الأحد 7 كانون الثاني (يناير) 2018

المثقف «المثقوب»... يوسف زيدان نموذجاً

الأحد 7 كانون الثاني (يناير) 2018 par أحمد الدبش

كتبت صفحة »إسرائيل« فى مصر، التابعة للسفارة الصهيونية فى القاهرة، عبر حسابها الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي »فيسبوك«: »أسعدنا سماع أقوال الكاتب والمؤرخ يوسف زيدان فى برنامج كل يوم الذى قدمه عمر أديب على قناة ON TV أول أمس الأحد [24/12] ووصف زيدان للعلاقات الحميدة بين اليهود والمسلمين حتى قبل مجيء النبى محمد (ص) وحتى أيامنا هذه، مشيرة إلى أن جذور الحروب بين الطرفين تعود إلى المتطرفين«.

وأضافت صفحة »إسرائيل« فى مصر: »ولا شك أن الرسالة التى يحملها تفسير الكاتب زيدان بضرورة نبذ ثقافة الكراهية بين الطرفين، هى رسالة مهمة فى نظرنا وأن التعاون بين اليهود والمسلمين من شأنه أن يعود بالفائدة على المصريين و»الإسرائيليين« على حد سواء، خدمة لأبناء الجيل الصاعد لدى الشعبين«.

وهو ما رد عليه يوسف زيدان، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى »فيسبوك«، بإعادة نشر رسالة الشكر »الإسرائيلية« قائلاً: »أرادت السفارة »الإسرائيلية« فى القاهرة أن تشير إلينا بأن رسالتى وصلت إليهم، فأصدرت البيان المرفق، وفيه إشارة وإبداء النية للسير فى طريق السلام«.

لم يتورع الروائي والباحث المصري الشهير، يوسف زيدان، عن انتاج خطاب تاريخي تدليسي، يُحقر ويقزم تاريخنا العربي عامة والفلسطيني خاصة، ويعزز هيمنة الرواية »التوراتية« و»الصهيونية« عليه، ويجمل الوجه القبيح للعدو الصهيوني. من المناسب تسميه من ينتج هذا الخطاب بـ»المثقف المثقوب«.

روّج يوسف زيدان، خلال لقاء أجراه مع الإعلامي عمرو أديب، في برنامج «كل يوم»، المذاع على فضائية «ON E»، يوم الأحد (10/12/2017)، إلى ضرورة اعادة بناء »الهيكل السليماني« المزعوم، فقد قال حرفياً: »أن الإشكالية تكمن فى أن اليهود يقولون أن المسجد الأقصي 31 ألف متر مربع، وأن اليهود مقهورين منذ 2000 عام لأنهم يصلون تجاه القدس، لأنهم يعتبرون سليمان الملك نبي عندهم، ويعتزون به، ويسعون إلي إنشاء هيكل أى معبد له على مساحة 200 متر. وذكر أنه عام 1948، عندما كان بمصر والدول العربية ناس بتفهم، قولنا : »تعالوا عايزين إيه؟ ما فيه كنيسة القيامة وكمان المسجد الأقصي ونعمل المعبد، ما عندنا معبد فى قلب القاهرة ومعبد أخر فى الأسكندرية والدنيا ما اتهدتش يعني«!!.

أقوال زيدان هذه، تدل على الجهل بالتاريخ، سواء كان جهلاً حقيقاً أم مصطنعاً، بريئاً أم ذا مرام، فالمطلع ولو قليلاً، على الوثائق الأثارية يرى إن قصة بناء الهيكل السليماني غير قابلة للتصديق، وإنها مجرد اختلاق توراتي [يُراجع مقالنا: اختلاق هيكل سليمان]
علاوة على ذلك، لم يتمكَّن الأثريّون، من العثورِ على دليلٍ، يُشيرُ صراحةً، أو كنايةً، إلى داوود، وسليمان، في فلسطين. [يُراجع أعمال: ليتش، روني ريك، مِلَّر، فنكلشتاين، توماس طُمسن، ديفيد جميسون درايك ــ ولمزيد من التفاصيل يُراجع مقالنا: كيف كذَب علم الآثار مملكة داوود القديمة؟]

