السبت 3 شباط (فبراير) 2018

قرارات قديمة بلا ضمانات

السبت 3 شباط (فبراير) 2018 par عوني صادق

أنهى المجلس المركزي الفلسطيني اجتماعاته التي عقدها على مدى يومين في رام الله، والتي أعاد فيها إنتاج قراراته السابقة دون أن يقدم أية ضمانات لتنفيذها، حيث سبق للمجلس أن اتخذ القرارات ذاتها في العام 2015 ولم نشهد لها تنفيذاً. وفي الكلمة التي افتتح بها الرئيس محمود عباس اجتماعات المجلس، لم يضمنها شيئاً جديداً خارجاً عن تصريحاته السابقة، بل ربما تراجع عن بعض ما جاء في تلك التصريحات. وقبل بدء الاجتماعات، أدلت المنظمات، وأدلى كل فلسطيني ذي رأي برأيه حول هذا الانعقاد، وقالوا ما هو المطلوب من هذا المجلس، لكن أحداً لم يكن متفائلاً بما سيخرج منها، بل كان التشاؤم سيد المواقف. وجاءت الحصيلة كما توقع الجميع، فلم يخيب الرئيس أو المجلس الظنون. والأمر طبيعي نظراً للظروف الفلسطينية الرسمية المهترئة، والعربية المتواطئة، والدولية غير المواتية، ونظراً لطبيعة العقلية السائدة للفئة المسيطرة على مواطن القرار، ومواقفها التي أصبحت معروفة للجميع، وشبكة علاقاتها التي لم تبق لها مجالاً للحركة الحرة أو الفاعلة.
وبعد كلمة الرئيس، تأكد الجميع أن مراجعة حقيقية كما كان مطلوباً لما حدث في ربع قرن من توقيع (اتفاق أوسلو) لم تتم، ولم يكن ممكناً أن تتم بهذه السرعة، وكل ما حدث هو اعتراف جديد بأن هذه المسيرة كانت خسارة صافية وفشلاً ذريعاً. فالسلطة بلا سلطة، والدولة الموعودة ابتعدت بدلاً من أن تكون قد قامت، والاستيطان استولى على معظم ما كان لها من أرض! كذلك «تبين» للرئيس أن المراهنة والثقة بـ«الراعي» الأمريكي لم تكن في محلها، وأن انحيازه ل«إسرائيل» وسياساتها «كشفه» إعلان «القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل»... كل ذلك كان قد تحدث في معظمه الرئيس عباس مرات من قبل. أما «القرارات» فلم يكن فيها جديد أيضاً، فمازال التمسك بـ (اتفاق أوسلو) ثابتاً بالرغم من قوله إن «إسرائيل» أنهته، ومازال «حل الدولتين» هو المراد! ولم يتم لا سحب الاعتراف بـ «إسرائيل» ولا إلغاء «التنسيق الأمني» معها، بل جاءت التوصية بـ«تعليق الاعتراف بإسرائيل»، وكل ما اتضح هو أن السلطة الفلسطينية قررت «تدويل القضية»، دون أن يعني ذلك القطع مع الولايات المتحدة، بل كل المطلوب «شراكة» دول أخرى معها، مع العلم أن «إسرائيل» لن تقبل بهذه الشراكة!
والحقيقة أن كل ذلك كان منتظراً ومعروفاً. فمادام الذين يحتلون مواقع المسؤولية والقرار لم يتغيروا ولم تتغير مواقفهم، فمن أين يأتي التغيير؟! حتى المنظمات المعارضة، بما فيها منظمات «المقاومة المسلحة»، اكتفى بعضها بمقاطعة الاجتماع (حماس والجهاد)، وهما أصلاً ليستا عضوين في منظمة التحرير، وبعضها حضر لتسجيل الموقف المعارض، وكلها كانت تعرف مسبقاً أن ذلك لن يغير من الأمر شيئاً. فجماعة السلطة لا تسمع غير نفسها، وهي لا تقرأ، ولا تعير اهتماماً لكل مطالبات الشارع، ولا تعنيها الدماء التي تسيل فيه لأنها تتمسك بما تسميه «المقاومة الشعبية السلمية»!
إن ما انتهت إليه اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يؤكد مرة أخرى أن القيادة الفلسطينية الحالية لن تفعل شيئاً لخدمة قضية الشعب الفلسطيني، بل إن كل ما ستفعله قد يصب في خدمة مخططات ومشاريع الحكومة «الإسرائيلية» دون أي وعي منها.
إن ذلك يظهر أن الحديث عن اتباع الطرق الطويلة لتصحيح المسار من قبيل إعادة هيكلة وإحياء المؤسسات الفلسطينية، أو إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام ما هو إلا لغو فارغ. والمطلوب هو تجاوز الجماهير الشعبية لكل الوضع القائم، وذلك بتشكيل جبهة وطنية واسعة قوامها الجماهير والقوى الوطنية التي تلفظ هذا الوضع ومكوناته، ومواجهة الاحتلال بانتفاضة شاملة لا تُبقي ولا تذر. قد يقال إن هذا الأمر صعب، لكن المتمعن الصادق فيه سيجده أسهل وأقصر من تلك الطريق التي تسير عليها القيادة الحالية.
إن إنقاذ فلسطين وإنقاذ القضية الفلسطينية لم يعد يحتمل التنظيرات، وأصبحت المواجهة الصعبة والاعتماد على جماهير الشعب والقوى المستعدة لتقديم التضحيات المطلوبة هما الحل الوحيد الباقي والممكن بالرغم من صعوبته. إن الانتفاضة الشاملة في وجه الاحتلال وأعوانه هي الحل!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165231

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165231 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010