النار من جهة غزة هي دليل على أن دولة «حماس» فيها تعمل بشكل مستقل، ولا أمل في أن يقبل زعماؤها املاءات «السلطة الفلسطينية». وعليه، كل اتفاق بين حكومة «اسرائيل» وبين ابو مازن هو اتفاق لا تلتزم به «حماس»، وليس مؤكداً على الاطلاق ان يحظى بالمصادقة بأثر رجعي من الاغلبية الفلسطينية في «يهودا والسامرة» وفي قطاع غزة. اطلاق النار يتم الآن اغلب الظن من جهات اسلامية متطرفة، لا تخضع لامرة «حماس»، ولكن لا يبدو أن المنظمة المسيطرة في غزة تبذل جهوداً حقيقية لمنع النار. يحتمل أن يكون رجالها حتى يساعدون المنفذين وبعضهم يشارك في اطلاق النار بالفعل.
الجيش «الاسرائيلي» والحكومة «الاسرائيلية» يعيشان في معضلة. من جهة، واضح أنه اذا لم يرد الجيش «الاسرائيلي» حقاً، فان من شأن العملية أن تفتت ببطء ميزان الردع الذي حقق هدوءاً نسبياً حتى وقت اخير مضى. من جهة اخرى، يجب الاخذ بالحسبان بان رداً أكثر حزماً، يؤدي الى اصابات عديدة أو الى ضرر حقيقي في العلاقة مع الفلسطينيين، من شأنه أن يؤدي الى رد فعل لا يقل حدة من داخل غزة والى تطورات غير مرغوب فيها في تبادل لاطلاق النار.
«حماس» ايضاً تفهم بانه من غير المجدي لها ان تشد الحبل بقوة اكبر مما ينبغي، لانه في هذه الايام ليست للمنظمة مصلحة في احلال نار مكثفة واصابات حقيقية في غزة. «حماس» تفضل مواصلة مهاجمة «السلطة» بكلمات حادة، ولكن في نفس الوقت الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة. وعليه، اذا لم تقع حادثة او حدث بالصدفة لفقدان السيطرة، فالوضع الحالي كفيل بان يستمر بالتوازي مع المفاوضات. يجب الاخذ بالحسبان انه اذا ما بدا لـ «حماس» ان المفاوضات السياسية تخرج عن نطاق الكلام في الفضاء، وتصبح مسيرة تجلب في كنفها اتفاقاً حقيقياً فسيكون ضغط من جانب «حماس» لتشديد النار.
و«اسرائيل» ستقف أمام معضلة اكبر بالنسبة للرد المناسب. كلما تقدمت المفاوضات هكذا يفضل ان تمتنع «اسرائيل» عن تفجير الاوضاع. يجب الاخذ بالحسبان ان الضغط على «اسرائيل» للامتناع عن هجوم من شأنه أن يتعاظم اذا ما اعتبر هذا الهجوم من شأنه أن يعرقل المفاوضات، وعليه فسينشأ ميزان غريب بموجبه ستكون لـ «حماس» مصلحة اكبر في استعمال النار، بينما تكون لـ «اسرائيل» قدرة اقل على الرد على ذلك.
[**يعقوب عميدرور | «اسرائيل اليوم» | 16 ايلول (سبتمبر) 2010*]