الجمعة 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017

إحياء الذكرى.. يدعو للتفكر في أسبابها

الجمعة 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 par ابراهيم بدوي

مع احتفال الفلسطينيين بالذكرى السنوية لاستشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، هل أضحت القضية الفلسطينية مجرد أيام تُحيى ذكراها دون تقدم يحقق العدالة في أقدم قضية وطنية، تعبر عن شعب سرقت أراضيه واستبيحت دماؤه، وسط صمت وتواطؤ دولي مريب، فبعد إحياء ذكرى وعد بلفور المشؤوم، جاءت ذكرى استشهاد المناضل ياسر عرفات لتكون مناسبة كلامية جديدة تخرج علينا السلطة الوطنية الفلسطينية كيانا وأفرادا ليدلو الكل بدلوه، ويتحدث عن الحقوق والثوابت الفلسطينية وحرمة التفريط بها، في الوقت الذي تعلن فيه السلطة عودة التنسيق الأمني مع كيان الاحتلال الغاصب، بل يتخطى الأمر ذلك إلى دعوة رئيس جهاز الأمن الفلسطيني حركات المقاومة في قطاع غزة إلى إلقاء السلاح، مؤكدا أن اتفاق المصالحة الأخير لن يتم كاملا إلا بعد هذا التسليم المقلق، الذي تزامنت الدعوة إليه الإعلان عن عودة التنسيق الأمني.
منذ الإعلان الأول عن إتمام اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، ونحن ندرك أن هذا الاتفاق جاء بدوافع فئوية لم تقم على المصلحة الفلسطينية العليا، فكانت الموافقة عليه من حماس بناء على تفاقم الأوضاع في قطاع غزة، وفي السلطة خوفا من خطوات تتم في الخفاء لتنصيب قيادة فلسطينية جديدة ترضى عنها جهات دولية وإقليمية بعينها، ويفضلها كيان الاحتلال الإسرائيلي، خطوة جاءت في خضم عواصف ما سمي بالربيع العربي، والتي خلقت واقعا جديدا وصفه نتنياهو بفرصة كيانه التاريخية، ليقود المنطقة نحو أهدافه بالتعاون الإقليمي الذي أضحى لا يخفى عن أحد.
لذا فعلى الفلسطينيين ـ الذين يتشدقون برمزية الشهيد البطل أولا قبل إحياء ذكرى استشهاده ـ تحقيق ما استشهد من أجله وناضل عقودا كبيرة لتحقيقه، وأعتقد أن التنسيق الأمني ليس من بين هذه الأهداف. فالتنسيق الأمني في الضفة كان ولا يزال إحدى أدوات كيان الاحتلال في تدجين الشعب الفلسطيني المقاوم بطبعه، وكان الانتشار الواسع لسرطان الاستيطان، إحدى نتائجه المباشرة، فبرغم الإرهاب الذي مارسه كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني منذ 1948 إلا أنه كان يخشى مقاومة فلسطينية في الضفة منعته من تطوير خططه الاستيطانية، التي كانت معدة سلفا.
فربط القدس المحتلة ببؤر الاستيطان بالضفة أو ما يسميه كيان الاحتلال بالقدس الكبرى أحد المخططات الإسرائيلية، التي بدأت مع هذا الكيان المجرم، لكنها منعت بإرادة مقاومة فلسطينية، على مدى عقود، فالتف من ورائها الكيان ليسوق وهم أوسلو، الذي وقع الفلسطينيون جميعا أسرى في شراكه عبر تمنية الأنفس بزعامة وهمية وشعارات جوفاء عن حل الدولتين، الذي أطلقه الكيان الغاصب عبر حلفائه ومن ثم أعلن نهايته مع قرب إتمام المطلوب منه، خاصة الوثوب فوق القضية الفلسطينية، وبناء تحالفات مزعومة سيدفع المشاركون فيها ثمنا كبيرا، مثلما دفع الشهيد الفلسطيني حياته ثمنا لتصديق وهم أوسلو، وكان قتله وأسر مانديلا فلسطين مروان البرغوثي ثمنا لمحاولة الوقوف في وجه أوسلو وإبقاء النضال الفلسطيني في دوائر المقاومة.
ولكن إن كان الأوان قد فات، فإن الحقيقة الأكيدة هي أن كيان الإرهاب الإسرائيلي قد تسلل عبر التنسيق الأمني ليمسك بكافة الخيوط المقاومة، واستطاع تصفيتها جميعا، وكان استشهاد الرئيس عرفات وأسر البرغوثي، وتهجير وطرد كافة الأصوات المقاومة إيذانا بتدجين الضفة، وكان هجوم جنين وما يماثله إحدى أدواته لقتل وإرهاب غير الموافقين على التنسيق الأمني، وهو ما يحاول أن يفعله في غزة التي لا تزال تقلقه رغم المعاناة التي فرضها على أهلها، ويسعى عبر سيف التنسيق الأمني المصاحب إلى الدعوات لتسليم أسلحة المقاومة إلى إدخال القطاع إلى حظيرة أوسلو وفرض من يرضى عنهم من قيادات فلسطينية عليه.
إن إحياء ذكرى استشهاد عرفات أو وعد بلفور المشؤوم لن يكون حقيقيا، إلا بعد إدراك الفلسطينيين جميعا ومن خلفهم العرب، المسببات الحقيقية لهذه المآسي، فأوسلو بدل أن يعطي السلطة الفلسطينية السلطة الحقيقية عمل على تجريدها منها، وهو ما أدى لاستشهاد عرفات الذي أيقن وقتها أن متطلبات أوسلو بها بذرة القضاء على القضية الفلسطينية، وأن وعد بلفور ما كان ليتحقق لولا أن صدق العرب أكاذيب بريطانيا والحلفاء وساعدوهم، لتتسلم بريطانيا القدس وتسلمها بدورها إلى هذا الكيان الإسرائيلي المجرم، وما أشبه اليوم بالبارحة!!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 45 / 2165884

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

2165884 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010