الأحد 10 كانون الأول (ديسمبر) 2017

إنها صفقة القرن أيها الأبله!

الأحد 10 كانون الأول (ديسمبر) 2017 par سليم عزوز

في مرحلة التشكيك في أي شيء، وكل شيء، فقد شكك البعض في أن تكون هناك صفقة للقرن، بإعلان الرئيس الأمريكي ترامب نقله للسفارة الأمريكية إلى القدس، والبعض من هؤلاء اعتبر أن صفقة القرن من أساطير الأولين، وأنها من خيالات معارضي الانقلاب العسكري في مصر، والمؤسف أن من عزف نغمة التشكيك ينتمون أيضاً لتيار المعارضة!

مرحلة من العبث نحياها، بسبب أن السيوشيال ميديا جعلت من “التحليل السياسي” مهنة من لا مهنة له، والذين يدورون في فلك نظرية المؤامرة، وينطلقون إلى التشكيك في كل من يقابلهم وكل الآراء المعلنة، بهدف لفت الانتباه، لمجرد أنهم يقولون كلاماً مختلفاً غير السائد، حتى وإن كانوا بذلك يصبون في مجرى الانقلاب وأنصاره، فلا يعنيهم هذا، فنحن لا نعيش أجواء صحية، لنضمن أن كل من يعيشون فيها أسوياء نفسياً!

“صفقة القرن” ليست اختراعاً من خصوم النظام الحاكم في مصر، فأول مرة نسمع بها عندما قال عبد الفتاح السيسي، في “طلعة” من “طلعاته الجوية”

“صفقة القرن” ليست اختراعاً من خصوم النظام الحاكم في مصر، فأول مرة نسمع بها عندما قال عبد الفتاح السيسي، في “طلعة” من “طلعاته الجوية”، إنه سيساند الولايات المتحدة الأمريكية في “صفقة القرن”، وذلك في لقائه بالرئيس الأمريكي. ولأنه يظهر أحياناً كما لو كان يخاطب القوى الغيبية، فقد ذهبنا نحاول الوقوف على “صفقة القرن” هذه. واللافت، أن أحداً من الإعلاميين الذين التقوا به، لم يسأله عن ما يقصده بـ“صفقة القرن”، التي أعلن مساندته للولايات المتحدة الأمريكية في إتمامها، ولم يسأله ترامب ماذا يقصد، فالمؤكد أنه يعرفها، والمعروف لا يعرف، ويبدو أنه سبق له أن أرسل للسيسي خطواتها، وطالباً منه وقوف مصر معه في إتمامها، فلما كان هذا اللقاء، فقد أعلن وقوفه معه!

لقد انعقد الإجماع على أن “صفقة القرن” هذه؛ هي بهدف تصفية القضية الفلسطينية، بإقامة دولة فلسطينية في سيناء وغزة، وأيضاً لم يكن هذا من خيالات المعارضة، فقد وقف الجميع على أن هناك دراسات أعدت سلفاً تؤكد على هذا. وإذا كانت بعض الوثائق أكدت موافقة مبارك على ذلك، وهناك من نفى ذلك باعتبار أن مبارك “فوتِح” إسرائيلياً، فقال لمن فاتحه: “إنسى”، فإن هذا ليس موضوعنا، فقد تم الاتفاق إسرائيلياً وأمريكياً على تأجيل ذلك إلى مرحلة ما بعد مبارك!

وإذا كان الرئيس الأمريكي بادر بإعلانه الأخير؛ بنقل السفارة الأمريكية للقدس، باعتبارها عاصمة لإسرائيل، فإن هذا لا ينفي “صفقة القرن” بل يؤكدها، وهذا القرار هو الفصل الأول منها، ليكون الفصل الثاني هو إقامة الدولة الفلسطينية في سيناء وغزة، وتطوى القضية الفلسطينية بعد ذلك للأبد، بالمخالفة للخيار القديم المطروح، وهو إقامة دولتين على الأراضي الفلسطينية المحتلة ويعد ترامب هو الرئيس الأمريكي المؤهل لذلك، وفي وجود عبد الفتاح السيسي، وربما بعدهما يتعذر إتمام هذه الصفقة المشبوهة، لنقص في شرعية كل منهما، فإنهما يعملان للاستمرار في الحكم من خلال كسب رضا الصهاينة!

