الأربعاء 15 أيلول (سبتمبر) 2010

في الساعة 13:55 وقفت ساعة حياتهم

الأربعاء 15 أيلول (سبتمبر) 2010

عندما أنزلت هذا الأسبوع جثة «تليك» في القبر وهو اسرائيل تال، وقف بين جمهور المشيعين في المقبرة في رحوفوت عدد لا يستهان به من الناس العسكريين السابقين، وهم في الحقيقة يتنفسون ويأكلون ويعيشون لكنهم ماتوا في ظهر يوم الغفران ذاك قبل 37 سنة. في الساعة 13:55 في الظهر عندما كان شعب «إسرائيل» ما زال ملتفا بقدسية يوم الغفران، وقفت ساعة حياتهم. يعيشون منذ ذلك اليوم الحياة اليومية والحاضر لكنهم يعيشون في الأساس تلك الايام. كان تليك واحدا منهم برغم أنه صنع الكثير منذ ذلك الحين. كان يعاود في كل فرصة الأصوات والمشاهد منذ ذلك الحين.

«كيف حالك؟» تسأل واحدا من اولئك الذين وقفت ساعتهم آنذاك.

«أنا؟ أنا على ما يرام»، يأتيك الجواب.

بعد ذلك لحظة صمت ثم شيء من مثل التقيت عرضا قبل شهر يعنقيل بشهوف الذي كان قائد فصيلة في سرية مويشيه، في كتيبة ايلي وتعلم منه أنه هو الذي أطلق النار على الدبابات المصرية في (طرطور) وفي (عخفيش)، وفي سائر الاسماء الشفرية التي عرفها كل ولد عن ظهر قلب في منتصف السبعينيات. «لا تسأل»، يقول الرجل الذي وقفت ساعة حياته آنذاك، «لا تسأل كيف يغير هذا لي صورة المعركة».

يظلم هذا الوصف نحو 2700 عائلة في «إسرائيل» فقدت أعزاءها في تلك المعركة الشديدة ظلما كبيرا: فهي، وهي فقط، وقفت ساعة حياتها. هي، وعدة آلاف من المعوقين الذين يغالبون آلامهم وتشويهاتهم، وفيهم من لم ينفصل منذ ذلك الحين عن أقسام اعادة التأهيل في المشافي.

لا يوجد لناس العسكر السابقين حياة: ففي النهار وفي الليل وفي الضباب يبحثون عن أناس يسمعونهم، ويفهمونهم ويتعاطفون معهم ويوافقونهم على تحليلاتهم. وهم ينقضون على كل كتاب جديد يصدر، وعلى كل خبر في صحيفة، وعلى كل برنامج في التلفاز بيقين، ويحاربون والزبد على شفاههم كل خطأ هامشي. ويستعيدون في الليالي، فوق مضاجعهم مرة بعد اخرى، نظام الاحداث والاوامر العسكرية، ويحارب بعضهم روايات بعض في الأساس.

رئيس قسم التاريخ في هيئة القيادة العامة هو الشخص المطلوب أكثر من غيره في هذا الشأن: فهم يترددون على بابه ويحاولون «بيع» روايات وتغيير ما كتب، لا قبل الاقناع والتفسير. إن تليك مثلا، لم يترك رئيس قسم التاريخ في زمانه، أوري الغوم. كانت لهما لقاءات اسبوعية. قلب اريك شارون اذ كان وزير الدفاع الروايات على رؤوسها، لمصلحته بطبيعة الأمر.

الناس الذين وقفت ساعة حياتهم آنذاك لا يلتقون سوى في جنازات الأصدقاء او في الحلقات الدراسية في يد تبنكن في رمات افعال، وموضوعاتها حروب «إسرائيل» ولا سيما يوم الغفران. انهم مستمعون ومشاركون نشطاء، ومصححون للمحاضرين، ويجادلون ويهتمون بمكانهم في التاريخ. يوجد عنوان عند هؤلاء الاشخاص لكل رصاصة أطلقت آنذاك في سيناء وفي الجولان. ولا يكادون يتحدثون الى أنفسهم لكنهم يتحدثون الى المسجلات والى الجمهور.

هؤلاء الناس موتى شبان أيضا. إن انكسار قلوبهم أمر مادي. انهم يحيون مع شعور بالذنب أثقل من أن يحتمل، ويخيل اليهم ان الكارثة مكتوبة على جبينهم. هكذا مات رئيس الاركان دادو اليعيزر، وشموليك غونين (غرودش)، ويوئيل بن بورات، وكثيرون آخرون ماتوا قبل بلوغ آجالهم.

كان فيهم من كادوا يفقدون عقولهم أو فقدوها حقا. لم يكونوا خطيرين على المجتمع، لكن المجتمع جاز الطريق عندما رآهم يمشون على الرصيف ازاءه. أهو السادس من تشرين الأول مرة أخرى؟

حياتهم مثل ظل عابر. لا فرق بينهم وبين كبار الضباط في الجيش «الاسرائيلي» قبل ذلك بست سنين، في حرب الايام الستة. كبار الضباط الذين نفخوا صدورهم حتى الانفجار، وازدادوا طولا نصف متر على الأقل. وفي لحظة واحدة. أليسوا الضباط أنفسهم، أليسوا الاشخاص أنفسهم؟
أجل يعيشون بيننا وفينا وهم أموات.

كم كانوا يريدون العودة الى أيام صيف 1973 قبل صفير الانذار اللعين ذاك حوالي الساعة الثانية ظهرا.

- [**ايتان هابر | «يديعوت» | 15 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165700

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165700 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010