السبت 27 كانون الثاني (يناير) 2018

الوطن: الاعتراف بالحق الفلسطيني مقابل “الرعاية”

السبت 27 كانون الثاني (يناير) 2018

لم يعد هناك إمكانية لقبول الفلسطينيين عمومًا وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بوجود الولايات المتحدة الأميركية ـ خصوصًا تحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ـ راعية لعملية السلام أو مستفردة وحدها بالعملية، أو حتى وسيطًا أوحد، بعد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، أو تلويح ترامب الدائم المعلن بعقاب السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس عباس، فهذه كلها مؤشرات تفرض على الجانب الفلسطيني التمسك برفض إضفاء أي صفة شرعية تمثيلية أوحد على واشنطن في عملية السلام، أو حتى الاستماع إلى نصائحها التي تهدف لمساعدة حليفها الاستراتيجي كيان الاحتلال الإسرائيلي على قضم ما تبقى من الحقوق الفلسطينية، وبعثرة الثوابت التي يحلم الفلسطينيون دومًا على إقامة دولتهم على أساسها، مثل القدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية، وحق عودة اللاجئين، وتحرير الأسرى، وغيرها من الثوابت الفلسطينية التي أقرتها الشرعية الدولية.
إن تمسك الفلسطينيين برفض استفراد واشنطن بملف عملية السلام مطلوب الآن، وهو موقف قد يراه البعض أنه تأخر كثيرًا، وأنه كان لا بد أن يتخذ منذ سنوات مضت، فيما يراه البعض الآخر أنه جاء في وقته، فالإدارات الأميركية المتعاقبة وإن كانت تناصر العدو الإسرائيلي المحتل في المحافل كافة، إلا أنها كانت تؤمن بحل الدولتين، وبحق الفلسطينيين في إقامة دولة قابلة للحياة، كما أنه كانت تبدي موافقة ضمنية على خيار أن تكون القدس الشرقية عاصمة لهذه الدولة الفلسطينية المنتظرة، لكن إدارة ترامب قد قضت على هذه الأطروحات الأميركية السابقة، وأعلنتها صريحة بأحقية كيان الاحتلال في القدس المحتلة، بل تمادت على لسان سفيرها في الكيان الغاصب بوصف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بـ”الاحتلال المزعوم”، وتحدث رئيسها ترامب أكثر من مرة عن “حق الكيان التاريخي في كامل الأراضي الفلسطينية”، بل وصل الأمر إلى تطاول سفيرة أميركا في مجلس الأمن نيكي هيلي على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووصفت رفضه في التفريط بالحقوق الفلسطينية، بزعم أنه “لا يريد السلام”.
إن كل التهديدات الأميركية غير المسبوقة، والحديث عن قطع المعونات عن السلطة الفلسطينية، وحدت الفلسطينيين خلف قيادتهم، بل يجب كذلك، وأن توحدهم خلف قضيتهم قبل كل شيء، حيث تعالت الأصوات المطالبة بالبحث عن وسطاء آخرين قادرين على الضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق المطالب الفلسطينية العادلة، بل وصل الأمر إلى إعلان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية صراحة دون مواربة أن الفلسطينيين لن يلتقوا مسؤولي الإدارة الأميركية لحين سحب الولايات المتحدة اعترافها بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، مشددًا على أن ما لم تتراجع الإدارة الأميركية عن الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، فإنها ستبقى خارج الطاولة، داعيًا الإدارة الأميركية إلى التراجع عن قرارها والاعتراف بدولة فلسطين والقدس الشرقية عاصمة لها، واحترام قرارات مجلس الأمن وقرارات الشرعية الدولية.
ولعل اللافت في التحرك الفلسطيني الأخير والتصريحات المتواترة من السلطة الفلسطينية، أنها أصبحت أكثر صلابة وثقة، وانتقلت من خانة المستمع الدائم لنصائح الغير، إلى خانة المتمسك بطريقه، معلية أسسًا جديدة للمفاوضات أولها الأحقية المطلقة في القدس، مؤكدة أن أي أحد لا يحترم هذه الأسس سيكون خارج الطاولة، وما تبع ذلك من تصريحات فلسطينية تؤكد أن كيان الاحتلال أنهى اتفاقات أوسلو، وإعلان الرئيس عباس رفضه الصريح لـ(صفقة القرن) الأميركية، والتأكيد الدائم على أن الفلسطينيين لا ينتظرون أن تمنحهم “إسرائيل” أراضي، بل موعدًا وجدولًا زمنيًّا لإنهاء الاحتلال، وإعلان رفض التحرك الأميركي نحو إبعاد ملف اللاجئين عن طاولة مفاوضات السلام، كلها مؤشرات لإمكانية عودة الوحدة الفلسطينية المنشودة، فهذه التصريحات والتأكيدات تصب في تقليل الفجوة بين أنصار أوسلو، ومن يرفضونه من حركات فلسطينية أخرى، بقي أن يتجه الفلسطينيون بأسرع وقت نحو مصالحة فلسطينية شاملة، ويضعوا استراتيجية لإنهاء الاحتلال، لا تستبعد أيًّا من الخيارات المشروعة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165325

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165325 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010