين الحكومات : لا سياحة، لا علاقات علمية، ثقافية أو رياضية، وتكاد لا تكون تقريبا علاقات اقتصادية. توجد علاقات دبلوماسية كاملة، ولكن اساس الاسس يوجد أمن. هدوء مطلق يسود الحدود التي شهدت حروبا في الماضي اوقعت الاف القتلى والجرحى.

وهكذا، في نظرة واعية لما هو ممكن تحقيقه، سيبدو السلام «الاسرائيلي الفلسطيني» : علاقات سياسية باردة، علاقات سياحية، اقتصادية وثقافية محدودة، شيئاً «فاتراً» بعيداً جدا عن صيغة السلام «الاوروبي». «اسرائيل» لن تنجح في تحقيق اكثر من ذلك.

سيكون موضوع الامن مغايراً : اذا واظب الفلسطينيون على الجهد الامني الذي يبذلونه اليوم، من المتوقع لـ «اسرائيل» أن تحقق انجازا شبه تام، اختفاء «الارهاب» وتفكيك منظمات «الارهاب» والفصائل المختلفة التي تعنى بذلك. وستكون النتيجة الامن «للاسرائيليين» والفلسطينيين على حد سواء، وذلك لان «اسرائيل» ستكف عن مساعي فرض وحفظ النظام في «يهودا والسامرة»، مثل اغلاق الطرق، الاعتقالات، التفتيشات، بل واحيانا فتح النار. ولما كان هذا هو الحال، فان هدف السلام المركزي يجب أن يكون وقف المطالب النابعة من الماضي وترتيبات امنية متشددة تضمن السكينة والهدوء «للاسرائيليين» والفلسطينيين. «العيش والسماح للاخرين بالعيش». الجوانب الاخرى للسلام ستكون، كما أسلفنا، محدودة : ستقام علاقات دبلوماسية، كما يفترض البروتوكول السياسي ولكن العلاقة الحقيقية بين الشعبين لن تنسج الا بعد سنوات عديدة، هذا اذا كانت ستنسج.

النظرة العملية لجوهر السلام الممكن بين «الاسرائيليين والفلسطينيين» في هذا الزمن يجب أن تصمم سياسة المفاوضات «الاسرائيلية». لا يجب تكبيد الذات بعناء التطلع لان «يشطب» اتفاق السلام «الاسرائيلي الفلسطيني» الماضي المرير المشترك. صحيح أن هذا هو جوهر السلام الحقيقي بين الشعوب ولكن ليس في مطارحنا؛ الماضي ليس بعيدا بما فيه الكفاية والشعبان يتمسكان بماضيهما. ولما كان هذا هو الحال، فينبغي التركيز على خلق ترتيبات ملزمة تستبعد تحقيق المطالب التي تعود ذريعتها الى «التاريخ» الفلسطيني، ومنع كل مطلب محتمل ينبع من «التاريخ»، مثل حق العودة او حق التعويض من «اسرائيل».

لا ينبغي تبذير الوقت على مطالب «اسرائيلية» من الفلسطينيين في المجال «الحسي» : لا حاجة للانشغال باعتراف فلسطيني بدولة «اسرائيل» كـ «دولة قومية للشعب اليهودي». اقامة «دولة يهودية في بلاد اسرائيل»، تكون «الوطن القومي للشعب اليهودي»، هي خلاصة تعريف الصهيونية. بالنسبة للشعب الفلسطيني، الصهيونية هي مصيبة تاريخية. لا معنى لمواصلة الاستيضاح، غير القابل للانتهاء، هل معجزة الصهيونية هي بالفعل «مصيبة»؟

يجب التأكد من أن تكون الاتفاقات والالتزامات المتحققة جزءا من ترتيبات السلام التي تمنع الفلسطينيين، بشكل ملموس وواضح للغاية من امكانية المطالبة أو التحقيق لأي «حق» ينبع من رأيهم في «المصيبة» التي وقعت في نظرهم، واساس الاسس ان تركز على الترتيبات الامنية. الشعوب تحتاج، اولا وقبل كل شيء، الى اختفاء العنف، الى السكينة والهدوء. اما بالنسبة لكل ما تبقى، فالايام ستقول.

- [**دوف فايسغلاس | «يديعوت» | 21 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2177993

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2177993 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40