الخميس 6 أيار (مايو) 2010

«أسرائيل» والترجمة الفورية لاستئناف المفاوضات

الخميس 6 أيار (مايو) 2010 par راسم عبيدات

ما أن أعلنت السلطة الفلسطينية عن موافقتها بالعودة للمفاوضات غير المباشرة،حتى شرعت إسرائيل في تقديم“بوادر حسن نية وبناء ثقة” للسلطة الفلسطينية،في المقدمة منها شن حملة اعتقالات في القدس طالت أكثر من خمسة عشر مواطناً مقدسياً بحجة العلاقة مع السلطة الفلسطينية،وكذلك كشفت جريدة “الجروسلم بوست” الإسرائيلية عن نية ما يسمى صندوق أرض إسرائيل بناء أكثر من 187 ألف وحدة سكنية إسرائيلية وسلسلة فنادق ومطاعم ومجمعات تجارية وسياحية في القدس الشرقية،وترافق ذلك مع قيام المستوطنين بحرق أجزاء كبيرة من الجامع الرئيسي في قرية اللبن الشرقية بمدينة نابلس،وهذا غيض من فيض من بوادر حسن النية الإسرائيلية والتي تتطور نحو حجز الأموال المقدمة من الاتحاد الأوروبي للسلطة كرد على قرار السلطة بمقاطعة منتوجات وبضائع المستوطنات ومنع العمال الفلسطينيين من العمل فيها،وهذا القرار ينطبق على أكثير من 25000 عامل فلسطيني.

“وبوادر حسن النية وبناء الثقة” تلك عودت إسرائيل عليها الجانب الفلسطيني والعربي مع كل تنازل يقدمونه،ولعل الجميع يذكر كيف كان الرد الإسرائيلي على الموافقة العربية والفلسطينية على المفاوضات غير المباشرة لمدة أربعة شهور قبل ما يقل عن شهرين حيث أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي وفي ذروة التحضيرات لاستئناف تلك المفاوضات عن طرح عطاءات لبناء أكثر من 1600 وحدة سكنية في القدس الشرقية،ناهيك عن إطلاق زعران المستوطنين وجمعياتهم الاستيطانية من عقالها للقيام بعمليات بروفة لهدم المسجد الأقصى وإقامة ما يسمى بالهيكل المزعوم مكانه،وأيضاً الإعلان عن إضافة 112 وحدة سكنية لمستعمرة “بيتار عليت” القريبة من مدينة بيت لحم.

نحن لا نريد أن نجتر الكلمات والمعاني والعبارات عن أن طلب الدبس من قفا النمس وحلب الثور لن يجدي نفعاً،بل من شأنه دفع الساحة الفلسطينية الضعيفة داخلياً والمنقسمة سياسياً والمنشطرة والمنفصلة جغرافياً وإدارياً نحو المزيد من الضعف والانقسام،فالعودة للمفاوضات تجري وفق الشروط والإملاءات الإسرائيلية والأمريكية وبدون مرجعيات وسقوف زمنية وتعهدات ملزمة وواضحة،بل المرجعية هي ما ينتج عن هذه المفاوضات الثنائية والسقوف الزمنية غير واردة،وماذا سينتج عن هذه المفاوضات في ظل حكومة جوهر بقاءها ووجودها وبرنامجها يقوم على الاستيطان والتوسع؟؟،فممارسات هذه الحكومة اليومية بحق الشعب الفلسطيني،لم تترك أي مجال أو فرصة لتحقيق هذه المفاوضات أي نتيجة جدية أو حصول تغير دراماتيكي في الموقف الإسرائيلي،بل أن الحكومة الإسرائيلية تمهد لفشل تلك المفاوضات من قبل أن تبدأ،بالقول أن الرئيس الفلسطيني سيسعى لإفشال تلك المفاوضات لكي يظهر إسرائيل أمام العالم بالرافضة للسلام،وهي تتحدث عن أن الرئيس الفلسطيني راغب في التسوية ولكنه سيكرر نفس المواقف في القضايا الإستراتيجية القدس واللاجئين وغيرها،وأيضاً بدأت إسرائيل فعلياً في عملية إفشال تلك المفاوضات من خلال القول بأنها ستصر في المفاوضات غير المباشرة على بحث الترتيبات الأمنية في الضفة الغربية ومسألة المياه قبل الحديث عن أي قضايا أخرى.

