الأحد 10 كانون الأول (ديسمبر) 2017

فصائل تطالب بشطب أوسلو وإلغاء مبادرة السلام

الأحد 10 كانون الأول (ديسمبر) 2017

باتت غزة رغم الحواجز العسكرية والأسلاك الشائكة والقوات المعززة من الاحتلال، التي تفصلها جغرافيا عن مدينة القدس، أشبه بـ «بركان غضب» انفجر لحظة إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قراراته الجائرة، والمتمثلة بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالمدينة كعاصمة موحدة لإسرائيل. وشهدت المواقف الرسمية والشعبية والعسكرية، توافقا كاملا، بالتركيز على «المواجهة» وعدم الخنوع، ولم تتوان المقاومة في بداية أيام المواجهة الحالية عن الرد المسلح، في وقت تركزت المطالب الفصائلية على ضرورة سحب مبادرة السلام العربية، وإلغاء «اتفاق أوسلو» وشطب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل.
ففي قطاع غزة الذي شهدت مدنه ومخيماته وقراه منذ اللحظة الأولى لإعلان ترامب، حالة غليان شعبي كبير، مستمدة قوتها من مطالب القوى السياسية الفلسطينية والعسكرية على ضرورة استمرار «المواجهة» بشتى أنواعها، انخرط السكان على اختلاف شرائحهم وأعمارهم في تظاهرات شعبية غاضبة، أحرقت في بدايتها صورا للرئيس الأمريكي، وأعلام بلاده وكذلك الأعلام الإسرائيلية، لتكون بداية المواجهات الشعبية على طول نقاط التماس الواقعة عند الحدود الفاصلة عن إسرائيل.
وشهدت المنطقة الحدودية، مواجهات حامية الوطيس، بعد أن اجتاز شبان عزل بصدورهم العارية المناطق العازلة، واقتربوا من السياج الفاصل، بناء على دعوات «النفير» ورشقوا جنود الاحتلال التمركزين في ثكنات ومواقع عسكرية بالحجارة، ليتلقوا سيلا من الرشقات النارية وقنابل الغاز المسيل للدموع، أدت إلى وقوع شهداء وإصابة العشرات بينهم إصابات خطيرة، خلال مواجهات «جمعة الغضب».
ولم تمنع الإصابات ووقوع الشهداء بنيران القناصة، من استمرار الشبان في المواجهات، في رسالة أرادوا من خلالها إيصال حجم الغضب الذي يملأ صدورهم، تجاه قرارات ترامب تجاه القدس التي أسعدت إسرائيل كثيرا.
ولوحظ من خلال حالة التعبئة والغضب الكبير الذي بدأ في غزة، وتحديدا في أوساط الشباب، أن الأمور تتجه نحو «تصعيد جديد للانتفاضة» وهو أمر دعت إليه كافة الفصائل الفلسطينية، خاصة بعد استخدام جنود الاحتلال القوة المفرطة في الرد على المتظاهرين العزل.
وفي رسالة تحذير وتلويح بـ «الخيار المسلح» بعد أن ألمحت الفصائل العسكرية إلى إمكانية استخدام هذا الخيار، أطلقت من قطاع غزة رشقات صاروخية، كان أعنفها تلك التي أطلقتها المقاومة مساء «جمعة الغضب» سقطت في مناطق إسرائيلية بعيدة نسبيا عن حدود القطاع، للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الأخيرة على القطاع صيف العام 2014، حيث اعتادت المقاومة على إطلاق صواريخ خلال مواجهات محدودة بعد الحرب، على مناطق «غلاف غزة» لتحمل بذلك رسائل إلى تل أبيب، التي ردت بقصف عنيف على مواقع المقاومة، بأن القادم سيكون أسوأ، إذا ما استمرت إجراءات القمع وسلب الحقوق الفلسطينية خاصة في مدينة القدس.
وجاء ذلك بعد أن وجه أكثر من مسؤول فلسطيني وبشكل علني، دعوات لفصائل المقاومة بالاستعداد لقادم الأيام، لمواجهة القرارات التي تمس مكانة القدس كعاصمة للفلسطينيين، في إشارة تحذير واضحة لإسرائيل.