لم يتوقف التدليس التاريخي، للروائي والباحث، يوسف زيدان، عند هذا الحد، فقد ألقى زيدان، خلال برنامج »كل يوم - فقرة رحيق الكتب«، مع الإعلامي عمرو أديب، يوم الأحد (24/12/2017)، باللائمة على الطرف العربي والمسلم في إشعال معركة فلسطين معلناً أن عصابات الهاجاناه الصهيونية التي تواجدت في فلسطين كانت بدايتها لمقاومة الاحتلال الإنجليزي. وزعم زيدان أن »الإسرائيليين« عندهم في تاريخهم »حرب التحرير« لفلسطين من الإنجليز »والهاجاناه والحاجات دي إتشكلت أصلاً لطرد الإنجليز من فلسطين ثم هنشوف نعمل إيه مع العرب«.

ما ذكره زيدان، مردود عليه، فقد شهدت سنوات الثورة الفلسطينية الكبرى (1936 ــ 1939)، تعاوناً كبيراً بين الهاجاناه وقوات الاحتلال البريطاني، وبرز التعاون بخاصة مع تعيين تشارلز وينجيت ضابطاً للمخابرات البريطانية في فلسطين عام 1936، حيث أشرف على تكوين الفرق الليلية الخاصة والسرايا المتحركة التابعة وتنسيق الأنشطة بين المخابرات البريطانية وقسم المخابرات بالهاجاناه والمعروف باسم »الشاى«. وفي الوقت نفسه، تعاونت القوات البريطانية والهاجاناه في تشكيل شرطة حراسة المستوطنات اليهودية والنوطريم.

وفي الحرب العالمية الثانية، وقفت الهاجاناه إلى جانب بريطانيا والحلفاء وانضم كثير من أعضائها إلى اللواء اليهودي للقتال في صفوف القوات البريطانية. فزودتهم بريطانيا بالأسلحة الحديثة والدبابات والعتاد الحربي، ودربتهم أثناء الحرب أحسن تدريب، على أيدي الجنود البولنديين اليهود الذين فروا بأسلحتهم.

استطرد زيدان، وتحدث عن اللغة العبرية، وقال: »إنهم أشطر مننا كتبوها بدري...«. وبذلك أراد ان يقول: ان اللغة »العبرية« أسبق من اللغة العربية.

من المفيد هنا، أن نشير إلى أن الكثير من الشعوب والقبائل والفصائل الإنسانية عاشت في مختلف أركان العالم على مدى التاريخ وخلال العصور الموغلة في القدم، وكان لكل منهم اللغة والثقافة والاسم. لكننا لم نعثر في النقوش الأثرية ولا في الوثائق التاريخية على قوم يحملون اسم «العبريين». فإذا لم يكن هناك »شعب عبري»، فمن أين جاءت لغتهم؟ [يُراجع مقالنا: بدعة »العبرية».. قراءة في أسطورة »الشعب العبري»].

هنا يتضح لنا، ان مثقفنا »المثقوب»، ينحو نحواً يتقيد بخطاب الدراسات »التوراتية» و»الصهيونية»، ولا يفعل أكثر من أن ينقل نقلاً مباشراً تلك الروايات »التوراتية» و»الصهيونية» ليصوغها كما يصوغ التلميذ آراء معلمه.

في الختام، قد يكون مفيداً أن نذكر رواية »المسخ» لكافكا، التي تتحدث عن ذلك البائس الذي يستيقظ يوماً ليجد نفسه قد تحول إلى صرصار. وينتهي مصيره بسحقه تحت الأقدام. يمكننا دون مغالاة، مقارنة حال مثقفنا »المثقوب»، مع حال ذلك المسخ.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 83 / 2165765

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع نوافذ  متابعة نشاط الموقع أحمد الدبش   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165765 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010