ترامب سبق له أن أعلن عزمه نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في حملته الانتخابية، لكنه بدا متراجعاً بعد ذلك، لكنه في اليوم الذي أعلن فيه مستشاره السابق “مايكل فلين” عن استعداده للشهادة في ملف الاتصالات مع موسكو وقول الحقيقة بأن ترامب كلفه بهذا، في هذا اليوم؛ أعلن ترامب عن موعد اتخاذه القرار بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وبعد هذا تم الاعتراف إعلامياً بأن هذا تم بالتنسيق مع القيادة المصرية والسعودية، وباعتبار أن المصائب يجمعن المصابين، والثلاثة يعانون من أن شرعيتهم “مجروحة” وفيها لغط، فالعاهل السعودي ينتظر موافقة أمريكية على نقل السلطة لابنه، وقد أنفق الكثير من أجل هذا، وتنازل عن الكثير أيضا من ثوابت الحكم السعودي، أما السيسي وإن كان الموقف الغربي تجاوز فكرة أنه قائد انقلاب عسكري، فإنه يدرك أنه يفتقد للتأييد الجماهيري، وأنه إذا صدر الأمر من البيت الأبيض بانتخابات نزيهة، فسوف يسقط في مواجهة أي مرشح جاد!

والولايات المتحدة الأمريكية، هي من بيدها “عقدة النكاح” سواء في مصر أو في السعودية، وهذا يمثل أكبر رد على ترامب، الذي أشاد في خطابه بالديمقراطية الاسرائيلية، وتجاوز عن عنصريتها، وباعتبارها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تحكم حكما ديمقراطياً، متجاوزاً أيضاً أن بلاده هي الراعي الرسمي للديكتاتوريات العربية، وعندما جاء الربيع العربي ليعطي الشعوب حق تقرير المصير، كانت المؤامرة، وإسقاط النظام المصري المنتخب، في أنزه انتخابات عرفتها المحروسة، ثم سعت واشنطن في الأرض خراباً ومن ليبيا إلى اليمن إلى تونس، لتمنع الشعوب العربية من أن تختار حكامها، الذين ليسوا قدر هذه الشعوب أو اختيارها، ولكنهم وكلاء المستعمر الأمريكي، الذي يمارس استعماره مفتقداً لأي ميزة أخلاقية كانت تميز المستعمر القديم، سواء إنجليزيا أو فرنسيا!

فالمستعمر القديم، كان يتحمل نتيجة احتلاله للدول المستهدفة، بأن تكون المواجهة واضحة، وأيضاً بالمسؤولية عن سكان البلاد الواقعة تحت الاحتلال، فجاء الاحتلال الفرنسي لمصر بالمطبعة، واهتم بالآثار المصرية، وشيد الاحتلال الإنجليزي ثاني خط للسكك الحديدية على مستوى العالم. وببروز القوة الأمريكية، كان الاحتلال عبر وكلاء، دون تحمل أعباء أي شيء، سوى المساعدات التي تدفع لتمكين الوكلاء من الحكم والسيطرة، ولا بد من الحكم بالحديد والنار؛ لأن الشعوب إذا حكمت نفسها بنفسها، فسوف تزيح عن كاهلها التخلف المفروض عليها، والتبعية المفروضة بقوة السلاح!

والضامن لتنفيذ “صفقة القرن” هو حكم تابع في مصر ويفتقد للانتماء الوطني، وكما فرط من قبل في تيران وصنافير، لصالح إسرائيل، ولإعطاء السعودية المبرر للانضمام إلى اتفاقية كامب ديقيد، فقد فرط في حصة مصر التاريخية من نهر النيل، لضمان تخلف مصر، حتى في ظل حاكم وطني، وأيضاً لتوصيل المياه إلى اسرائيل!

ما فعله ترامب ليس منبت الصلة بصفقة القرن، كما يروج حدثاء الأسنان، ولكنه الفصل الأول منها

إن ما فعله ترامب ليس منبت الصلة بصفقة القرن، كما يروج حدثاء الأسنان، ولكنه الفصل الأول منها، لكن ومع هذا، فإن الأمور في سيناء خارج السيطرة، وهو ما كشفته أحداث مسجد الروضة في العريش. وإذا كان قرار الانقلاب العسكري هو تحويل سيناء إلى منطقة عسكرية معزولة، ليمكنه من التمهيد للمحطة التالية لصفقة القرن، فإنها - والحال كذلك - ليست مؤهلة لشيء من هذا!

سيهزم الجمع ويولون الدبر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 160 / 2165402

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165402 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010