الاثنين 20 أيلول (سبتمبر) 2010

فرصة تاريخية حقاً

الاثنين 20 أيلول (سبتمبر) 2010

في خطبة افتتاح المحادثات المباشرة بين «اسرائيل» والفلسطينيين كرر نتنياهو مرتين جملة «يمنحنا التاريخ فرصة نادرة لحسم المواجهة بين أبناء شعبنا». وظهرت كلمة «السلام» ما لا يقل عن 14 مرة في خطبته، في حين كانت العبارة التي فضلها هي «السلام الحقيقي» أو «السلام المستقر». من الجهة الأخرى، كرر محمود عبّاس كلمة «السلام» تسع مرات، في حين كان سلامه في الأساس «عادلا». ما مقدار كون هذا الخطاب تعبيرا عن وجود فرصة حقيقية لاحراز سلام بين «اسرائيل» و«الفلسطينيين»؟

يمكن أن نلحظ فرصة تاريخية اذا وجد على الأقل واحد من الشرطين التاليين : الأول عرض اقتراح صوري أو غير صوري، جذاب على قدر كاف لحل الصراع من قبل أحد طرفي الصراع أو طرف ثالث؛ والثاني وجود مسيرة تاريخية أو حدث تأسيسي، ينشىء قاعدة لاظهار بديل سياسي.

يمكن في واقع الأمر، في الوضع الحالي تعرف هذين الشرطين : الولايات المتحدة كما تعلمون لم تعرض في الحقيقة خطة منظمة لحل الصراع، لكن محادثات التحسس بوساطة جورج ميتشل أنشأت القاعدة الملائمة لتقدم ممكن في المسار السياسي. وكذلك يمكن أن نرى المحادثات الحالية نتاج عدة مسارات تاريخية هي : الاعتراف الذي يزداد عند «الاسرائيليين» (وبخاصة عند عناصر في اليمين المعتدل)، بأن استمرار الجمود السياسي لا يخدم المصلحة «الاسرائيلية»؛ وازدياد قوة العناصر المتطرفة في «الشرق الاوسط» (ايران و«حماس» و«حزب الله»)، الذي يقتضي التعاون بين العناصر المعتدلة في المنطقة، وحاجة أبي مازن و«فتح» الى عرض انجازات في المنافسة مع «حماس» في الساحة الفلسطينية.

إن وجود فرصة تاريخية لا يضمن تحقيقها حتى الان. إن تاريخ الصراع «الاسرائيلي» العربي مليء بفرص تاريخية لم تتحقق بسبب حماقة زعماء أو لاسباب أخرى. يمكن مع ذلك أن نحلل الطاقة الكامنة في فرصة كهذه. يتعلق احتمال تحقيقها بثلاثة متغيرات هي : مبلغ شرعية حكم الزعماء؛ ومبلغ استعداد الزعيم لتغيير مسار الصراع نتاج تغيير تصوره او نتاج سلسلة من الضغوط التي تأتي من المجتمع؛ ووجود مشاركة فاعلة من طرف ثالث.

يبدو في الوضع الحالي ان الشروط الثلاثة قائمة : ففيما يتعلق بالمتغير الأول، يبدو أن نتنياهو يتمتع بتأييد واسع في «الكنيست» وفي المجتمع «الاسرائيلي» أيضا. والشرعية التي يحظى بها أبو مازن في المجتمع الفلسطيني أقل قوة لكن يبدو مع كل ذلك أن نظام حكمه في الضفة مستقر كثيرا. وفيما يتعلق بالمتغير الثاني : يبدو أن التغيير الرئيسي حدث عند نتنياهو الذي توصل كما يبدو الى استنتاج أنه ينبغي تغيير مسار الصراع. كان بدء هذا التغيير في خطبة بار ايلان قبل سنة، وأخذ يصاغ في الفترة التي مرت منذ ذلك الحين. إن استمرار المحادثات وقضية استمرار تجميد المستوطنات قريباً سيقدم جواباً عن سؤال : هل الحديث عن تغيير حقيقي؟.

وفيما يتعلق بالمتغير الثالث، يبدو أن الولايات المتحدة مصممة على أن تكون مشاركة في حل الصراع. إن هذا الحل سيكون جواباً جزئيا عن التحدي الذي تواجه به العناصر المتطرفة في «الشرق الاوسط» الغرب، وبخاصة ايران. إن انجازاً سياسيا في حلبة الصراع سيعزز ايضا مكانة رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما المضعضعة في حلبة السياسة الامريكية. يبدو اذن أن الشروط الحالية تخلق طاقة كامنة لتحقيق الفرصة التاريخية.

لكن تاريخ الصراع يبين أن الفرص التاريخية مع الطاقة الكامنة لا تضمن حتى تحقيقها. وأسباب ذلك متعددة هي : قدرة الزعيم على الثبات للضغوط؛ ومبلغ تصميم الوسيط؛ وقوة العناصر التي تعمل على تعويق المبادرة في الساحة الداخلية والخارجية وغير ذلك. بخلاف التوجه التقليدي «الاسرائيلي» الذي يلقي تبعة فشل المحاولات لاحراز سلام على العرب فقط، كانت «اسرائيل» ايضا مسؤولة عن عدة اضاعات للفرص كانت الأخيرة منها ردها الواهن على مبادرة السلام العربية. زعم نتنياهو في خطبته أن المحادثات الحالية «فرصة لم يسبق لها مثيل». وتلقى عليه مسؤولية أن يهتم بألا تصبح هذه الفرصة إضاعة فرصة لم يسبق لها مثيل.

- [**البروفسور ايلي فودا | «هآرتس» | 20 ايلول (سبتمبر) 2010*]

[**♦ محاضر في قسم دراسات الاسلام و«الشرق الاوسط» في الجامعة العبرية في القدس، ويبحث في اضاعة الفرص التاريخية في الصراع.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2181936

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2181936 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40