الأربعاء 8 أيلول (سبتمبر) 2010

هل يحتاج لعصا سحرية؟

الأربعاء 8 أيلول (سبتمبر) 2010

التصريحات الحالية لافيغدور ليبرمان تعبر عن نهج واع وواقعي، في ظل الفهم بأن السلام لن يتحقق «بكل ثمن». واذا كان الاستنتاج البسيط والمسنود بالتجربة الثرية القاسية للـ 17 سنة الاخيرة هو انه لا توجد امكانية للوصول الى سلام دائم في جيلنا، فلا مفر اذن من تأجيل حل «النزاع» الى الجيل التالي، والاكتفاء في هذه الاثناء بادارة النزاع او بتسوية انتقالية بعيدة المدى.

حبذا لو أنه في حينه، في اتفاق اوسلو الاول، كان هناك أحد ما واع في وزارة الخارجية او على طاولة الحكومة، حيال حفلة «المصالحة التاريخية»، «نهاية النزاع»، «السلام للاجيال»، وباقي ترهات الدعاية التي منعتنا من أن نرى على نحو سليم المصاعب المعقدة والعميقة القائمة في المفاوضات بيننا وبين الفلسطينيين.

في قسم لم يـُقتبس في وسائل الاعلام قال ليبرمان إن المهم ليس فقط الهرب واخلاء المنطقة، بل أن نفهم ماذا سيحصل في اليوم التالي. وقد روى أنه اقترح اجراء لعبة أدوار بمشاركة جهات مختلفة في الدولة، لنفهم ماذا سيحصل في اليوم التالي للانسحاب اذا ما عادت «اسرائيل» الى حدود 67. الاستنتاج الهام لليبرمان : «شيء لن يتغير؛ النزاع لن يختفي؛ بالعكس، سيتصاعد فقط ويتعزز وفي اليوم التالي سنحصل على المزيد فالمزيد من المطالب والضغوط باختلاف ان هذه المرة ستكون المطالب بالنسبة للنقب، الجليل، والمطالبات بالحكم الذاتي، ولا احد يخفي ذلك. كما ان الطرف الاخر لا يخفي ذلك، الفارق الهام هو انه بدلا من ان يتركز «النزاع في يهودا والسامرة» فانه سينتقل الى داخل 67. ذات صواريخ القسام التي رأيناها مرة من غزة، سنراها ايضا من قلقيلية وجنين».

أوليست هذه أقوالاً ذات مغزى؟ أولم نتعلم من التجربة؟ أولم يقتل ما يكفي من اليهود كي يعلمونا الحكمة؟ يجدر بنا أن نشدد على أن لا توجد هنا سياسة «ولا شبر» بل نظرة واعية للواقع الذي نتنياهو ايضا الى جانب اقواله في صالح الحل الوسط التاريخي واع به بذات القدر.

وهاكم المزيد من الاقوال ذات المغزى لليبرمان، والتي تمثل الكثيرين في المجتمع «الاسرائيلي» ممن نفروا حتى الان من الاكراه الفكري الجماعي. الكثيرون يرفضون الوقوف بامتثال كلما ذكرت عبارة «محادثات السلام»، وكأن بها ضمانة للأمن وأملا حقيقيا : «ما ينبغي فهمه هو أننا نتحدث عن مسائل هي عقلانية اكثر مما هي عاطفية. عندما نتحدث عن القدس، حق العودة، الاستيطان اليهودي في المناطق فهذا قبل كل شيء عاطفة، ومن الصعب جدا حل المسائل العاطفية في مفاوضات قصيرة، عادية، تكون أحيانا ايضا مرتبطة بكل أنواع السياقات السياسية داخل دولة «اسرائيل»».

فهل لدى أحد ما أن يقول شيئا ذا قيمة ضد هذا النهج؟ أولم نشهد ذلك على أجسادنا في العقدين الاخيرين، وعمليا في المئة عام الماضية؟

مسألة عقلانية معناها التعاطي مع «النزاع» بيننا وبين الفلسطينيين كنزاع اقليمي، وبالتالي، يمكن الوصول الى حل وسط : «اثنان يمسكان خرقة صلاة هذا يقول كلها لي وذاك يقول كلها لي فليتقاسماها». اما المسألة العاطفية فمعناها الموقف من «النزاع» كصراع وجود للحياة والموت، صدام حضاري، نظرة الى «الاسرائيليين» والفلسطينيين كممثلين لجبهات اوسع، الغرب (العالم اليهودي المسيحي) حيال الاسلام وما شابه.

فكروا بمسألة مثل القدس، مطلب العودة، وبالاساس المطلب الاهم : اعتراف فلسطيني بـ «اسرائيل» كدولة قومية للشعب اليهودي. فهل يبدو لكم انه يمكن حل كل هذا في غضون سنة؟ ما لم يتم في مئة سنة هل سيحل بعصا سحرية الان؟ ومن سيحلها؟ ابو مازن ـ عديم القوة ـ المتعلق بدول المنطقة، الذي يسمع تحديات «حماس» التي لا تعترف به كممثل للفلسطينيين، والذي يتعرض للتهديدات من ايران، سورية، «حزب الله» وغيره؟ نهاية «النزاع»، من ناحية العالم الاسلامي بأسره معناه الاعتراف بحق اليهود على قسم ما من هذه البلاد أي التنكر للمبادىء الاساسية لعموم العرب التي ترفض رفضا باتا شرعية الوجود اليهودي هنا، وكذا التنكر ايضا للمبادىء الدينية التي ترى في ارض بلاد «اسرائيل»، ارض وقف اسلامي.

ليبرمان ليس وحيدا. قسم كبير من حكومة «اسرائيل» يفكر هكذا، وعلى ما يبدو ايضا اولئك الذين يهزون برؤوسهم على أنغام السلام يعرفون جيدا هذه التقديرات الواقعية. من تجربتنا تعلمنا أن كل وهم سياسي نهايته أن يتفجر بضجيج كبير في جولة دموية أخرى. الامل نعم ولكن لا للأوهام.

- [**درور ايدار | «إسرائيل اليوم» | 8 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2178810

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2178810 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40