الاثنين 6 أيلول (سبتمبر) 2010

لماذا «صَدّر» نتنياهو «يهودية الدولة» لـ «السلطة»؟

الاثنين 6 أيلول (سبتمبر) 2010 par سعد محيو

البند الخفي، ولكن البارز، على جدول أعمال المفاوضات «الفلسطينية» - «الإسرائيلية» هو مطالبة بنيامين نتنياهو باعتراف الفلسطينيين بـ «يهودية» «إسرائيل».

هو فعل ذلك قبل مجيئه إلى واشنطن كشرط لموافقته على استئناف المحادثات، ثم نال ما أراد حين أشار الرئيس أوباما، للمرة الثانية خلال شهرين، إلى «الدولة اليهودية» في الخطاب الذي افتتح به المفاوضات.

جواب «الرئيس الفلسطيني» محمود عبّاس على هذا المطالبة مال إلى السخرية أكثر من التعاطي معه بجديّة حينما قال : «ليس من مسؤوليتي اسباغ الأوصاف على دولتهم. سمّوا أنفسكم الجمهورية الاشتراكية العبرانية. هذا ليس من شأني اطلاقاً».

بالطبع، عبّاس يعرف أن المسألة ليست قصراً على الأسماء والتسميات، بل هي تتسع لتطال التخطيط «الإسرائيلي» العام لتهجير مليون عربي من أراضي فلسطين 48.

لكن، وحتى لو حقق نتنياهو، وقبله أولمرت وباراك، مبتغاهم وحصلوا على صك الاعتراف بيهودية «إسرائيل»، فهذا لن يحل مشكلتهم مع/وفي هذه القضية.

فالمسألة تضرب جذورها في الواقع في الانقسامات العميقة والاستقطابية داخل الحركة الصهيونية حول مايعنيه تعبير «الدولة اليهودية». وهذا ليس الآن، بل حتى في مؤتمر باريس للسلام العام 1919 حين قدّم ناحوم سوكولا المنظمة الصهيونية على أنها «الحركة التي تسعى إلى إقامة وطن لليهود في فلسطين وليس دولة يهودية، وفقاً للمؤتمر الصهيوني الأول الذي أقرّ برامج بال».

ومنذ ذلك الحين، انشطرت الصهيونية إلى صهيونيتين.

الأولى، العلمانية أو «القومية، تعتبر أن مبرر وجود «إسرائيل» هو أن تكون ملاذاً آمناً للشعب اليهودي، حتى ولو كان ذلك في أوغندا أو الأرجنتين كما كان يقترح تيودور هرتزل. والدولة في هذا الإطار لاتعدو كونها أداة حديثة لبناء مجتمع يتمتع بالسيادة، وبأغلبية يهودية، وأمن قومي، وقوة اقتصادية. وهذا التيار يعتبر أن هذه الأمور أهم من الأراضي التاريخية، وأنه ليس ضرورة الاستعانة بالتوراة والتلمود لتعيين حدود الدولة.

الصهيونية الثانية، الدينية، تؤمن أن المعتقدات الدينية والعادات والتقاليد اليهودية أساسية لكي تكون الدولة يهودية حقاً، وأن تذويب اليهود كي يكونوا «أمة علمانية كغيرها من الأمم» أمر مخالف للطبيعة ويضر الشعب اليهودي أكثر مايفيده، ولذلك يسعى هذا التيار إلى إقامة مايسميه كومونولث «أي دولة» يهودية حقّة تعمل على الإعلاء من شأن الدين والتراث اليهوديين، وترفض بشدة الأسس العلمانية للدولة.

هذا لايعني أن الصهيونيين العلمانيين أكثر استعداداً من الدينيين للقبول بأعضاء الأقلية العربية كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، إذ إنهم منذ تأسيسهم «إسرائيل» العام 1948 وحتى وصول «الليكود» إلى السلطة، أصرّوا على اعتبار العرب مواطنين من الدرجة الثانية. كل مافي الأمر أن العلمانيين ينتهجون نمط حياة ليبرالياً غربياً لاتستقيم معه الحياة اللاهوتية القاسية والمتزمتة التي يريد الصهيونيون الدينيون فرضها.

هذا بالتحديد مايجعل الانقسام بين الطرفين حول معنى «الدولة اليهودية» خطيراً ومُنذراً بالعواقب، لأنه سيؤدي في نهاية المطاف إلى الفصل النهائي بين اليهودية وبين الديمقراطية في الدولة «الإسرائيلية». إذ كيف يمكن أن يكون المرء ديمقراطياً، فيما هو يميّز فئة اجتماعية عن أخرى بالدين أو العرق؟

وهو انقسام غير مرشّح للحل قريباً. وربما لهذا قرر نتنياهو «تصديره» إلى محمود عبّاس، علّ هذا الأخير يسبح في لججه فينقذ «الإسرائيليين» من الغرق فيه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165857

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165857 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010