إن إسرائيل تدرك جيداً حكومة وشعباً أنها غير قادرة وغير ومؤهلة ومستعدة لتقديم تنازلات جدية من أجل صنع السلام،وهي ستواجه هذا المأزق والذي قد يضعها أمام ضغوط دولية من أجل تقديم تنازلات من طراز وقف أو تجميد جزئي للأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية وشكلية في مدينة القدس لحماية المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة من جهة،أو لحاجة خلق أوسع اصطفاف عربي رسمي خلف السياسة الأمريكية فيما إذا قررت توجيه ضربة عسكرية لإيران ومنشأتها النووية،وبالتالي حتى لا تقف أمام مثل هذا الاستحقاق الناتج عن فشل المفاوضات غير المباشرة مع السلطة الفلسطينية،فلا مناص من البحث عن خيار الحرب وقرع طبوله وحرف أنظار العالم عن إجراءات وممارسات إسرائيل القمعية والعدوانية بحق الشعب الفلسطيني،من تطهير عرقي في القدس ورفع وتكثيف وتائر الاستيطان في الضفة الغربية وتشديد الحصار على قطاع غزة،وأسرلة وتهويد في الداخل الفلسطيني.

وإسرائيل تجد ضالتها هذه في الحديث عن تسلح حزب الله وتزويد سوريا له بأسلحة كاسرة للتوازن،وطبعاً الحديث هنا يجري عن صواريخ سكود (دي) والتي تطال كل بقعة من أرض فلسطين التاريخية،فرئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) “يوسي بايدتس” يقول بأن حزب الله 2006 يختلف عن حزب الله 2010 من حيث التسليح والقدرات العسكرية،وأن سوريا وإيران توصلان تزويد الحزب بالمزيد من الأسلحة،وأعلن وصرح أكثر من مسؤول عسكري وسياسي إسرائيلي عن أن إسرائيل ستقف قريباً أمام استمرار تزويد سوريا لحزب الله بالأسلحة ولا يستبعدون قصفاً إسرائيليا لقوافل السلاح السورية.

وأيضاً من الواضح أن الإدارة الأمريكية لا تعول كثيراً على هذه المفاوضات غير المباشرة،فهي تعلم جيداً حقيقة المواقف الإسرائيلية،وتعلم كذلك أن حدود ضغطها على الحكومة الإسرائيلية محدودة،ولذلك هي تمهد لهذا الموقف وفي إطار استمرار إداراتها للأزمة إلى القول بأنها ستعمل على عقد مؤتمر دولي للسلام خاص بالشرق الأوسط في الخريف القادم،لأن الفشل معناه خروج الأمور في المنطقة عن إطار سيطرتها،وربما تأخذ اتجاهات ومسارات تشكل تهديد جدي لمصالحها في المنطقة،وقد تؤدي إلى انهيار جزء من منظومة ترتيباتها الخاصة بالنظام الرسمي العربي ،وما يترتب على ذلك من تعزيز لدور وخيار ونهج المقاومة عربياً.

وفي أسوء الحالات إذا ما شعرت الحكومة الإسرائيلية أنها غير قادرة أو منعت من شن حرب على سوريا وحزب الله،وإذا ما زادت عليها الضغوط الدولية فإنها ستلجأ إلى خيار حل الحكومة والإعلان عن إجراء انتخابات مبكرة،وبما يعني العودة إلى الحلقة المفرغة من جديد انتظار قدوم حكومة إسرائيلية جديدة،ومن بعدها انتظار انتخابات أمريكية جديدة،وحينها تكون إسرائيل قد استكملت مشاريعها ومخططاتها على الأرض،ولن يتبقي من الأرض ما يجب التفاوض عليه،وخصوصاً أن النظام الرسمي العربي والسلطة الفلسطينية،لم يبنوا ويهيؤا أنفسهم لخيارات أخرى غير خيار المفاوضات،ولا يملكون غير لغة الدعاء والاستجداء التي لن تحرر أوطاناً ولن تستعيد حقوقاً،فهم من قمة بيروت 2002 ولغاية قمة سرت الأخيرة في ليبيا،وهم يرفعون ويطرحون مبادرتهم للسلام،ويرحلونها من قمة إلى أخرى ويهبطون بسقفها شيئاً فشيئاً،وإسرائيل ترد عليهم بركل هذه المبادرة والرد عليها بما ينسفها ويزيد في ذلهم وامتهان كرامتهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2165265

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165265 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010