السبت 12 أيار (مايو) 2018

مسيرات العودة والقرار 194

السبت 12 أيار (مايو) 2018 par عوني فرسخ

في يوم الجمعة الثلاثين من شهر مارس / آذار الماضي أحيت جماهير الشعب العربي الفلسطيني الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض بمسيرات وفعاليات شارك فيها عشرات الألوف من مختلف الأعمار، مؤكدين التزامهم بالثوابت الوطنية، وخيار المقاومة، ورفض كل المعاهدات والاتفاقيات التي تمس الحقوق الوطنية المشروعة بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وقرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولي. وتوالت في كل يوم جمعة تالٍ مسيرات وطنية في قطاع غزة المحاصر مجمعة على تأكيد عروبة القدس، وحق اللاجئين بالعودة.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت في 11/ 12/ 1948 القرار رقم 194/3 لسنة 1948 استناداً إلى التقرير الذي كان قد أعده الوسيط الدولي الكونت فولك برنادوت، متضمناً اعتبار منطقة النقب جزءاً من القسم المخصص لعرب فلسطين بموجب قرار التقسيم رقم 181 لسنة 1947. وقد نصت الفقرة (11) من القرار رقم 194/3 على السماح للاجئين الراغبين بالعودة إلى وطنهم، والعيش بسلام مع جيرانهم، ودفع تعويض لممتلكات الذين لا يرغبون بالعودة، كما عن الأضرار التي لحقت بممتلكات الراغبين بالعودة بناء على قواعد القانون الدولي. ولمتابعة تنفيذ ذلك شكلت الجمعية العامة «لجنة التوفيق الدولية» من ممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، وأسندت لها مهمة تسهيل عودة اللاجئين والتعويض عليهم بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة الأخرى.
فيما يؤكد أستاذ التاريخ الأمريكي مايكل فشباخ أنه لا يوجد أي دليل على أن اللجنة ضغطت على «إسرائيل» لتغيير موقفها من رفض تنفيذ القرار الدولي، وأنه ليس هناك ما يشير إلى أن لجنة التوفيق عادت إلى أمين عام الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدولي، حول امتناع «إسرائيل» عن تنفيذ القرار 194 حيث قبلت عضواً في المنظمة الدولية بعد إعلانها الالتزام بتنفيذه.
وفي هذا دلالة واضحة على تخلي لجنة التوفيق عن المهمة التي أُسندت إليها بتسيير عودة اللاجئين، والانصراف إلى البحث في إمكان توطينهم، ما يدل على تواطؤ اللجنة الدولية مع «إسرائيل» ضد الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني، كما على سكوت أمين عام الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على ذلك التواطؤ المخل بالقرار الدولي.
ثم إن القرار 194 لم يستحدث للاجئين حقاً بالعودة، وإنما جاء مؤكداً حقهم بذلك بموجب المادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وذلك ما نصت عليه أيضا المادة (12) من الاتفاقية الدولية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية. وقد تضمنت اتفاقية جنيف لسنة 1949 أحكاماً تتعلق بحق العودة في حالات الاحتلال العسكري والنزاع المسلح.
وصحيح أن القرار 194 صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ليس لها إصدار القرارات الملزمة للدول الأعضاء. إلا أن حق عودة اللاجئين وثيق الصلة بحق تقرير المصير. فضلاً عن تكرار التأكيد عليه بأغلبية كبرى في الجمعية العامة في السنوات التالية، ما حوّله إلى عرف دولي ملزم.
ومنذ العام 1949 والت أغلب إدارات الولايات المتحدة طرح مشروعات لتوطين اللاجئين مستهدفة تصفية حق العودة. وهي المحاولات التي تكسرت على صخرة إصرار اللاجئين على حقهم المشروع بالعودة. وعلى مدى السنوات السبعين الماضية واصلت القوى الوطنية الفلسطينية تقديم أغلى التضحيات من دماء الشهداء والجرحى دفاعاً عن حق العودة في مواجهة مختلف الضغوط الدولية والإقليمية. وعليه فالمعضلة التي تواجه الشعب العربي الفلسطيني إنما هي قعود النظام الدولي عن تنفيذ الحق المشروع على مدى العقود السبعة الماضية.
والسؤال الذي يفرضه الطموح الوطني المشروع لتنفيذ القرار 194 بحق العودة أما غدا ممكناً تحقيقه بقرار فردي فلسطيني، كأن يبادر بعض شباب مسيرة العودة الكبرى المدعو لها في منتصف الشهر الحالي باقتحام الحدود بين القطاع والكيان المحتل، لتندفع من ورائهم جموع أبناء القطاع في عمق النقب المحتل.
والمرجح عندنا أن هكذا مبادرة شجاعة بفرض حل عربي للقرار الدولي ستكون الخطوة الأولى على طريق التنفيذ العملي لحق العودة الذي طال انتظاره. وكل ما تملكه «إسرائيل» الإقدام على محاولة رابعة لاقتحام قطاع الصمود والتصدي، والتي في حكم المؤكد أن تلقى الفشل الذي سبق أن لقيته محاولاتها الثلاث السابقة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 128 / 2165961

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني فرسخ   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165961 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010