السبت 18 أيلول (سبتمبر) 2010

موسى وتبرير المفاوضات المباشرة

السبت 18 أيلول (سبتمبر) 2010

السيد عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية كان من اشد المعارضين للمفاوضات المباشرة بين الطرفين الفلسطيني و«الاسرائيلي»، وارشيف الجامعة التي يتزعمها مزدحم بالتصريحات التي تشدد على ضرورة عدم الذهاب اليها دون تحقيق اي تقدم في المفاوضات غير المباشرة التي عارضها بشدة ايضاً.

بالأمس طالب السيد موسى، وفي مؤتمر صحافي عقده على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، باعطاء المفاوضات المباشرة فرصة قبل الحكم عليها، واكد ان الدول العربية ستشجع اي تقدم حقيقي وذي قيمة يتحقق في هذه المفاوضات.

هذه المواقف المتغيرة، والمتناقضة في الوقت نفسه، تعكس حالة الضعف التي يعيشها النظام الرسمي العربي في ابشع صورها. فمن الملاحظ ان وزراء الخارجية العرب يتراجعون عن مواقفهم دائماً ويتبنون الخطوات الأمريكية و«الإسرائيلية» بالكامل ويحاولون خلق المبررات لهذا التراجع بالإستعانة بالخبرات اللغوية والإعلامية للسيد موسى، وهو دائماً لا يخيب ظنهم مطلقاً، فجعبته حافلة بالمفردات والجمل القادرة على توفير غطاء لهذه التراجعات.

لا نفهم ما هو الغرض من القول باعطاء فرصة للمفاوضات المباشرة، ونحن نرى ان هذه المفاوضات تتم تطبيقاً للشروط «الإسرائيلية» كافة، واستجابة لضغوط امريكية على الجانبين العربي والفلسطيني معاً.

وربما يجادل السيد موسى ووزراء خارجية عرب آخرون بالقول انهم يريدون ان يفضحوا المواقف «الإسرائيلية»، ويكشفوا عرقلة حكومة نتنياهو لعملية السلام في المنطقة، وان يجنبوا الطرفين العربي والفلسطيني اي لوم في حال فشل المفاوضات.

«إسرائيل» افشلت المفاوضات عدة مرات في السابق، ولا بد من التذكير ان هذه المفاوضات مستمرة في صيغها السرية والعلنية، المباشرة وغير المباشرة، المفتوحة منها والمغلقة، منذ سبعة عشر عاماً، وبالتحديد منذ توقيع اتفاقات اوسلو في حديقة البيت الابيض، وكان الطرف «الإسرائيلي» هو دائماً الذي يلجأ الى نسفها، سواء بالحروب مثلما حدث اثناء العدوان على قطاع غزة في كانون الاول (ديسمبر) عام 2008، او باعادة احتلال مناطق «السلطة» مثلما حدث في آذار (مارس) عام 2002، او برفض الإلتزام بالإتفاقات الموقعة مثلما فعل نتنياهو باتفاق واي ريفر، او اتفاق الخليل عام 1998، عندما قرر الدعوة الى انتخابات نيابية عامة للتنصل من تبعاته.

القضية الفلسطينية تختصر حالياً في بند واحد وهو قبول حكومة بنيامين نتنياهو بتمديد تجميد الإستيطان في الأسبوع المقبل، اما المضي قدماً في تهديداتها باستئنافه، وسط تهديدات فلسطينية مضادة بالإنسحاب من المفاوضات اذا لم يتم العمل بقرار التجميد في الفترة المقبلة.

«الإسرائيليون» سيحاولون الإلتفاف حول هذه المسألة بايجاد صيغة حل وسط تسمح باستئناف البناء في المستوطنات دون اعلان وبما يؤدي الى الحفاظ على حكومة نتنياهو اليمينية. وستمارس الولايات المتحدة ضغوطها مرة اخرى لإجبار الفلسطينيين على التراجع عن تهديداتهم هذه مثلما حدث في المرات السابقة.

فعندما يعلن الدكتور سلام فيّاض ان ميزانية «السلطة» تعاني من عجز مالي يصل الى 400 مليون دولار، وانها ربما لا تتمكن من دفع الرواتب، وتقدم لها دولة الإمارات معونة عاجلة في حدود 40 مليون دولار لإنقاذ الموقف بشكل مؤقت، فإن علينا ان لا نستبعد الإستمرار في المفاوضات حتى في ظل استئناف سري او علني محدود للإستيطان. ولعل تصريح السيد موسى بضرورة اعطاء فرصة للمفاوضات المباشرة هو الغطاء الذي ستتدثر فيه «السلطة» ومفاوضوها لتبرير خطوتهم هذه.

- [**رأي صحيفة «القدس العربي» اللندنية*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2181844

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2181844 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40