واستعدادا لتلك المواجهة، وبما يدل على حالة الترقب التي يعيشها الجانب الإسرائيلي، دفعت قوات الاحتلال بتعزيزات على طول تلك المناطق الساخنة مع غزة، وأعلنت حالة التأهب.
وفي إشارة إلى وحدة الموقف الداخلي، أعلنت حركتا فتح وحماس اللتان أجلتا خلافاتهما السياسية في ظل ما تتعرض له المدينة المقدسة، وسارعتا إلى تجاوز أزمة تطبيق المصالحة التي اعتلت ملف إنهاء الانقسام، عن بحث خطوات التعامل مع اعتراف ترامب بالقدس المحتلة «عاصمة لإسرائيل» وإعلانه نقل سفارة بلاده إليها.
وأكدت الحركتان في بيان مشترك، أنهما ناقشا عددا من القضايا، ومن أهمها قرارات ترامب، وجددتا إدانتهما للقرار، واعتبرتاه «عدوانا» على الشعب الفلسطيني، وتناولا أيضا سبل التعامل مع القرار، بعد الإشادة بـ «الخطوات الشعبية والجماهيرية» التي خرجت رفضًا للقرار، وأكدتا أن الرد الحقيقي عليه يكون بوحدة الشعب.
وجاء ذلك وسط دعوات وتصاعد المطالبات الرسمية والفصائلية والشعبية بضرورة إنهاء الانقسام واتمام عملية المصالحة، والترافق مع «تصعيد» المواجهة مع الاحتلال، و«قبر» اتفاق أوسلو، وإلغاء الاعتراف بإسرائيل.
وفي غزة التي وصلها رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمد الله، بعد يوم واحد من قرارات ترامب، أكد أن الوحدة الوطنية هي صمام الأمان في هذه المرحلة التاريخية الفارقة التي تمر بها القضية الوطنية، وشدد على أن الإجراءات التي عبر عنها خطاب ترامب هي تقويض لكل الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام، وتأجيج الصراع، بل وإنهاء للدور الذي كانت الولايات المتحدة تلعبه كراع لعملية السلام، وقلل رئيس الحكومة من إمكانية فرض القرار كأمر واقع على الفلسطينيين، وقال أنه لا يساوي الحبر الذي كتب فيه.
وفي السياق ذاته دعا رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إلى إطلاق «انتفاضة جديدة ومقاومة» في وجه الاحتلال، ردا على إعلان ترامب، وأكد أن إرادة الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم «ستحاصر قرار ترامب وستعمل على إسقاطه».
وقال منذرا «واهم من يعتقد أن موقفنا يمكن أن ينتهي بالشجب أو المظاهرات» مضيفا «نمضي في إطار استراتيجية على المستوى الفلسطيني ومستوى الأمة حتى نصل إلى نقطة النهاية بتحرير القدس وكل فلسطين».
وأكد أن الوحدة داخل فلسطين تجلت في ساحة الانتفاضة، مضيفا «مزقنا مشروع أوسلو، لكن المقاومة توحدنا»، وأكد هنية أن هناك جهدا ضخما يتم تبنيه وبرمجته من طنجة إلى جاكرتا بشأن القدس، مشددا على أن قرار ترامب يمثل تعديا على مجلس الأمن والقرارات الدولية، مشددا أنه «يضرب الاستقرار الإقليمي والدولي».
وكان هنية أعلن أنه اتفق خلال اتصال أجراه مع الرئيس محمود عباس، على ضرورة خروج الجماهير الفلسطينية في كل مكان، للتعبير عن غضبها ورفضها القرار الأمريكي.
ولم تخل انتقادات الفصائل من التحذير من مقبل الأيام، بسبب القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي، والذي اعتبرته تجاوزا لكل الخطوط الحمراء، خاصة وأنه مس المدينة المقدسة، مستذكرة الهبة الشعبية لسكان المدينة قبل أشهر قليلة، والتي أجبرت سلطات الاحتلال على التراجع عن وضع «البوابات الالكترونية» على مداخل المسجد الأقصى.
