الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010

ايران وسورية و«حزب الله» و... تركيا

الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010

كبار الباحثين في معهد بحوث الامن القومي في جامعة «تل أبيب» لم يحبسوا هذا الاسبوع انفاسهم في ضوء قمة واشنطن واستئناف المحادثات المباشرة بين «اسرائيل» و«السلطة الفلسطينية». في مقدمة لكراس جديد من المقالات يصدر عن المعهد الاسبوع القادم، «تقدير استراتيجي لـ «إسرائيل» 2010»، كتبوا فيه انه مشكوك ان يكون ممكناً الاستئناف في موعد قريب للمفاوضات المباشرة.

الكتاب نزل الى المطبعة في نهاية تموز (يوليو) ـ والرئيس اوباما اثبت منذئذ أنه يمكن احياناً دحض التوقعات المتشائمة في «الشرق الاوسط». ولكن التغيير التكتيكي (الانتقال من محادثات غير مباشرة الى مباشرة، بضغط أمريكي نشط) لا يبشر بالضرورة بتغيير استراتيجي. في نظر خبراء المعهد، ان الفوارق في المواقف بين الطرفين لا تزال كبيرة فيما أن مسألة التزام الزعيمين، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو و«رئيس السلطة» محمود عبّاس (ابو مازن) تبقى في اطار المجهول.

رئيس المعهد د. عوديد عيران يقول لـ «هآرتس» انه يجد صعوبة في أن يرى كيف ستنجح «اسرائيل» والفلسطينيون في جَسر الفوارق في المواقف بينهما في مسائل النزاع الجوهرية : القدس، الحدود واللاجئين. وبرأيه، اذا لم ينجح الطرفان في الوصول الى تسوية انتقالية متفق عليها، يصرحان فيها بانها ستؤدي لاحقاً الى حل الدولتين، فقد يكون بالذات تدهور في الوضع. يتحدثون عن أن بنيامين نتنياهو قطع الروفيكون في موقفه من التسوية مع الفلسطينيين. انا لست واثقاً من أن قطع الروفيكون معناه ان بيبي مستعد لأن يقترح ما اقترحه اولمرت. انا في شك. ما كان يمكن لأي رئيس وزراء «إسرائيلي» آخر أن يصل الى ما اقترحه اولمرت. النتيجة الأهم من القمة ستكون اذا ما اتفقت الاطراف على المبدأ في أنه في غياب حل كامل، لا يجب هجر المفاوضات مثلما جرى في كامب ديفيد قبل عقد بل مواصلة الاتصالات.

العميد احتياط شلومو بروم الذي حرر كتاب المقالات مع د. عنات كورتس، يذكر أن الوزير ميخائيل ايتان «ادعى في رسالة الى اعضاء «الليكود» قبل بضعة اسابيع بان نتنياهو في واقع الامر قرر في صالح الاتفاق. ولكن المفاوضات مع الفلسطينيين ليست امراً سهلاً، حتى لو اردت ان تصل الى اتفاق. في كامب ديفيد ايهود باراك اراد ولم يحصل على اتفاق». كورتس لم تقتنع من تصريحات نتنياهو السلمية، ولا من خطاب الدولتين الذي القاه في جامعة بال ايلان قبل اكثر من سنة. وهي تقول : «أتوقع أن يعطي رئيس الوزراء تعبيرا لفظياً عن ذلك مع ترجمة عملية. عند فحص فرص التسوية، الضعف الداخلي في الطرفين، «الإسرائيلي» والفلسطيني، مقلق جداً».

قراءة في الكتاب الجديد للمعهد هي تجربة بشعة بعض الشيء. في المقدمة للمقالات كتبت كورتس وبروم : «في السنة السابقة لم يطرأ اختراق يسمح لـ «اسرائيل» بتصدّ ٍ افضل للتحديات في محيطها الاستراتيجي. فضلاً عن ذلك، فان ميول التهديد تعاظمت. المسيرة السياسية بين «إسرائيل» و«السلطة الفلسطينية» تقف أمام مأزق... الحصار على غزة لم يحقق الأمل باضعاف «حماس» بقدر يسهل على «السلطة الفلسطينية» ادارة مفاوضات ملموسة مع «إسرائيل» وبات بؤرة لانتقاد دولي فظ ضد «إسرائيل»، يخلق اجواء من الحصار الدبلوماسي». وكتب الباحثان يقولان ان «حزب الله» يواصل التسلح وتعزيز قوته السياسية في لبنان. «على خلفية الجمود في المسيرة السياسية بين «إسرائيل» وسورية وتعاظم قوة «حزب الله» يبدو أنه في شمال «إسرائيل» تتبلور جبهة مهددة اكثر مما كانت في السنوات السابقة».

