الخميس 2 أيلول (سبتمبر) 2010

حركة الحرية

الخميس 2 أيلول (سبتمبر) 2010

ينبغي أن نرى عريضة الاحتجاج على تقديم العروض في دار الثقافة في اريئيل، التي وقع عليها من جملة من وقع كبار أدبائنا (يهوشع، وعوز وغروسمان)، على أنها استئناف مباشر للجدل المستمر في الحرية الاكاديمية. من شديد العجب والأسف والقلق، يبرز الميل الى رؤية الحريات الثلاث: حرية الضمير وحرية التعبير والحرية الاكاديمية على أنها سواء، في حين ان الحديث عن ثلاثة أمور مختلفة بل متناقضة أكثر من مرة.

منذ أصررت على رأيي اليساري قبل اكثر من ثلاثين سنة، غضبت على التهمة الدائمة لـ «الاعلام اليساري» و«الاكاديمية اليسارية» و«البوهيمية اليسارية». إن عميداً كبيرا فقط او من يجهد نفسه حقا في أن يدفن رأسه في الرمل لم ير السبب للميل المعيب الى البلبلة بين هذه الحريات الثلاث ألا وهو «الاحتلال».

إن حرية التعبير محفوظة للجميع: للحريديين من مؤيدي ايران وللعلمانيين من مؤيدي عنات كام، ولمشجعي البيتار ولمشجعي سخنين، ولاصحاب الردود الحماسية وكتاب المقالات المتزنة. بيد أن حرية التعبير تستعملها نخب ذات برامج سياسية واضحة جدا على أنها منزلة وسطى تربط بين حرية الضمير البوهيمية وبين الحرية الاكاديمية.

ففي حين يحققون حرية التعبير الى درجة تبلغ حرية الضمير التي تمنع من العرض «في المناطق المحتلة»، يحقق زملاؤهم حرية التعبير الى درجة الحرية الاكاديمية التي تبيح اطلاق أكاذيب عن تاريخ الصهيونية والصراع، ويدعون باسم تلك الاكاذيب الى القطيعة مع «اسرائيل» التي تشتمل على أماكن عملهم.

تنبغي العودة الى عمل تفريقات مجدية: إن حرية التعبير هي تلك الحرية المقدسة، التي لا ينبغي المس بها تقريبا ولا يكاد يوجد حقا من يمس بها حتى عندما يكون ضررها السياسي كبيرا. وكما في كل دولة ديمقراطية، تمتنع سلطات القانون في «اسرائيل» ايضا عن اغلاق الافواه الا عندما تبلغ الأمور حد التحريض والاخلال بالنظام العام. ان حرية التعبير في «اسرائيل» بالقياس بدول أخرى واسعة جدا بل ربما جدا جدا.

إن حرية ضمير الفنانين والمبدعين هي استمرار لحرية التعبير. بيد أنه بخلاف مشجع كرة القدم الذي يبيح لنفسه باسم حرية التعبير أن يصيح صيحات أو يطلق شتائم، يعلم أناس الحياة العامة مثل عاموس عوز أنهم فوق الشعب، وهم يتصرفون كأنهم فوق الشعب، ويهتمون بأن يعلم الجميع ذلك. بعبارة أخرى ومع فرض أن وضع الحشد البشري القديم لـ «الغوغاء» و«النخب» سيظل على ما هو في الأجيال القادمة، فانه لا شك في أن ليس حكم التعليق في الانترنت المناصر لغلعاد شليط كحكم التوقيع المغطى اعلاميا للاديب عاموس عوز على عريضة تقاطع اريئيل.

أجل، يحل لعاموس عوز و لـ أ.ب يهوشع ان يوقعا على عرائض وان يعبرا بذلك عن موقفهما من اريئيل، أي من «الاحتلال». لكن التبسيطية المغضبة ربما في شعار شرعي مثل «أين الحاكم الذي يحرر غلعاد؟»، تصبح تبسيطية محرجة عندما يواصل أناس في منزلة يهوشع وعوز السلوك العام وكأنهما إذا أدارا ظهريهما لاريئيل فان «الاحتلال» سيختفي.

والحرية الاكاديمية آخر الامر. لم تكن هذه من أجل الاحتجاج. بل كانت من أجل البحث عن الحقيقة. وهي مهمة صعبة يعفى منها المواطنون البسطاء الموقعون على العرائض أو الذين يصرخون صرخات، وكذلك الادباء الكبار الذين وكلت اليهم أعمال التخييل والفن. إن من يحتمل تبعة المهمة السامية التي هي المحاسبة العلمية لكل أمر وكل شأن ـ مثل وضع الماء ووضع الريح ووضع الفلسطينيين ـ لا يستطيع أن يسلك مثل أبسط المواطنين أو مثل مترفي الادباء. ليس البحث تعليقا في الانترنت كما أنه ليس عريضة أيضا.

- [**أودي منور | «معاريف» | 2 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2165903

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165903 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010