وندت حركة فتح، بقرارات ترامب، واعتبرتها «انتهاكا خطيرا» لكل القرارات الدولية، وتجاوزا لجميع «الخطوط الحمراء»، التي من شأنها توتير المنطقة، وأكدت أن إجراءات إسرائيل وكل ما اتخذته من قرارات لتعزيز احتلالها لفلسطين وكل ما قدمته واشنطن، من دعم لها «لم ينشئ حقاً قانونياً أو ماديا للاحتلال في فلسطين»، وشددت على أن القرارات «لن تلغي حقنا التاريخي في وطننا المحتل»، ووصفت قرار ترامب بـ «غير الأخلاقي».
وأكدت حركة الجهاد الإسلامي، على ضرورة استمرار وتصعيد انتفاضة القدس، واعتبار الأيام المقبلة «أيام غضب شعبي» في كل المحافظات، داعية لاستمرار المواجهات عند نقاط الاشتباك والحواجز في كل المناطق، ودعت الجاليات العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم إلى تنظيم الفعاليات المنددة بالقرار الأمريكي العدائي، وشددت على المطالب التي أجمعت عليها القوى والفصائل والمتمثلة بإعلان «شطب الاعتراف بإسرائيل» وإلغاء «اتفاق أوسلو» وإعلان فشل مسيرة التسوية، كما طالبت السلطة بإغلاق الباب في وجه أي مبعوث أمريكي ورفض استقباله.
كذلك اعتبرت الجبهة الشعبية التي قررت إلغاء مهرجان انطلاقتها هذا العام، قرارات الرئيس الأمريكي أنها تمثل «إعلان حرب» على الشعب الفلسطيني وحقوقه، وأكدت أن القرارات تضع الولايات المتحدة «في الموقع المعادي لشعبنا والشريك للاحتلال في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني وأرضه».
ودعت القيادة الفلسطينية إلى «استخلاص العبر» من تجربة الرهان على المفاوضات وعلى الدور الأمريكي ودعتها للانسحاب من «اتفاقية أوسلو» والتزاماتها، وسحب الاعتراف بالاحتلال، وشددت على ضرورة تضافر الجهود لـ «الرد الموحد والعملي» على هذا القرار، وذلك من خلال «الفعل الميداني».
أما الجبهة الديمقراطية، فقد دعت على لسان عضو مكتبها السياسي طلال أبو ظريفة، إلى مغادرة أوهام الحل السياسي بالرعاية الأمريكية «غير النزيهة»، ووقف جميع الاتصالات مع هذه الإدارة ومبعوثيها لما يسمى عملية التسوية السياسية.
وحث أبو ظريفة على تبني استراتيجية وطنية جديدة تقوم على تقديم طلب للجمعية العامة للأمم المتحدة بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين، واستكمال طلبات الانضمام لكامل الهيئات والمؤسسات الدولية، إضافة إلى تحريك الملفات ضد الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية، وأعتبر قرار ترامب «تحديا سافرا» لقرارات الشرعية الدولية.
وعلى صعيد الفصائل المسلحة، فقد دعت أذرع عسكرية تتبع حركة فتح في غزة لـ «النفير العام والاشتباك مع العدو الإسرائيلي» في كافة المدن والقرى الفلسطينية، بكافة الطرق المشروعة خاصة «الاشتباك المسلح»، كما دعت الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكل الدول الصديقة، لإعلان القدس عاصمة أبدية لفلسطين، وطرد كل سفراء الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي، فيما دعت لجان المقاومة الشعبية للتمسك بـ «خيار المقاومة» للدفاع عن القدس والحقوق الفلسطينية، وطالبت بـ «ضرب المصالح والأهداف التابعة للعدو الأمريكي» رداً على «القرار العدواني».
واعتبرت حركة المقاومة الشعبية، أن إعلان ترامب فتح الأبواب أمام «اشعال النار بكل اتجاه»، ودعت لإعلان «انتفاضة شعبية شاملة وبقوة السلاح والنار» ودعت الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، لعقد اجتماع عاجل لتحديد الردود المناسبة، فيما دعت كتائب المقاومة الوطنية، الذراع المسلح للجبهة الديمقراطية، إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة للفصائل المسلحة، وأكدت على جهوزيتها التامة لكافة الخيارات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2165924

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار فلسطينية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165924 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010