الاثنين 20 أيلول (سبتمبر) 2010

كيف نفهم اوباما؟

الاثنين 20 أيلول (سبتمبر) 2010

من أراد أن يفهم باراك اوباما، أو شعر بحاجة الى بت سؤال «أهو عقائدي أم براغماتي؟»، يحسن أن يصرف نظره عدة دقائق عن «اسرائيل» - فلسطين، وأن يتعمق في سياسة الادارة الامريكية في السودان.

في الأسبوع الماضي جعلت الادارة حكومة الخرطوم تدرك أن تجديد العلاقات ممكن وأن المساعدة والتفضل ممكنان أيضا. كل ذلك، بالنسبة لدولة جعلها اوباما راية في حملة انتخاباته.

كانت السودان من تلك الدول التي استعملها اوباما لضرب ادارة بوش فقد زعم أن ترتيب الأوليات مختل وأن السودان كان يجب أن تكون أكثر مركزية في برنامج العمل، بل إن نائبه جو بايدن قال إنه اذا انتخب فسيرسل قوات من الجيش الى السودان تضرب القوات البرية لجيش الخرطوم. الان، يقترح اوباما وبايدن على الحكومة تلك، والتي طلب رئيسها للمحاكمة عن جرائم حرب «تسهيلات ومساعدات».

ماذا يقول هذا عن اوباما؟ يقول أمرين. إما أنه براغماتي كبير وإما أنه ضعيف ليس له عمود فقري. وماذا يقول هذا عن اوباما والصراع «الاسرائيلي» الفلسطيني؟ يقول أمرين آخرين : إما أن ما يبدو مهما لاوباما اليوم قد يفقد قيمته غدا، وإما أن لاوباما شيئا ما شخصيا يتعلق بهذا النزاع خاصة. إن السودان مثل يثير الاهتمام : لا شك أن حكومة الخرطوم التي ساعدت على قتل جموع في دارفور أسوأ من أكثر حكومات العالم. ولا شك في أن الموقف الاخلاقي الذي أخذ به اوباما عندما كان مرشحا كان صحيحا. لم تتغير السودان ولا اوباما ايضا ما تغير هو الدور الذي يلعبه اوباما. فمن الاسهل في المعارضة أن تشاء أكثر. لكن عندما تصبح الرئيس توجد حاجة الى تحديد ترتيب أوليات. حدد اوباما الاقتصاد ثم افغانستان ثم «اسرائيل» فلسطين في مكان عال في القائمة، ودفعت السودان الى الوراء. ومنذ اللحظة التي دفعت فيها فقدت الادارة الزخم. لا داعي للتهديد اذا لم توجد نية التحقيق ولهذا يدبر اوباما مع الخرطوم سياسة مهادنة.

يمكن أن نسمي هذا براغماتيا. ويمكن أيضا أن نراه برهانا آخر على أن اوباما لا يفهم كيف يتصرف العالم المؤمن بالقوة في الخارج. منذ بدأ بسياسة المصالحة تشددت الخرطوم في مواقفها. تتعلق الجولة الحالية بالانتخابات جنوبي الدولة التي يفترض أن تجرى مطلع السنة المقبلة. سيحسم الجنوب في هذه الانتخابات هل يبقى في السودان أم ينفصل عنها. التزمت حكومة الخرطوم أن تجريها بطلب من بوش. ويريد أوباما حقا أن تجرى. لكنه لا يريد أن يضيع موارد لا يملكها على الوفاء بالوعد. ولهذا يقترح على حكومة السودان تسهيلات اذا فعلت ما وعدت به. قد يساعد هذا لكنّ ثمة احتمالاً عالياً جدا ألا يحدث هذا أيضا. واذا لم يحدث فلن تكون هناك تسهيلات. لكن لن تكون أيضا عملية أمريكية حازمة.

ماذا يقول هذا عن سياسة أوباما في مستنقعنا الصغير؟ يقول قبل كل شيء إنه يبدو أن «اسرائيل» فلسطين تبدوان له مهمتين حقا لان من الحقائق أنه يبذل جهداً. اذا فرضنا انه «براغماتي»، فيجب أن نفرض أن عناد اوباما ينبع من فرض أن صراعنا مهم حقا للمصلحة الامريكية. بخلاف السودان التي أهميتها الاستراتيجية أقل في نظري. واذا فرضنا أنه مجرد «لين»، فمن الواضح أنه ترك السودان لأنه لا يستطيع أن يضغط عليها دون أن ينفق، وتعلق بحكومة نتنياهو لأن الضغط عليها أسهل نسبيا. يبدي اوباما، وهذا ما يقوله خصومه فيه طول الوقت، ميلا اشكاليا متكررا للضغط على دول صديقة والامتناع عن مواجهة الاعداء.

تزودنا السودان بنظرة مهمة الى طرائق عمل الادارة. فهي لا تحجم عن خيانة الوعود من أيام الانتخابات أو اختيار سياسة تكلف علاقات عامة لكنها تكون السياسة الصحيحة من جهة ما يراه أوباما المصلحة الامريكية الباردة. إنه منفتح لاعمال أيضا مع دول فنها القتل و«الارهاب». ولا يستحلي أن يفعل بالضبط ما فعله سلفه حتى في الحالات التي عاب عليه فيها وانتقد سياسة مشابهة. إنه يفرق بين ما يقولون وقد انتخب اوباما أساسا بفضل كونه خطيبا لامعا وبين ما يقولون ولم يبرهن على تميز في هذا حتى الان. ولم يظهر بعد ولو لمرة واحدة ثباتا صلبا في مواجهة عناصر معادية.

- [**شموئيل روزنر | «معاريف» | 20 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2178845

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

2178845 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40