اما ايران فتوجد في ذروة عملية استكمال برنامج نووي عسكري والرسوخ كرأس حربة للمعسكر المناهض لـ «إسرائيل» في المنطقة. «لهذا المعسكر انضمت بقدر ما تركيا ايضاً... في خلفية منظومة التهديدات هذه تلقي بظلها عملية نزع الشرعية المتواصلة عن «إسرائيل».

كما أنهما يتعاطيان مع حملة (رصاص مصبوب) التي يحرص قادة الدولة والجيش على الانفعال علناً بآثارها، يتعاطيان بشك. «صحيح أن «إسرائيل» اثبتت في السنوات الأخيرة قدرة مثيرة للانطباع في نقل رسالة عسكرية رادعة، ولكن ترافق مع هذا الانجاز ثمن سياسي باهظ. الانتقاد الدولي على قوة رد «إسرائيل» سيمنعها من خطوات مصممة لاستئناف الردع حين ينتهي مفعوله». اما المقال الختامي للكتاب فقد توج بعنوان «سحب متكدرة في الأفق».

[**نووي على البوابة*]

الحديث مع الباحثين تراوح بين المسألتين الكبريين لهذه الفترة من ناحية «إسرائيل» : المفاوضات الفلسطينية والنووي الايراني. في نظر عيران، فان «المسيرة السلمية وان لم تحل بالضرورة، فانها على الأقل تطرح افقاً سياسياً. هذا امر حيوي لاستقرار التحالف غير الرسمي، المعتدل في المنطقة. وانسحاب الولايات المتحدة من العراق بالذات تعطي فرصة لذلك. فالهشاشة الامريكية تقل مع اخلاء القوات. هذا موضوع حاسم. من غير المعقول ان تعمل «إسرائيل» ضد ايران دون ضوء اصفر، أو حتى على بعض الخضرة من الولايات المتحدة». ويروي رئيس المعهد بانه قبل لقاء نتنياهو الأول مع اوباما في البيت الابيض في ايار(مايو) 2009 «نقلنا وثيقة الى نتنياهو. واقترحنا عليه الربط بين المسألتين : اعطِ لأوباما وعدا بجهد أعلى لحل «النزاع» مع الفلسطينيين ومع سورية. اذا ما ازيل التهديد الايراني، بما في ذلك التآمر الاقليمي والمبعوثين الذين تستخدمهم ضدنا، فيمكن لـ «إسرائيل» أن تتقدم».

«لا أتصور أن يعد اوباما بيبي رسمياً بمهاجمة النووي اذا لم تنجح العقوبات»، يقول بالمقابل شلومو بروم. ويضيف : «ولكن اجواء افضل في القناة الفلسطينية ستساعد الولايات المتحدة على اتخاذ عمل أكثر تأثيرا ضد ايران. فـ «النزاع» «الاسرائيلي» ـ الفلسطيني يطرح اضطرارات ثقيلة على قدرة اللاعبين على اتخاذ خطوات لأزمة في السياق الايراني، بسبب الرأي العام العربي. اذا ما ضعف هذا الاضطرار فان مجال العمل سيتسع».

د. اميلي لنداو تدعي بان «كل البحث في النووي الايراني يجري تحت الافتراض بانه يوجد حل في متناول اليد لا ينفذ، ولكني قلقة من اهمال الأسرة الدولية. استخدام القوة العسكرية ليس حلاً للمشكلة. نجاعة العقوبات ضد ايران ستقاس بتقدم الأطراف نحو مفاوضات اكثر جدية وتصميماً. الخيار العسكري هو شبه اعتراف بالفشل. في اقصى الاحوال يمكنه أن يؤجل تحقق البرنامج الايراني. ادارة اوباما تنشغل اقل مما ينبغي في الخيار الدبلوماسي. فهم لم يجروا مفاوضات عنيدة مع طهران. استنتاجي هو أن الادارة على ما يبدو سلمت بتحول ايران الى دولة على حافة النووي، ستكون على مسافلة بضعة اشهر من تحقيق القنبلة».

اما بروم فيلاحظ مشكلة تنسيق بين الساعات المختلفة في الموضوع الايراني. ساعة العقوبات بطيئة بطبيعتها. في جنوب افريقيا استغرق الأمر عشرات السنين الى ان دفعت العقوبات نظام الابرتهايد الى الانهيار. اما حيال ايران، فالعقوبات الاكثر مغزى بدأت متأخرة، بينما بات البرنامج النووي في مرحلة متقدمة».

