السبت 3 شباط (فبراير) 2018

إطار شعث…ونصيحة كيري!

السبت 3 شباط (فبراير) 2018 par عبداللطيف مهنا

كما أن شعث، وبالأحرى رام الله، لا تجد من غضاضة في أن يظل الراعي الأميركي راعيا لكنما مع شركاء له في إطار يشبِّهونه بـ”5 زائد واحد” في حالة حل الملف النووي الإيراني، وهذا بحد ذاته لو افترضنا وأن قبله الطرفين المعنيين، وهما واشنطن وتل أبيب، يضعنا من جديد أمام تجربة المجرَّب، والذي هو المعروف بإطار “الرباعية الدولية” سيئة الصيت، والتي لا يزال ميلادينوف خليفة بلير قائما بأعمالها.

عقب قرار ترامب إهداء القدس لنتنياهو، كان من أوائل فلسطينيي التسوية المكلفين بمهمة البحث عن وسيط بديل لرعاية “عملية السلام” المغدورة أميركيا والمدفونة احتلاليا الدكتور نبيل شعث، القيادي في حزب سلطة رام الله. ووسط أجواء من التصريحات الغاضبة والمنددة بفعلة ترامب، التي سبقت ولحقت انعقاد المجلس المركزي، والجازمة برفض وساطة الوسيط الذي تبين مؤخرا لهم أنه غير نزيه، ارتحل الدكتور شعث بين عواصم الأمم باحثا عن المطلوب، بدأ بالأوروبية، لينتقل من بعدها إلى موسكو ويعرِّج على بكين. بيد أن من تولى المهمة بنفسه وظلت شاغله حتى اللحظة هو رئيس السلطة. 
حصاد جولة شعث وجولات أبي مازن رست على أن البديل للأميركي قد عزَّ، وعن انعدام من يبدي استعدادا لمنافسته احتكارا لا يتنازل عنه. ناهيك عن أن المحتلين لن يبدلوا عن حليفهم المعطاء تبديلا، لا سيما وأنهم قد بدأوا يسرّعون متوالية فيض خطواتهم التهويدية المتلاحقة على وقع عطاياه، وبفضلها تحتشد الآن القوانين التصفوية على مائدة الكنيست.
رويدا رويدا خفتت الأصوات الغاضبة والمهددة، انعدم الجزم برفض الوساطة الأميركية لصالح اشتراط قبولها بوجود شركاء لها، أو تفضيل “إطار دولي لعملية السلام” لا يستبعد الأميركي، وإنما “يكسر احتكاره” لها…آخر تصريحات الدكتور شعث تقول، “لقد تجاوزنا مرحلة البحث إلى مرحلة العمل على الأرض لخلق إطار دولي يقف إلى جانبنا خارج الإطار الأميركي، وفي حال أراد هذا الإطار الدولي أن تكون الولايات المتحدة طرفا من هذه الأطراف فلا مشكلة، لكن ليس من تحتكر عملية السلام كما كان عليه الأمر في الماضي”!
يصعب هنا تبيّن الفارق عند شعث بين مرحلتي البحث والعمل، لا سيما وأنه لم تعلن جهة دولية واحدة استجابتها الصريحة لحالة هذا الهروب الفلسطيني التسووي من استحقاقات مواجهة خطورة الراهن إلى حيث تدويل الوساطة لبعث رميم “عملية السلام”، والتي ما انفك نتنياهو يشيّعها يوميا على الأرض لكن دون نعيها! اللهم إلا لغة النفاق الأوروبي التليد المرددة لمعزوفة تأييد “حل الدولتين”، مشروطا بتوافق “طرفي النزاع”، مع علم المشترطين أن التهويد قد جعله مستحيلا، والإيحاء ببعض التفهُّم لشكوى الجانب الفلسطيني، والذي لا من مردود عملي له، إذ إنه عادةً بلا رصيد فعلي، أو لا يصرف عند الضرورة إلا عبر الصرَّاف الأميركي وقبول الزبون الاحتلالي.
كما أن شعث، وبالأحرى رام الله، لا تجد من غضاضة في أن يظل الراعي الأميركي راعيا لكنما مع شركاء له في إطار يشبِّهونه بـ”5 زائد واحد” في حالة حل الملف النووي الإيراني، وهذا بحد ذاته لو افترضنا وأن قبله الطرفين المعنيين، وهما واشنطن وتل أبيب، يضعنا من جديد أمام تجربة المجرَّب، والذي هو المعروف بإطار “الرباعية الدولية” سيئة الصيت، والتي لا يزال ميلادينوف خليفة بلير قائما بأعمالها.
ومع هذا لا يبدو أن حكاية الشركاء هذه ستصمد طويلا، إذ نقلت تلفزة الاحتلال عن مصدر رسمي قرب لقاء يعقد بين ما قالت إنهما “مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى وموظَّف فلسطيني كبير” في مكتب الأول في القدس. لتبيّن من ثم أن مسؤولهم الرفيع والفلسطيني الكبير هما، وزير ماليتهم موشيه كحلون ورئيس وزراء السلطة رامي الحمد الله، ولم تنس هذه المصادر الإشارة إلى أن هذا اللقاء يعد “اعترافا فلسطينيا ضمنيا بالدور الأميركي”، لا سيّما وأن الإدارة الأميركية، كما قالت، كانت “معنيّة بترتيب اللقاء وإخراجه إلى حيّز التنفيذ”، مشيرةً إلى أن مبعوث ترامب جرينبلت سوف يصل إلى فلسطين المحتلة عشية انعقاده، وتضيف بأن تل أبيب قد توجّه عبره رسالة إلى السلطة “مفادها أنه إلى جانب العصا يوجد جزرة أيضا”!
لاحقا شارك الوزير كحلون ووزيرة اقتصاد السلطة عبير عودة في حفل تدشين آلة مسح ضوئي قدمتها هولندا لفحص البضائع القادمة للضفة عبر جسر اللنبي على الحدود مع الأردن، وخلال الحفل أعلن كحلون بنفسه عن استقباله اللاحق للحمد الله …وكرت المسبحة، فأعلن وزير التعاون تساحي هنجبي عن مشاركته مع مسؤولي السلطة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مؤتمر في بروكسل يعود لمبادرة نرويجية تحت شعار جذب الاستثمارات لقطاع غزة، والذي يحذّر مبعوث الرباعية في ندوة في تل أبيب بأنه “على شفا انهيار تام” بفعل أوضاعه المأساوية الناجمة عن حصاره المستمر لعامه الثاني عشر…وما لم يقله ملادينوف هو أن القطاع مهدد هذه الأيام بحرب عدوانية جديدة قد تشن عليه.
يتضاءل مع الوقت حديث الرد على قرار ترامب، وفي هذه الآونة يغطي عليه دوي شعار المطالبة بعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وبات أمر تنفيذ قرارات المجلس المركزي رهنا بتنفيذ اللجنة التنفيذية… بينما يفتتح نتنياهو طريقا التفافيا يبتلع المزيد من أراضي الضفة ويعلن، “عدنا للسامرة…هنا قلب إسرائيل”!
…والمفارقة، أن يقال في رام الله أن جون كيري قد نصح أبا مازن بالصمود في وجه الضغوط لتسعة أشهر فقط، قائلا له، “لن تخسر شيئا، ولن يستطيعوا حل السلطة…لا تتسرَّع واصبر قليلا”…وحيث لا يبدو أنه في وارد ذلك!!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 57 / 2165247

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عبداللطيف مهنا   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165247 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010