الأربعاء 1 أيلول (سبتمبر) 2010

ضقنا بكم ذرعاً ايها الصهاينة

الأربعاء 1 أيلول (سبتمبر) 2010

ما كدت أبدأ هذه المقالة بالتصريح الاحتفالي «الموقعة ادناه صهيونية»، حتى فهمت فجأة أن هذا بالضبط هو التسويغ الذي يتمناه الوسط الفكري لـ «اذا شئتم» و«معهد الاستراتيجية الصهيونية» و«أشباههما»، فتخليت. اذا كانت الصهيونية تعني القومانية العمياء المفصولة عن كل سياق تاريخي وعالمي وانساني ـ فليست الموقعة ادناه صهيونية.

هاتان الجهتان هما رأس الحربة لتوجه جديد يجري على مفهوم الصهيونية اغتصاباً وحشياً. لم يبد هذا المفهوم قط مبتذلاً أجوف مذعوراً عدوانياً الى هذا الحد. إن «الصهيونية» في واقع الأمر على حسب «الوطنيين الجدد» لم تعد تشتمل على شيء سوى التقسيم الفظ لـ «ما بعد الصهاينة» (أي غير المخلصين، والافاقين، والمتهربين والتل أبيبيين واليساريين «محبي العرب» الذين يعارضون الاحتلال) و«الصهاينة» (أي المخلصين والوطنيين ويراد أن يكونوا مستوطنين، وكل من يغضب لسماع شيء من انتقاد الدولة والجيش خاصة واليهود عامة).

أي انقلاب مأساوي ـ ملاهاتي يحدث ها هنا. إن فئتي السكان اللتين ناضلتا (كل واحدة في زمانها وأسلوبها) الصهيونية كما تنبأ هرتسيل وكما حقق ذلك آباء «اسرائيل» المؤسسون ـ تطلبان الآن الاعتراف بأنهما الصهاينة الحقيقيون، وكل من ليس مثلهما خائن يستحق الاقصاء.

الجمهور الأول هو الحريديون. ليسوا جميعاً بل كثيرين. يظهرون في السنين الأخيرة علامات قومانية واضحة مثل كراهية متقدة للعرب بطبيعة الأمر. ولكي ندرك مبلغ تشويه مفهوم الصهيونية، حسبنا قراءة تصفحية للردود على مقالات الآراء في صحيفة «هآرتس» : يمكن أن نلحظ، بين من يشتمون الكتاب بمقالات على صورة «اذهب واسكن في غزة، فلست يهودياً ولا صهيونياً»، كما يخيّل إليّ نسبة غير ضئيلة من اليهود الامريكيين الحريديين.

والجمهور الثاني هم المستوطنون. قد يصعب بعد اكثر من 40 سنة استيطان أن نبين كم من السخرية يكمن في أن اسرائيل هرئيل، من رؤوس «غوش امونيم»، أصبح جوهر ولباب «الاستراتيجية الصهيونية». فهو والمعهد الذي يترأسه يمليان على الجمهور «الاسرائيلي» المعيار الذي يحدد من هو الصهيوني. اذا كان يوجد فعل يخالف روح الصهيونية فان الاستيطان هو تجسيده، لأن الصهيونية حركة قومانية علمانية، أرادت أن تفصل الشعب اليهودي عن العناصر الدينية ـ الخلاصية غير التاريخية، وأن تنشىء له وطناً قومياً طبيعياً وأن تضمه عضواً مساوياً في عائلة الشعوب.

ليس عرضاً أن أشد معارضي الدولة (المتدينين ـ القوميين غير الصهاينة، كما عرفهم الحاخام حاييم نفون في مقالته «بدء الأمل») ينشأون فوق تلال «يهودا والسامرة». هذا ما ولد الرباط الفتاك بين التدين الخلاصي والقومانية العنصرية. والمثل المتطرف على ذلك هو الكتاب البغيض «نظرية الملك»، الذي يعرف أشياعه من الحريديين القوميين بأنهم «يهود وصهاينة أخيار» ويزعمون ان اليساريين ليسوا هذا ولا ذاك.

مهمة الحركات القومية تحرير الشعوب من الاستعباد ومنح شعوبها الاستقلال والهوية القومية. وعندما تتم هذه المهمة، يفترض أن تمضي بصمت الى صفحات التاريخ وأن تخلي المنصة للمسيرة الحيوية التي هي بناء مجتمع طبيعي ليست الدولة سوى أداة تخدمه.

إن الجمهور العلماني والمحافظ السليم العقل («الاكثرية الصامتة») ناضج منذ زمن للمرحلة القادمة، لكن الجماعتين المذكورتين آنفاً، وقادتهما أكثر منهما (وأكثر من الجميع ساسة من «الليكود» وعن يمينهم يدركون الى أين تهب الريح السيئة)، لن يدعوه. فسيوزعون علامة «صهيوني» على من يفكر مثلهم ويسكتون الجميع.

- **«هآرتس»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2177274

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2177274 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40