د. افرايم كام، نائب رئيس المعهد والخبير في الشؤون الايرانية وبرنامج ايران النووي، يبقى متشائماً. «أثر العقوبات الاكثر تشدداً لن يظهر ملموساً إلا بعد نصف سنة او اكثر وعندها فقط سيكون ممكناً استخلاص الاستنتاجات. فرضية العمل في الغرب هي أن ايران لم تقرر بعد اذا كانت ستكون دولة حافة النووي. وزير الدفاع الامريكي، روبرت غيتس، قال مؤخراً انه اذا وصل الايرانيون الى الحافة، سيتعين علينا أن نتعاطى معهم كدولة نووية، وذلك لأننا لن نعرف متى سيجتازونها. وسيتعين على الامريكيين أن يقرروا كيفية العمل مع حلول منتصف 2011. في الساحة الداخلية، النظام الايراني نجح في صد موجة الاضطرابات التي بدأت في أعقاب الانتخابات الرئاسية في حزيران (يونيو) 2009 ولكن الشروخ آخذة في الاتساع. يوجد اليوم عداء كبير في اوساط دوائر واسعة للرئيس احمدي نجاد والزعيم الروحي علي خمينئي».

[**سنة حسم*]

مثلما في كل سنة، وفي كل تقدير استراتيجي من هذا النوع، يتحدث باحثو المعهد ايضاً عن «سنة حسم»، او «سنتي حسم» امامنا. برأي عوديد عيران، فان «السنتين التاليتين حاسمتان في مسألة معالجة ايران، المسيرة السلمية وتغيير القيادات في المنطقة، لاسباب تتعلق بالعمر. الصورة العامة غير مشجعة». كام يقول ان «المكانة الاستراتيجية للولايات المتحدة في المنطقة ستقف عند الاختبار. توجد هنا عدة تطورات متوازية : المسيرة السلمية، الخروج الامريكي من العراق، زيادة التدخل العسكري الامريكي في افغانستان، وحيالها النفوذ الايراني المتسع والتقدم نحو النووي الايراني. في الخلفية، «اسرائيل» تقف امام قنابل متكتكة في الشمال (حزب الله) وفي الجنوب (حماس). وينبغي الاخذ بالحسبان بان فشل المحادثات السياسية من شأنه أن يسرع الانفجار». د. كورتس تخشى من ان «يزيد ضعف الولايات المتحدة وعدم قدرتها على تحقيق انجازات واضحة المطالبة الامريكية بدفع الثمن بعملة اجنبية، في محاولة لاقتحام الطريق المسدود في المنطقة. بالمقابل، حتى لو لاح احتمال لبلورة اتفاق رف «اسرائيلي» ـ فلسطيني، فقد تأتي موجة عمليات واستفزازات من «حماس» في محاولة لمنع ذلك».

شلومو بروم يحافظ على مسحة متشائمة، ولكن من الاتجاه المعاكس : «الخطر الاساسي في الوضعية الحالية هو في وهم الاستقرار النابع من النجاحات النسبية من الزاوية الاستراتيجية التي حققتها المعركتان الاخيرتان في لبنان وفي غزة وادتا الى استئناف الردع «الاسرائيلي». هذا ينجح الى أن يكف ذات يوم عن النجاح. الاستقرار لا يبنى فقط على الردع. الزمن الذي يمر لا يستغل لمعالجة المشاكل الجذرية، والافتراض بان منظومة القوى الاقليمية وسياسة اللاعبين ستبقى على حالها يمكن أن يتقوض».

يوجد قدر معين من التناقض الداخلي في ادعائكم بان «إسرائيل» تحتاج الى خطوة سياسية كي تكسر الحصار حولها بينما في نفس الوقت انتم تقدرون بان فرص نجاح مثل هذه الخطوة متدنية جداً.

عوديد عيران : «مهم ان تكون هناك مسيرة جدية تخلق افقاً سياسياً. اتفاقات اوسلو هي برهان جيد على ذلك. فهي لم تحل المشاكل الاساسية، ولكنها خلقت استعداداً دولياً للنظر بشكل مختلف الى «الشرق الاوسط» وقفزة درجة في علاقات «إسرائيل» مع الاتحاد الاوروبي، مع الناتو، تركيا وبعض الدول المجاورة لنا».

[**لماذا تكادون لا تذكرون هذه السنة القناة السياسية مع سورية؟*]

بروم : «هذا الموضوع استنفد. المزايا الاستراتيجية لاتفاق سلام مع سورية واضحة تماماً. ولكن التوجه الى هذه القناة فقط هو موضوع قرار من جانبنا. شروط الصفقة معروفة. الجدال المتبقي مع سورية هو في الهوامش. «إسرائيل» هي التي يتعين عليها ان تقرر اذا كانت الصفقة مجدية. من المهم أن نضيف هنا بان المطلب «الاسرائيلي» من سورية بقطع علاقاتها مع ايران و«حزب الله»، ليس واقعياً. اذا كان اتفاق مع سورية، فسيكون المكسب «الاسرائيلي» في القدرة على تغيير طبيعة العلاقات السورية مع «حزب الله» ونفوذها الكابح للجماح عليه، وليس في قطع العلاقات بينهما.

- **«هآرتس»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2177784

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2177784 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40