الجمعة 29 كانون الأول (ديسمبر) 2017

هذا القول بحل الدولتين!

الجمعة 29 كانون الأول (ديسمبر) 2017 par عوني فرسخ

توالى طوال ما يجاوز خمسة عشر عاماً القول بحل الدولتين، لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي، والسؤال الذي يستدعيه هذا القول، هل هو حل موضوعي للصراع يؤمّن للشعب العربي الفلسطيني الحد الأدنى من حقوقه المقرة دولياً، بإقامة دولته كاملة السيادة وقابلة للحياة في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية، وكما تطالب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وما نصت عليه مبادرة القمة العربية لعام 2002، ويوفر الأمن والاستقرار لشعوب المشرق العربي، أم إنه قول ملتبس وخادع، بل وغير واقعي، وإن بدا كذلك، غايته تمرير تسوية الصراع بشروط غلاة اليمين الصهيوني بقيادة نتنياهو، ورعاة مشروعهم الاستعماري الاستيطاني العنصري، ما يبقي دواعي الصراع التاريخي قائمة؟
سؤال في محاولة الإجابة عنه نذكّر بالحقائق التالية:
1 - القول بحل الدولتين ينطوي على قبول ضمني باحتلال «إسرائيل»لـ 78% من فلسطين، والسكوت على تجاوزه قرار التقسيم واحتلاله القدس الغربية، ورفض التزامه بتنفيذ القرار 194، بعودة اللاجئين واستعادتهم أملاكهم، وعدم مساءلته عن اقتراف قواته جريمة التطهير العرقي في حرب 1948/ 1949.
2 - لم يأت أحد من القائلين بحل الدولتين على ذكر حق اللاجئين في العودة لديارهم، واستردادهم أملاكهم والتعويض لهم، عملاً بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
3 - تضمنت مبادرة القمة العربية للسلام في عام 2002، النص على التزام «إسرائيل» بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، لسنة 1948 بعودة اللاجئين واستردادهم أملاكهم، والتعويض لهم، وذلك استجابة لإصرار الرئيس اللبناني السابق أميل لحود، التزاماً منه بالإجماع الوطني اللبناني على رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، لانعكاس ذلك على الواقع المجتمعي اللبناني، ما يعني أن التنازل عن حق العودة ليس فقط ممتنِعاً فلسطينياً، وإنما أيضاً مرفوض بإجماع لبناني.
4 - منذ بداية احتلال الضفة الغربية في الرابع من يونيو/حزيران 1967، توالت إقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية فيها بتسارع طردي؛ الأمر الذي تضاعف بتولي الليكود الحكم سنة 1977، وبخاصة بعد توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993، كما جرى شق الطرق الالتفافية في غالبية نواحي الضفة الغربية، لتحقيق التواصل فيما بين المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وربط غالبيتها بداخل الأرض المحتلة سنة 1948.
5 - بإقامة جدار الفصل العنصري في عمق الضفة، وليس على حدود عام 1967، جزأها إلى أربعة معازل كبرى: معزل شمالي الضفة ووسطها، ويضم نابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية، مرتبط برام الله بمعبر قرب مستوطنة ارئيل، ومساحته 710 كيلومترات مربعة. ومعزل القدس والجنوب، ويضم إلى جانب القدس مدن: الخليل وبيت لحم، وبيت جالا وبيت ساحور، وتقدر مساحته بـ 30% من مساحة الضفة، ومعزل أريحا ولا تزيد مساحته على 60 كيلومتراً مربعاً، ومعزل الغور الذي رسم مع حدود التجمعات المائية التي استولت عليها المستوطنات، بحيث دمر القطاع الزراعي العربي، والوجود العربي التاريخي في الأغوار.
6 - لم يعزل جدار الفصل العنصري القدس ويغلقها فقط، وإنما أغلق في الواقع ست مدن عربية هي: رام الله والبيرة وبيتونيا شمالاً، وبيت لحم وبيت جالا، وبيت ساحور جنوباً، وأربعين قرية عربية في محيطها.
7 - تضمنت فتوى محكمة العدل الدولية حول الجدار القول: «إسرائيل» ملزمة بوضع حد لانتهاكها القانون الدولي. وهي ملزمة بأن توقف على الفور أعمال تشييد الجدار الذي تقوم ببنائه في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وجوارها.
إن إقامة الجدار تتعارض مع أحكام اتفاقية لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. وينبغي للأمم المتحدة، ولا سيما الجمعية العامة، ومجلس الأمن، النظر فيما يلزم من إجراءات أخرى لإنهاء الوضع غير القانوني، الناتج عن تشييد الجدار والنظام المرتبط به».
8 - أقامت سلطة الاحتلال في الضفة أكثر من 600 حاجز عسكري، وبإقامة الجدار أتلف وأغلق وأبقى خلفه أكثر من 1300 كيلومتر، ما يعادل 46% من طرق الضفة، وتسبب بضرر بالغ وخطر على حياة المجتمع العربي، تمثل بمضاعفة أطوال الطرق، بما لا يقل عن ضعفي المساحة والوقت.
ومما سبق يتضح بجلاء استحالة إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة، مع بقاء المستوطنات والطرق الالتفافية والجدار العازل، والحواجز على الطرق. وهذا لم يأت على إزالة شيء منه القائلون بحل الدولتين، فضلاً عما هو ثابت تاريخياً من أن «إسرائيل» لم تفكك أي مستوطنة أو تنسحب من أي مساحة من الأرض العربية المحتلة، إلا تحت ضغط فعالية قوى المقاومة.
ما فيه الدلالة على أن القول بحل الدولتين، مع غياب القدرة على فرض ذلك بالقوة، لا يخرج عن كونه قولاً ملتبساً وخادعاً يستهدف فرض التسوية بالشروط الصهيونية، وهذا هو المستحيل عملياً في واقع موازين القوى الراهنة على الأرض.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2165832

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني فرسخ   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2165832 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010