الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010

فوق جثة مسيرة السلام

الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010

«ألا يموت الثور آخر الأمر؟ انه يموت دائماً. فما هي اللذة في صراع الثيران؟». «أنت لا تفهم، انه الأسلوب، الأسلوب. يجب ان تعلم كيف تقتل الثور فهذا هو الفن». لم أعد أذكر من هو الإسباني الذي بين لي هذه الحقيقة، لكنني تذكرتها عندما رأيت المادة الحسنة التي جلس قربها مصارعا الثيران بنيامين نتنياهو ومحمود عبّاس، الى جانب الأشابين حسني مبارك والملك عبدالله والمضيف باراك اوباما ـ في جولة أخرى فوق جثة مسيرة السلام. حسن ما قاله نتنياهو لعبّاس، «انت شريكي في السلام». أجل يوجد في هذا «النجاح» متنافسان دائماً، «إسرائيلي» و«فلسطيني». منذ الآن، والى الـ 12 سنة القادمة - ان لم تلفظ مسيرة السلام أنفاسها قبل ذلك ـ سيضطر كل واحد منهما مرة اخرى الى اظهار اسلوبه، لكن الفن هنا، بخلاف صراع الثيران، هو كيف يتهرب من المسؤولية عن موتها.

القواعد واضحة : ففي الجانب «الإسرائيلي» لا يحل التوصل الى انسحاب، ولا يحل تقسيم القدس، ولا اعادة اللاجئين، ولا التنازل عن الماء ولا عن غور الأردن. وفي الجانب «الفلسطيني» ـ لا تنازل عن أي قطعة أرض لكن تبادل ضئيل للأراضي، ويمكن الحديث عن اللاجئين، والقدس الشرقية هي عاصمة فلسطين، ولن توجد أي مستوطنة داخل فلسطين. بدأ نتنياهو على نحو جيد. فقد أعلن بأسلوب مكتمل، في كلمة بعد كلمة، وفي التروي المناسب المطلوب من فنان خطابة، بأنه مستعد لمصالحة تاريخية وأن السلام الحقيقي «سيحتاج الى تنازلات مؤلمة من الطرفين». ماذا مثلاً؟ استمرار تجميد البناء؟ حل البؤر الاستيطانية؟ تبني الخريطة التي اقترحها ايهود اولمرت على عبّاس؟ اقامة قوة متعددة الجنسيات في غور الأردن؟ ما الذي عاق نتنياهو عن أن يعرض هذه الاشياء على عبّاس في فترة المحادثات غير المباشرة؟ أيوجد في قبعته أرانب خفية يستطيع أن يبيعها لعبّاس دون أن يشعر احد؟ سيضطر في غضون ثلاثة أسابيع الى أن يواجه علناً خصومه بمسألة البناء في المستوطنات. ولن تجدي هنا أي ترتيبات احتيال، لأنه لا يمكن اخفاء الجرافات في الادراج. ولهذا يحل أن نقول أنه ليس لنتنياهو سلعة جديدة يبيعها للفلسطينيين، وعبّاس يعلم هذا.

«يحتاج هنا الى حسم زعماء لا الى فرقاء تفاوض»، بيّن نتنياهو هدفه. اذا كان الأمر كذلك، فلماذا يحتاج الى استفتاء الشعب في الاتفاق اذا أحرز وعندما يحرز؟ أيخشى نتنياهو من أنه يعمل خارج اطار السلطة التي اعطاه الجمهور اياها، مخالفاً لبرنامج حزبه، أو قد يكون على ثقة بأن الجمهور سيجيز ما يرفضه رفاقه في الائتلاف؟ لكنه نفس الجمهور الذي أعطى صوته الاكثرية اليمينية التي انشأت الائتلاف. وهو نفس الجمهور الذي لم يصنع نتنياهو حتى الآن شيئاً لإقناعه بأنه يحسن الانسحاب وعقد اتفاق سلام وتوديع المناطق.

المرحلة التالية أخطر. لأنه من السهل جداً التغاضي عن الجمهورين «الإسرائيلي» والفلسطيني، وأن يعرض عليهما شرك التسويات المرحلية، وبرنامج عمل مرن أو «اتفاق اطار» ليس فيه تفصيل عملي. هذه حقول ألغام انفجرت منذ بدأت وثائق ميتشل وتنت، مروراً بخريطة الطريق الى أنابوليس. هذه في الأكثر منافذ هرب لكل واحد من الطرفين. وليس فيها أكثر من اعلان بـ «دولتين للشعبين». ومن يقترحها يفشل العملية سلفاً. يحسن أن نتذكر بأي استعداد مُسكت انتظرنا سماع هذا التعبير من نتنياهو، وتبين بعد أنه قال الكلمات السحرية أنه لا يوجد لها أي معنى بغير قرار عملي، سياسي، يترجم الى اتفاق كامل.

يجب على نتنياهو مع عودته من واشنطن أن لا يعد فقط للقاء القادم مع عبّاس بل للحوار مع الجمهور في الأساس. وأن يبيعه بنية السلام لا مسيرة السلام، لا أن يعرض عليه مرة أخرى ترتيب المدفوعات الذي أحرزه من عبّاس، بل الذخر الذي سيحرزه في نهاية المسيرة. لا يستحق الفلسطينيون فقط بل «الإسرائيليون» أيضاً آخر الأمر أن يعلموا ما هي حدود دولتهم وأن يبعدوا عن جبينهم عار الاحتلال. ليس يجب أن يهمس في مسمع عبّاس ذلك بل أن يعلن ذلك في «اسرائيل» بالعبرية على رؤوس الاشهاد.

بغير هذا «الحديث الصادق» مع الجمهور في «اسرائيل»، سيظل بيبي مصارع الثيران، الذي يعلم بلطف وبأسلوب طعن المسيرة بالسيف واتهام الفلسطينيين ايضا وأن يقول «انتصرت».

- [**تسفي بارئيل | «هآرتس» | 5 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2178297

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2178297 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40